أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي عن حقوق الإنسان بالمغرب في سنة 2019. التقرير الذي ورد في 82 صفحة، أكد فيه المجلس أن ظاهرة الإضراب عن الطعام قد تفاقمت في السنوات الأخيرة بالسجون المغربية، حيث تابع المجلس بانشغال حالات الوفيات الناجمة عن الإضراب عن الطعام، كحالة شخص يدعى “يوسف أشقري بكدوري” توفي بالمستشفى جراء تبعات إضرابه عن الطعام، بعد إدانته بأربع سنوات حبسا نافذا من أجل تهمة الاتجار بالمخدرات، إذا خاض اضرابا عن الطعم بدعوى أنه بريء من التهم الموجهة إليه.
كما رصد المجلس حالة أخرى لسجين توفي نتيجة إضرابه عن الطعام بالعرائش، مشيرا أن لجنته الجهوية بطنجة – تطوان – الحسيمة قامت بزيارته بزيارة من أجل تفقد أحواله بمستشفى العرائش بتاريخ 9 غشت 2019، فور تلقيها شكاية محالة من المصالح المركزية للمجلس، تفيد أن المعني بالأمر يوجد بالمستشفى نتيجة تدهور وضعه الصحي، ومباشرة بعدها توفي السجين يوم 12 غشت 2019 بمستشفى “اللا مريم” بالعرائش جراء إصابته بإسهال حاد. وسجل المجلس في تقريره نقصا على مستوى القواعد التدبيرية لموضوع الإضراب عن الطعام، مؤكدا أنه بالنظر إلى تفاقم هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة، فإنه سيعكف على إنجاز دليل يحدد أدوار المتدخلين بهدف التدبير الجيد لمثل هذه الحالات. وتحاشى المجلس في تقريره الإشارة إلى الإضرابات التي خاضعها معتقلو حراك الريف الموزعون على عدة سجون بالمملكة. التعذيب وأكد المجلس في تقريره أنه حريص على تتبع الحالات المعنية بالمساس بالسلامة الجسدية للأشخاص، وخاصة المحرومين من الحرية، من خلال الشكايات المتوصل بها من المعنيين أو من ذويهم، أو عن طريق رصد ما ينشر في وسائل الإعلام أو في بعض التقارير المنشورة. وأشار أنه توصل ب 20 شكاية تتعلق بادعاءات التعذيب و58 تتعلق بادعاءات سوء المعاملة أو المعاملة المهينة، وعمل على دراسة هذه الشكايات، والتواصل مع المشتكين والاستماع إليهم وإلى إفادات ذويهم، وتمت مراسلة الجهات المعنية بخصوص هذه الادعاءات، وكذا القيام بزيارات ميدانية للتحري في هذا الشأن، كما تم في إطار المتابعة إحالة 17 شكاية تتعلق بادعاءات التعذيب و49 شكاية تهم ادعاءات سوء المعاملة على اللجان الجهوية من أجل استكمال المعطيات وتتبع الحالات، في حين عالج المجلس على المستوى المركزي باقي الحالات والبالغ مجموعها 3 بالنسبة لادعاءات التعذيب و9 بالنسبة لادعاءات سوء المعاملة. وأبرز المجلس أنه تفاعل مع ما تداولته بعض المنابر الإعلامية في 26 يناير 2019 حول الوضعية الصحية لناصر الزفزافي قائد حراك الريف، بالسجن المحلي عين السبع 1 بالدار البيضاء، حيث انتدب فريقا ضمنه طبيب شرعي للتحري بخصوص ادعائه الإهمال الطبي، وعمل الفريق الزائر على الاطلاع ملفه الطبي وعقد لقاءات مع إدارة المؤسسة السجنية، ومع الطبيبين العاملين به، كما تم إخضاعه لفحص طبي والاطلاع على تسجيلات ما وقع يوم 26 يناير 2019. وخلص المجلس إلى أنه تم إجراء سبع فحوصات طبية على ناصر الزفزافي، وأوضح تقرير الطبيب الشرعي المنتدب من طرف المجلس أن حالته الصحية لا تثري القلق، وأوصى إدارة السجن باستكمال الفحوصات الإضافية، وهذا ما حدث حيث نقل إلى مستشفى “الشيخ زايد” بالرباط لاستكمال الفحوصات، واستنتج المجلس بعدها أن الفحوصات الطبية التي تم إنجازها لا تتوافق وتصريحات المعني بالأمر من حيث ادعاءات التعذيب. وأشار المجلس أن ” ناصر الزفزافي” صرح في وقت سابق بأنه تعرض للضرب بعصا أثناء إيقافه، ما أدى إلى إصابته على مستوى فروة الرأس تم علاجها في وقت لاحق، وأضاف بأنه بعد تقييده ويداه خلف ظهره، تلقى لكمة على مستوى عينه اليسرى وأخرى على البطن في حين أدخل شخص آخر عصا بين فخذيه فخذيه فوق ملابسه، وأكد أنه تلقى اللكمات والركل على مختلف أنحاء جسمه، وصرح للطبيب الشرعي أنه كان يفضل أن يعذب بدل أن يهان لفظيا”. وأضاف التقرير “وأكد طبيبان أن ما تعرض له يمكن أن يعزى لاستخدام غير متناسب للقوة أثناء الإيقاف وأوصيا بإجراء تقييم وتتبع نفسي لجميع السجناء، في حين صرح محاموه أنه لم يتعرض إلى تعنيف أو تعذيب حينما أحيل على الفرقة الوطنية”. وأكد المجلس أن تقريره الموضوعاتي حول احتجاجات الحسيمة سيتناول بالتفصيل حالة ناصر الزفزافي وحالات أخرى ذات صلة بهذه الاحتجاجات. صعوبات في التطبيب ومتابعة الدراسة وتطرق المجلس في تقريره لست ادعاءات تعذيب من 6 سجناء موزعين على سجون مختلفة، منها سجين معتقل بالسجن المحلي “راس الماء” بفاس، ادعى تعرضه للتعذيب من طرف رئيس الحي بالسجن، بعد أن قام بالاحتجاج على عدم استفادته من إعادة تصنيف السجناء، ودخوله في إضراب عن الطعام وتكميم فمه كشكل من الاحتجاج، حيث عمد موظفو المؤسسة السجنية إلى وضعه ليلة كاملة بالحمام وتعذيبه عن طريق "الفلقة" مدة ربع ساعة، وتم حرمانه من الهاتف ومن التطبيب، وسجل المجلس أنه من خلال الاستماع للمعني بالأمر وكذا المعطيات التي تم تجميعها خلال الزيارة، وجود تضارب في تصريحات المعتقل بخصوص تاريخ وقوع ادعاءاته، ووقت حصول الاعتداء عليه، وانعدام وجود آثار الضرب. وسجل المجلس وجود صعوبات يعاني منها بعض المعتقلون فيما يخص التطبيب والحصول على الأدوية، ومتابعة الدراسة وخصوصا التسجيل في الجامعة، وعدم توفير المقررات الدراسية. وشدد المجلس على أنه تفاعل مع ما نشرته بعض المنابر الإعلامية بخصوص ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة الصادرة عن بعض أفراد عائلات المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة بالمؤسسات السجنية التي تم نقلهم إليها كإجراءات تأديبية. وأوضح أن فريقا من المجلس مكون من بعض أعضائه وأطره وطبيب شرعي قاموا، يومي 7 و8 نونبر 2019 ،بزيارة للمؤسسات السجنية بتيفلت 2 وتولال بمكناس، وراس الماء بفاس، وعين عيشة بتاونات، وسجني تازة وكرسيف للتحري بشأن هذه الادعاءات. زنازين تأديبية مزرية وأكد المجلس أنه أجرى لقاءات على انفراد مع كل معتقل من المعتقلين بأماكن تضمن السرية، كما أجرى فحصا طبيا على جميع المعتقلين المعنيين، واطلع على تسجيلات كاميرات المراقبة عند وقوع الأحداث. وأضاف ” أنه من خلال مشاهدة تسجيلات الفيديو، تحقق الفريق الزائر أنه في يوم الخميس 31 أكتوبر 2019 ،رفض المعتقلون الستة مغادرة الفناء بجوار مركز المراقبة والعودة إلى زنزانتهم لأكثر من ساعتين؛ وهو ما أكده المعتقلون خلال المقابلات الفردية، وتأكد من خلال المعلومات التي قام المجلس بتجميعها، وقوع مشادات بالفعل بين حراس السجن واثنين من المعتقلين، أسفرت عن كدمات بالنسبة لمعتقلين اثنين، وشهادات توقف عن العمل بالنسبة للحراس، فيما أكد أنه لم يتم تسجيل أب اثر للتعذيب في حق المعتقلين. وشدد المجلس في تقريره أنه خلال الزيارات التي قام بها الفريق الزائر إلى سجني تولال 2 وعين عائشة، وقف على الظروف المزرية للزنزانات التأديبية، التي لا تتوفر فيها الإنارة والتهوية. توصيات وقدم المجلس عدة توصيات في الشق المتعلق بالتعذيب بهذا التقرير، منها تقوية آليات مكافحة إفلات مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة من العقاب نظرا لخطورة جرمية التعذيب، خاصة وأنها ترتكب غالبا من طرف مرؤوس تحت الرقابة الفعلية لرئيس أو من يقوم مقامه، أن يعاقب بنفس العقوبة المتعلقة بجرمية التعذيب، الرئيس الذي كان على علم بأن أحد مرؤوسيه أو من يعملون تحت إمرته ورقابته الفعليتين قد ارتكب أو كان على وشك ارتكاب التعذيب، أو تعمد إغفال معلومات كانت تدل على ذلك بوضوح، أو كان يمارس مسؤوليته ورقابته الفعليتين على الأنشطة التي ترتبط بها جرمية التعذيب. عدم التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة من سلطة عامة مدنية أو عسكرية أو غريها لتبرير جريمة التعذيب، وإضافة مقتضى جديد في مشروع القانون الجنائي ينص على عدم تقادم جرمية التعذيب، وملاءمة تعريف جريمة التعذيب مع التعريف الوارد في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وخاصة ما يتعلق بالعلاقة بين مرتكب الجرمية والسلطة العمومية. كما أوصى أيضا بإعمال المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب المتعلقة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تفيد ارتكاب جرمية التعذيب، دون الحاجة إلى شكوى كتابية، ونشر نتائج التحقيقات التي تقوم بها النيابة العامة حتى لو تنازل المشتكي عن شكاية ادعاء التعذيب إعمالا للمبدأ الخامس من مبادئ الأممالمتحدة المتعلقة بالتقصي والتوثيق الفعليين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة.