إن اهم شئ يثير الانتباه، بعد مرور العاصفة ،التي آرقت الكثيرين ممن أوكلت اليهم مسؤولية ضبط الامن ، والتعاطي مع الاحتجاجات، هو تراجع تدريجي لفاعلية الحراك الاجتماعي ، بشكل اثبت عمق الازمة، في العمل السياسي الهش ، من جهة, ومن جهة اخرى أثبت بالملموس ان شروط عمل سياسي رسين لم تنضج بعد،، مما يؤكد ان هناك عمل موازي ، على مستوى البنية الفوقية ، متقدم عن عمل القاعدة الجماهيرية ، التي اصيبت بيأس كبير ، وفقدان للثقة قي التحرك ،والمغامرة في اي مواجهة غير محسوبة العواقب مع النضام ، المتميز في تعاطيه مع الازمات , الاجتماعية باللبس وعدم الوضوح ،اضافة الى ضعف المؤسسة القضائية في تحديد المسؤوليات في حالة وقوع احداث او وقائع تفرض تدخل جهاز القضاء، الدي ينقصه الكثير ،من اجل إحقاق الحق والعدالة, ومنه تنعرج الامور في اتجاه الحلقة الأضعف ، فيتم توجيه القضاء في اتجاه الترهيب و والأنتقام ، وهدا طبعا سيكون على حساب اناس قد يكون لادنب لهم سوى حضهم العاثر, قد قادهم في دلك الاتجاه ، او اناس بدون وساطة او تدخلات تقيهم شر المحنة، انه قانون الاقوى . إن الواقع السياسي المغربي من خلال مقارنات بسيطة ، او من خلال بحث وتدقيق في حجم المطلوب ، مقارنة مع الارث التاريخي , الدي يوضح ان المؤمورية لأي اصلاح بنيوي معقدة جدا الى حدود الاستحالة ، كيف؟ ان البنية الاجتماعية المتميزة للمجتمع المغربي و الراسخة في التاريخ العربي الاسلامي، تأكد انه متشبت بواقعه ،ونضم حكمه ،وغير معني بالرجات وكل المتغيرات الاقليمية والدولية ، مما يعكس حجم التخلف الدي كان يوجد عليه تقريبا كل المجتمع العربي الاسلامي، والمغرب جزءا منه ، مما دفع بالمستشرقين الى التفكير في الاستعمار، وتوجيه جيوشه وطاقاته من اجل نهب خيرات لم يكن بإمكاننا في تلك المرحلة استغلالها،وحتى بالعودة الى تاريخ الفكر السياسي العربي نكاد نجزم بغيابه،حيث توالت الدول والمماليك بسبب ضعف الدولة إما بالمجاعة او الأوبئة، مما يأكد غياب اي حركة فكرية ،ثورة اجتماعية على اساس فكري ونضري،يؤسس لنواة عمل سياسي مغربي . وبالعودة الى الواقع المعاصر، ومع ضهور مؤسسات مع ادارة الحماية، كان لابد من مسايرة هدا الركب المتقدم جدا،ومنه ضهرت بنيات اجتماعية وسياسية فوقية مثل احزاب ، ونقابات،وجمعيات ، هي تتشكل من نخبة في المجتمع هي بدورها متقدمة جدا عن ركب المجتمع ، الغارق في الوهم والتخلف ، ، الشئ الدي عقد التفاعل مع الواقع ، مما كرس سياسة الترقيع والتعاطي مع الواقع بشكل فج وكما هو ، بإعتباره جامد وغير قابل للتغيير ، وإنطلاقا من هدا الفهم بدأت عملية مسخ وتشويه اي عمل سياسي، اوجتماعي ،بدعوى اننا شعب غير واعي ،وشعب لا يقبل الاصلاح، وشعب يكره التقدم،لتتوالى سياسات خاطئة، مبررها اصلا غير منطقي مما قزم العمل السياسي وأفرغه من محتواه ، وفي ضل هده الازمات المتراكمة ضهرت العديد من الطفليات ، لتنتعش في هدا الجو العاكر.،مما يفسر غياب طاقات كثيرة مغيبة عن المشهد، إما بسبب يقينها عن عدم قدرتها عن تقديم اي اضافة في اطار البنية السياسية القائمة،او بسبب إفشال وتسفيه اي عمل سياسي جاد ، ناهيك على احتكار الاعلام وتوجيهه وفق رؤية واحدة بعيدا عن التنافس ، والاجتهاد من اجل النهوض ومسايرة التطور المتسارع في كل الاتجاهات. لكن المتتبع للحياة السياسية الراهنة يحس بإريتاح ربما، وأن هناك نية للإنفتاح وتوجيه البوصلة الى رئاسة الحكومة، والتخلص شيئا فشيئا من التمركز في اتخاد القرارات الاستراتيجية ، في اعتقادي لابد من انتضار نضج تدريجي لمسايرة التغيير المنشود. وبرغم اختلافنا مع السياسة العامة وبنياتها المتشابكة ، نبقى كلنا مسؤولون كل حسب حجمه ، ودوره، لانه حسب المفكر اليوناني اريسطو"المجتمع ما هو الا الفرد مكتوب بحروف كبيرة"مما يدلل على ان الوطن للجميع.