شهدت أسعار المحروقات بالسوق الدولية خلال الأيام الماضية تدنيا غير مسبوق، حيث وصل سعر البرميل إلى حوالي 30 دولارا، بعدما كان ثمنه يفوق 60 دولارا في بداية 2020، ويرجع هذا الانهيار إلى تأثر الأسعار بالخلافات بين الدول المنتجة، وانتشار فيروس “كورونا”، لكن انخفاض السعر في السوق الدولية، لم ينعكس على السوق الوطنية، إذ لم تتأثر بهذا الانخفاض، مما جعل النقاش يدور حول أسباب عدم انخفاض الأسعار في المغرب رغم هذا التدني في السوق الدولية. إجراءات معقدة أوضح جمال زريكم رئيس الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود أن تغيير أثمنة المحروقات بالمغرب، يكون بشكل نصف شهري، حيث يخضع للتغيير في اليوم الأول من كل شهر وفي اليوم 15 منه، وتقوم به كل شركة على حدة، مضيفا أنه ينبغي الانتظار إلى غاية يوم 15 مارس من أجل معرفة الثمن الجديد. وأكد زريكم في تصريح لموقع “لكم” أن الانخفاض الذي عرفته السوق الدولية ستكون له انعكاساته الإيجابية على الأسعار المحلية، ولكن ليس بنفس القوة، فأسعار البترول الخام في السوق الدولية لا تتحرك بنفس وثيرة الأسعار الخاصة بالبترول المكرر. وتوقع زريكم أن تشهد أثمنة المحروقات انخفاضا في 16 مارس الجاري، لكن هذا الانخفاض يظل مرتبطا بالعديد من العوامل الأخرى؛ كحجم المخزون المتبقي لدى الشركات وعقود الشراء التي تكون آجلة، وتقلب أسعار البترول بالأسواق الدولية، وتقلبات سعر الصرف، حيث يتم تحديد متوسط الكلفة الترجيحية، وعلى ضوئها تعمد شركات التوزيع إلى إقرار أسعار البيع. وأضاف المتحدث أن هذه الحسابات هي التي ستحدد ثمن المحروقات في المغرب يوم 16 مارس، وأن الانخفاض حتى وإن لم يكن في منتصف الشهر فسيكون في بداية شهر أبريل المقبل. وأشار زيركم أن المواطن يعتقد أنه بمجرد انخفاض الثمن في السوق الدولية سينعكس ذلك على السوق الوطنية، لكن التغيير في الثمن يكون له وقته خلال الشهر، كما أن أسعار المحروقات خلال 15 يوما الماضية ارتفعت ثم انخفضت، وإذا كان المواطن لا ينتبه إلا للانخفاض، فإن حسابات الشركات تشمل المدة كاملة بزيادتها وانخفاضها، وعلى هذا الأساس ستحدد الأسعار الجديدة. ولفت زيركم إلى أن أصحاب محطات الوقود لا يتحكمون في عملية التسعير، فتحديد الأسعار شأن داخلي، وخاص بشركات التوزيع في السوق المغربية، وهذه الأخيرة تعمل على إخبارهم بالثمن الجديد فقط. وتبقى الإجراءات المذكورة هي الإجراءات المعتمدة في المغرب من أجل تغيير الأسعار، بغض النظر عن مدى كونها جيدة أم لا، ومن يمكنه الإجابة عن هذا السؤال هو مجلس المنافسة. المستهلك “محكور” ومن جهته اعتبر وديع مديح الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، أن هذا الأمر يطرح إشكالا للمستهلك الذي يظل “محكورا”، فالدولة عندما حررت الأسعار لم تأخذ بعين الاعتبار أن لدينا شركات لا تحترم لعبة المنافسة الشرسة، كما أن الحكومة عندما اتخذت قرار تحرير الأسعار لم تقم بحماية المستهلك، كي لا يصل إلى ما هو عليه اليوم. وأكد مديح أن الشركات في تعاملها مع المستهلك، تتعامل على أساس نوع من “الفوقية”، إذ تنظر إليه بنظرة دونية، مضيفا أن الدولة عندما حررت المحروقات أعطت للشركات حق اختيار الأثمنة، لكن هذا لا يعني استنزاف جيوب المستهلك المغربي، فالمحروقات محرك أساسي، وعليها يرتكز النقل والصناعة والسياحة… وحول اتفاق شركات المحروقات على تغيير الأسعار كل 15 يوما، شدد مديح على أن هذا الأمر ممنوع، لأن هذا يسمى اتفاقا، والاتفاق ممنوع في قانون المنافسة. ويرى مديح أنه ورغم الحديث عن موضوع المحروقات وربح الشركات ووصول النقاش إلى البرلمان، إلا أن الحكومة لا تتحرك في هذا الباب، فاهي عاجزة عن إثبات وجودها وتفعيل القوانين، فقد أعطت للشركات الحق في المنافسة، دون أن تكون هناك أدوات أخرى للسهر على هذه المنافسة، حتى تكون شريفة ولا يكون هناك أي اتفاق بين الشركات. ولفت المتحدث إلى أن دور مجلس المنافسة هو التقليل من هذا الأمر، وقد قام المجلس بعمله وننتظر أن يصدر تقريره النهائي، الذي لازال مع الأسف لم يخرج لليوم، متسائلا ما إذا كان هذا التأخر راجعا لضغط لوبي المحروقات أم لإكراهات أخرى. وبدوره، يتحمل المستهلك، حسب الكاتب العام، نوعا من المسؤولية، إذ لا يستعمل حقوقه كمستهلك، حيث لا يلجأ إلى حقه في اختيار واستهلاك المنتوج من عند الشركة التي لديها أقل ثمن، ما سيجعل المنافسة تحتدم بين الشركات.