عادت إلى ذهني صورة "الكوافورات"، وأنا أتابع عن كثب سقوط الرئيس التونسي وزوجته الكوافورة في الأصل، أصبحت المرأة تنتمي إلى مهنة الحلاقة والتجميل فجأة، وسقط عنها لقب السيدة الأولى لتونس وحرم السيد الرئيس "لهلا يتالي بنا الأيام"، ولعل مهنتها القديمة لم تطفُ على السطح إلا مع سقوط القناع وكل أقنعة الماكياج، التي سحقها غضب الشعب التونسي. الكوافورات عادة خدومات لحلاحات، واللحلاحة كما يقول المثل المغربي غلبت السحارة. عادت إلى ذهني صورة "الكوافورات"، وأنا أتابع عن كثب سقوط الرئيس التونسي وزوجته الكوافورة في الأصل، أصبحت المرأة تنتمي إلى مهنة الحلاقة والتجميل فجأة، وسقط عنها لقب السيدة الأولى لتونس وحرم السيد الرئيس "لهلا يتالي بنا الأيام"، ولعل مهنتها القديمة لم تطفُ على السطح إلا مع سقوط القناع وكل أقنعة الماكياج، التي سحقها غضب الشعب التونسي. الكوافورات عادة خدومات لحلاحات، واللحلاحة كما يقول المثل المغربي غلبت السحارة. لا ضير أن تكون امرأة الرئيس كوافورة، مشكلتها أنها لم تكتف بحلق رأس زوجها فقط بل تطاولت على رؤوس الآخرين، خاصة أنها رؤوس ملايين من أفراد الشعب المقهور، وعلى العموم فشعر زين العابدين لم يكن يحتاج لتسريح فهو رطب سلس أضفت عليه الكوافورة زوجته بعض الصباغة ليصبح رأسا أسودا فاحما يوهم الناظرين أنه لا زال رأسا يافعا في الثلاثين، هل كان بن علي ضحية الاسترخاء في حضن الماساجات وغسل الرأس الذي تتقنه الكوافورات، فترك لها الجمل بما حمل، بل وبلدا بكامله تتصرف فيه كما تشتهي، لأنها تمكنت من قلب الرئيس واستبدت به وبالعباد؟ وقد لاحظنا منذ اندلاع الثورة حنق التونسيين على زوجة الرئيس وأهلها الطرابلسيين لدرجة هتفوا عاليا "يا ليلى يا الحجامة فين فلوس ليتامى". لم يكتب لي أن أرى تونس بعد رغم القرب، لكن الكل يعرف تونس الخضراء الجميلة والنظيفة، الكل يحلم أن يمضي أيام استرخاء في حماماتها وطبيعتها النظرة، اليوم تحولت تونس إلى حمام دم تعرت فيه الخضرة لتنبت شوكا يابسا من عهد باد تتطلع اليوم لمستقبل أفضل. ليلى الطرابلسي صنعت الحدث فهي على ما يبدو حكمت تونس وصارت عنوان أقلام وكتابات عديدة، المرأة كانت داهية رغم أن اختصاصها هو الحلاقة والتجميل، هذه المهنة الصغيرة التي اكتسحت العالم من خلال الاعتناء بالجمال الذي يكاد أيامنا هاته يتحول لحق من حقوق الإنسان. الكوافورات لطيفات رقيقات مستعدات لكل الخدمات تقريبا لإرضاء الزبونات. كواليس الصالونات الراقية تحمل أسرارا وأسرارا وتؤسس لعلاقات اجتماعية واسعة ومتشعبة. في المغرب وإلى وقت قريب أطاحت رقية أبو عالي بقاضٍ عتيد وجعلت القضاء في المحك، وفي تونس شهدنا سقوط الرئيس بسبب ليلى الكوافيرة الطموحة، التي اخترقت عالم المال والأعمال والسياسة وفرت هاربة تحمل أكياسا من الذهب، الذي لم تجمعه بحر عرقها تحسبا لليوم الأسود في حياتها كما قد تفعل النساء العاديات، بل أخذته من أموال الشعب، إنه حدث تاريخي لسقوط امرأة حلمت بالسلطة والنفوذ ونسيت أنها مجرد امرأة عادية، بداية اختصاصها تجميل الرؤوس لكن الرأس الفارغة مهما جملت تسقط لا محالة. أيتها الكوافورات أنتن رائعات في تجميل عيوبنا وإظهار زينتنا في المناسبات السعيدة، لكن لطفا من حقكن أن تحلقوا الرؤوس لا أن تطيحوها "كلها يمد رجلو على قد لحافو"، لكل منا مهمة في هذه الحياة عليه أن يخلص لها، بعض الطموح الزائد كيخرج على مولاه وما أكثر الطموحات والطموحين للقمة بأية وسيلة وبأسرع الطرق، شوفوا ليلى وتعلموا. وعلى حد تعبير أغنية سعيد موسكير الجميلة "دقة دقة الى بغيتي توصل". ما أجمل الوصول للقمة فعلا، لكن الأجمل أن تحافظ على القمة ويتوجك الآخرون سيدا عليهم، حين يؤمنون بأنك خدمتهم فعلا وكنت معهم لا عليهم وأنك الغني الثري بماقدمته من تضحيات من أجلهم لا أن تضحي بهم من أجل سعادتك أنت ومن معك، فللظلم حدود على مقاس أغنية للصبر حدود لسيدة الطرب أم كلثوم رحمها الله التي أخلصت وأبدعت في مهمتها ومجالها فعاشت في القلوب إلى الأبد.