أثار مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة سيلا من ردود الأفعال ضده، مباشرة بعد تسريب بعض نصوصه من قبل صانع المحتوى المعروف ب”سوينكا”، إذ أثارت هذه النصوص موجة من الانتقادات اللاذعة للقانون وللحكومة، واعتبره العديد من النشطاء قانونا يهدف إلى تكميم الأفواه. وتنص المواد المسربة من مشروع القانون على معاقبة من يدعو عبر شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو الخدمات أو التحريض علانية على ذلك، كما يعمد مشروع القانون إلى معاقبة من يحرض على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها، إضافة إلى من ينشر أخبارا زائفة متعلقة بالتشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع…، وتتراوح عقوبة مرتكب هذا الفعل بين الغرامة والعقوبة الحبسية التي تصل إلى 3 سنوات.
هذه النصوص أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وأدت إلى تصدر هاشتاغ “#ماساكتينش” و“#يسقط_القانون_22.20“، مصاحبا لكثير من التدوينات التي رأت في المشروع ضربا لحرية الرأي والتعبير، واستغلالا للظرف الاستثنائي الذي يمر منه المغرب بسبب الحجر الصحي، من أجل تمرير هذا المشروع، الذي “سيجعل الجميع في سراح مؤقت”، كما استحضرت بعض التدوينات تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي حذر من استغلال الحكومات للحجر الصحي لاتخاذ تدابير قمعية لا علاقة لها بكورونا، كما دفع البعض إلى ربط مواد المشروع بحملة المقاطعة التي استهدفت مجموعة من المنتجات في المغرب، والتساؤل عما إذا كانت لأصحاب هذه المنتجات يد في وضع هذا المشروع، في حين اكتفت تدوينات أخرى بنشر الفصل 25 من الدستور الذي ينص على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة”. وتعليقا على هذا الأمر قال عمر الشرقاوي أستاذ القانون بكلية الحقوق بالمحمدية “نحن لسنا أمام قانون لتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي، نحن أمام القانون الجنائي لمواقع التواصل الاجتماعي، نحن أمام تجريم التواصل الاجتماعي بتوابل قانونية تتحدث عن احترام الدستور. المشروع مجزرة حقيقية لحقوق الإنسان، يتضمن 25 مادة من بينها 22 مادة جزاءات إدارية وعقوبات حبسية وغرامات مالية. الله يخليكم اللي عندو شي فيسبوك يسدوا بعد هذا القانون”. بدوره دون الناشط الحقوقي خالد البكاري على صفحته بالفيسبوك قائلا “ببساطة ما تسرب من مشروع قانون تقنين وسائط التواصل الاجتماعي إذا داز فالبرلمان، فغنزيدو نتأكدو بلي عندنا حكومة الشمايت (لي كتصادق على مشاريع تنتهك حرية الرأي بالتخبية، وبلا ما تمتلك الشجاعة تواجه الرأي العام، لولا سوينگا لي سرب هاد زوج ورقات، وفي استغلال بشع لانشغال كلشي بكورونا والحجر الصحي)، وغنزيدو نتأكدو بلي عندنا برلمان يمثل مصالح صحاب الريع والثروة وفقط، وهاد مشروع القانون إذا داز باش يدبح هاد شوية د الهامش لي كاين فالسوشل ميديا، خاص نطيحو باباه هنا فالفيسبوك وتويتر وما جاوره”. وعلق عبد العالي حامي الدين القيادي بحزب العدالة والتنمية على الموضوع قائلا “قبل إحالة مشروع قانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي على البرلمان، وفي غياب حالة الاستعجال، يتعين على وزير العدل إعمال المقاربة التشاركية في مدارسة مقتضيات هذا المشروع مع كل من النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمجلس الوطني للصحافة والجمعيات الحقوقية الوطنية والجمعيات المدنية المهتمة بحرية الإعلام ومدراء نشر الجرائد والمواقع الوطنية، وذلك احتراما لما جرى به العمل بالنسبة لجميع مشاريع القوانين المماثلة، التي أشرفت عليها وزارة العدل والحريات في المرحلة السابقة”. ومن جهتهم أكد العديد من البرلمانيين عدم معرفتهم أو توصلهم بهذا المشروع أو الاطلاع على مضامينه باستثناء ما تم تسريبه وتناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ذلك تعليق البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين التي أكدت أن “مشروع القانون لم يحل بعد على البرلمان، وكل ما نعلمه عنه هو ما أورده بلاغ مجلس الحكومة بتاريخ 19 مارس الذي أكد المصادقة على النص الذي تمت مدارسته بعد تقديمه من طرف وزير العدل، على أساس الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة حوله من طرف اللجنة التقنية واللجنة الوزارية المشكلتين لهذا الغرض، وبذلك، لا علم لنا بمضمون المشروع الذي سيعتمد رسميا ما دام لم يحل على البرلمان من طرف رئيس الحكومة وفقا للشكليات الدستورية المتعلقة بمسطرة المصادقة البرلماني”. وأمام هذا الموقف انتقد عزيز إدمين الناشط الحقوقي “رفع مجموعة من البرلمانيين من مسؤوليتهم بخصوص مشروع القانون 20.22 المتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي بكونه لم يصل للبرلمان بعد” معتبرا أن هذا النقاش “مغلوط”، لأن “أي مشروع قانون يهم الحريات والحقوق عليه أن يناقش على أوسع نطاق قبل عرضه على المجلس الحكومة، بمجرد أن مشروع قانون يحمل رقمه الرسمي؛ أي 20.22 بمعنى أنه وصل للأمانة العامة للحكومة كنص متكامل وتم اعتماده من قبل الوزير المعني”، وحمل إدمين المسؤولية الأولى “للوزير الاتحادي وزير العدل، لكونه ضرب بعرض الحائط المبدأ الدستوري والمتعلق بالمقاربة التشاركية، حيث كان من المفروض أن يطلب رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان وليس كما يكتب البعض المجلس الوطني للصحافة، لكون القانون يناقش الحريات العامة في ولايتها الشاملة وليس مجرد موضوع الصحافة أو ممارسة المهنة” إضافة إلى أن “المجلس الوطني لحقوق الانسان مؤسسة دستورية ولها قوة معنوية إلزامية للحكومة وليس كمجلس الوطني للصحافة الذي ليس مؤسسة دستورية”، موضحا أن وصول المشروع إلى البرلمان يعني تفويت فرصتين،” الأولى لدى وزير العدل، والثانية أمام المجلس الحكومي، وتبقى الفرصة الأخيرة لتغيير القانون أمام الفرق البرلمانية ضئيلة جدا نظرا للسوابق التي أكدت أن البرلمان ما هو إلا مكتب الضبط لدى الحكومة في عدد من القوانين”. ورغم هذا النقاش الذي وصل إلى وضع عريضة للمطالبة بإسقاط المشروع، لا تزال الحكومة لم تصدر أي بلاغ أو توضيح بخصوص هذا الأمر، خاصة وأن هناك أكثر من نسخة للمشروع، كما لم تتضح بعد التعديلات التي طرأت عليه، بعد المجلس الحكومي الذي صادق عليه في 19 مارس الماضي.