فيما مازالت "دفاتر الخلفي" لإصلاح الإعلام الرسمي تنتظر تأشيرة القصر للمرور بعد تنقيحها وإفراغهما من محتواها، يتقدم التونسيون بخطى عملاقة في بناء إعلام تلفزيوني مستقل أصبح يضاهي في آدائه الإعلام التلفزيوني في الدول الديمقراطية، ولا أدل على ذلك إلا بوجود برنامج "ليكينيول دي ماغريب"، المنقول عن قناة "كنال بلوس" الفرنسية، والذي يتهكم بطريقة ساخرة من السياسيين. وقبل تونس سبقت لبنان العرب في نقل هذه التجربة التي تدل على مدى اتساع هامش حرية التعبير في بلدان عربية مثل لبنان تونس. وبما أن الإعلام أصبح سلاحا عابرا للقارات لايمكن مواجهته إلا بسلاح ردع إعلامي مستقل ومنفتح ومتطور ومهني، لم يعد اليوم الحل يكمن في الانكفاء على الذات وقمع الإعلام الداخلي. فما هو ممنوع ومحظور في الداخل أصبح مسموح به في الخارج. كما أن الجمهور المستهدف لم يعد "محجورا"عليه كما في السابق، وذلك بفضل تقدم تقنيات التواصل الحديثة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة. اليوم قامت تلفزة تونسية (قناة نسمة) بالسخرية من رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بنكيران، وهو ما لايمكن أن يتحقق على تلفزات المغرب الرسمية، وغدا ربما قد تسخر تلفزيونات أخرى ممن هو أكبر من بنكيران، ولن تخشى في ذلك أن تشمع أو يعتقل صحافيوها أو أن يغلق عنها صنبور الإشهار...