أطلق كل من ادريس لشكر الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي و عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة نقاشات سياسية سفيها، حول ضرورة تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، لتدير المرحلة السياسية إذا ما استفحلت أخطار الجائحة، بشكل يؤثر على انتخابات 2021. و الحال ان هذا النقاش المغلوط يوضح حجم الافلاس السياسي للقيادات الحزبية التي تتمادى في اطلاق العنان لخرجاتها الشعبوية. حيث أننا لا نجد لها اساس في النسق الدستوري المغربي. و هذا ما يبرهن على أنهما مولعان بالنقل دون استعمل العقل، كما يكشف عن انتهازية سياسيوية مرفوضة، نتيجة تغليب المصالح الشخصية الذاتية للثنائي الدوغمائي، وكأنهما يحكمان على المجهودات المبدولة من طرف الدولة بالفشل ويحملانها مسؤوليته. فمن أجل إشباع نزوات فردية، يعمد هذا الثنائي المتهافت إلى محاولة توريط اكبر عدد ممكن من الأطراف السياسية.وذلك سواء قبلت هذه الأطراف المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية المزعومة أو رفضت ذلك لأنّ الرفض في حد ذاته سينظر إليه كهروب من تحمل مسؤولية إنقاذ البلاد. في حين انها ليست الا محاولة رخصية لتحقيق الطموحات شخصية للثنائي الدوغمائي الراغب في الاستوزار عبر تطبيق خدعة الهروب الى الامام و ها نحن نراهما يتناطحان فيما بينهما حول من له سبق طرح الفكرة الجاهلة على الدستور. فإذا كانت الغاية من حكومة الوحدة الوطنية هو تحقيق قرارات سياسية تكون بإجماع الكل لمواجهة الوباء كما يدعي لشكر و وهبي، فأعتقد أن ذاك هو الحاصل حاليا، بفضل الاجراءات الملكية العظيمة لمواجهة الوباء و قراراته المؤسساتية التي ضمنت السرعة و الفعالية ببعد إنساني لا مثيل له. و ما على الفاعل الحزبي إلا الإخلاص في أداء مهامه الدستورية حتى لا يتسبب للمغرب في الكارثة. و الحقيقة أننا في ظل هذا النقاش السياسوي الرديء بالمغرب، يتأكد عدم تحمل الاحزب السياسية لمسؤولياتها الدستورية لأنها تسير بمنطق الغنيمة السياسية حتى في أزمة كورونا، مما يجعلها تجد صعوبات في استعادة الثقة و الانخراط في النهج المؤسساتي السليم. و لنا العبرة في ما يعرفه التحالف الحكومي من صراع بين الأحزاب المشاركة فيها، و كذلك تلك المتواجدة في المعارضة. ان دعوات ادريس لشكر و عبد اللطيف وهبي تضمنت إشارات سلبية على أن الوضع يسير نحو اهتزاز اجتماعي يقتضي وحدة الأحزاب دون تقديم برنامج علمي عملي. مما يؤكد على حالة الترهل الحزبي، و عدم فهم هذه القيادات الشعبوية لطبيعة النظام السياسي المغربي، الذي تعد فيه الملكية ضامنة للاستقرار. و نتيجة رذيلة التسرع و التهافت الذي جعلهما لم يستوعبا السياق السياسي و الاقيلمي والدولي الذي تمر به بلادنا المحتاجة للتوازن و حماية الاختيار الديمقراطي الذي يناضل من أجله الملك محمد السادس. و بالتالي فإني أجزم بخطورة هذه الصيغة (حكومة وحدة وطنية) على المؤسسات والخيار الديمقراطي والمكتسبات المحققة، و إدخال البلاد في متاهات الأحزاب التي ليست لها القدرة على إبداع حلول جديدة. و ربما يتناسي الثنائي الدوغمائي أن المملكة المغربية لم تعلن عن حالة الإستثناء و إنما نحن في تدابير اسثتنائية بسبب فيروس خطير على الصحة. هذا بالإضافة إلى أن حديث لشكر و وهبي و ترويجهما لمثل هذه الصيغة في المغرب يحمل خطورة كبيرة تتجسد في زرع الشك في مناعة النظام السياسي بالمغرب، و تتمثل في إضفاء الشرعية و المشروعية لصالح قوى لا تؤمن بالشرعية المؤسساتية باسم الثورة أو القومة خارج المؤسسات. لذا فابتداع مثل هذه الصيغ التي لا تجد سندها في الدستور المغربي هي مغامرة خطيرة يمكن أن تؤدي بنا نحو المجهول. هذا دون أن ننسى أن رئيس الدولة وفق الصلاحيات الموكلة إليه بموجب روح ومنطوق الدستور، هو الضامن للاختيار الديمقراطي، الذي يوطد و يصون المكاسب التي حققتها بلادنا في هذا المجال. باعتبار الملك هو المؤتمن على المصالح العليا للوطن والمواطنين، ومن خلالها يمكن تجاوز وضعية الجمود الحالية. خبير دستوري