الوزير بوليف يسعى الى احراق الموظفين بدريعة ترشيد نفقات الدولةالعمومية....حسابات البيحيدي ضيقة جدا....ومن يعتقد بأن 9 بالمائة فقط ممن يتقاضون تعويضات شهرية بات الموظف يعتبرها جزءامن أجرته،ولاسيما،مع ارتفاع تكاليف الحياة بشكل كبير جدا،غيرقادرة على شل حركة المرافق العمومية فانهواهم ومجازف باستقرار الوضع بهذه المرافق. لايمكن القبول بالتبريرات الهشة لوزير ما يسمى بالحكامة نجيب بوليف.الموظف ليس هو المسؤول عن ما التاليه وضعية المالية العمومية في المغرب يخلا لنص فقر من السياسة تعرض فيها المال العام لأشكال متعددة من النهب الممنهج. البيجيدي يدرك من هي التماسيح والعفاريت،بحسب تعبيررئيس الحكومة عبدالالاه بنكيران،التي هربت وسرقت واستنزفت الأموال العمومية،ولي اليقين بأنه يعرف أيضا بأن 41 مليار دولار المودعة في بنوك الخارج "سويسرا وباقي بنوك أمريكا وأوروبا والامارات العربيةالمتحدة"،ليس الموظف العمومي من اختلسها وهربها بطرق غيرقانونية خارج الحدود. اذا لم يستطع البيجيدي وضع يده على مكمن الداء بدافع الخوف والعجز أوعدم القدرة عن مواجهة اللصوص الحقيقيين للمال العام، فما عليه الا الاستحياء بعض الشيء وترك الموظف العمومي المغلوب على أمره جانبا،بدل الاصرارعلى نهش لحمه وتعميق جراحه التي لاتندمل. قرارالزيادة في سعر المحروقات الذي انخفض بمعدل 5 دولار للبرميل من قبل الحكومة الملتحية التي تعاقب المغاربة فيما يبدوا على اختيارهم السياسي بعد 25 نونبر، يعدأكبرعملية نصب واحتيال تعرض لها المواطن المغربي في تاريخ الحكومات التي تعاقبت على تدبيرالشأن العام بالمغرب من حكومة عبدالله ابراهيم الىحكومة عباس الفاسي. فمن غيرالمقبول ولا المنطقي أن يسحب من الموظف العمومى " بقشيشه الشهري الهزيل" بدريعة التقشف،في وقت تقبل فيه الحكومة بل تدافع عن أجورخيالية لمراء عدد من المؤسسات العمومية المغربية التي يساوي مجموعها خلال 5 سنوات مجموع ما يتقاضاها الاف الموظفين الىغاية بلوغهم سن التقاعد. فعوض الركوب على ظهر الموظف المغلوب على أمره والذي يريدله السيد رئيس الحكومة نمطا خاصا للعيش " الخبزوالشاي والزيتون" كان حريا بالحكومة الملتحية، مراجعة الميزانيات الضخمة المخصصة لعدد من القطاعات،ومراجعة الأجورالخيالية الممنوحة لكبارالقوم، ووقف التقاعدالذي يصرف ظلما وعدوانا من أموال دافعي الضرائب لممثلي الأمة بعدانقضاء انابتهم! السيد رئيس الحكومة ومعه وزراء حزبه وحكومته يدرك جيدا بأنه يتقاضى بموجب الظهير رقم 01-74-33 المتعلق بوضعية الحكومة وتأليف دواوين همأجرشهري مضاف اليه تعويضات مكملة. فهل بإمكان السيد رئيس الحكومة ووزراء حكومته التنازل عن العلاوات المصروفة لهم خارج الأجرالشهري في اطار سياسة الحكومة الرامية الى ترشيد نفقات الدولة؟ السيدررئيس الحكومة، ومعه الوزير بوليف، الذي يشغل منصبا وزاريا شكليا يكلف ميزانية الدولة الكثير، عليهم أن يمتلكوا الشجاعة الكاملة لمراجعة راتب الناخب الوطني اريك غيريتس، الذي يعطى له من أموال الشعب المغربي، على الأقل لحفظ ماء وجه الحكومة، التي يعادل مجموع رواتب كل وزراءها في الشهر راتب مدرب المنتخب الوطني...عليهم كدلك أن يمارسوا صلاحيتهم في نطاق ترشيد المالية العمومية ويبادرون الى مراجعة تكاليف المهرجانات التي تمتد شرق وغرب وجنوب وشمال المملكة حفاظا على ما يسمونه بالتوازنات الماكرو اقتصادية. لا أحد يمكن له أن يجادل في كون أن الحراك الاجتماعي الذي شهده المغرب كانت له تكلفة باهضه من نفقات الدولة، وهي التكلفة التي تتكتم جهات عدة عن الكشف عليها تفاديا لأوجاع الرأس، لكن فليسمح لي السيد رئيس الحكومة، الحل لا يمكن اختزاله في اجراءات تعسفية تمتص من دماء الطبقة المتوسطة، التي وزعتها أحد دراسات المندوبية السامية للتخطيط الى ثلاثة فئات اعتمادا على معايير لا مثيل لها في العالم. اليوم نحن أمام اختبار حقيقي لتكريس الخيار الديمقراطي بكل أبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأمام امتحان عسير لتنزيل الدستور بشكل ديمقراطي في شقه المتعلق بالحكامة الجيدة، لذلك ينبغي على حكومة السيد عبد الالاه ابن كيران، أن لا تعلق رهاناتها وامالها على الطبقات الوسطى والفقيرة في المغرب في مواجهة اختباراتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. الى حدود الان، وباستثناء الزوبعة التي رافقت اعلان نشر قوائم مأدونيات النقل فيما يشبه الاستعراض السياسي للعضلات، والخرجات الفلكلورية لرئيس الحكومة ونوابه في مجلس النواب، عن التماسيح والعفاريت التعويضات من تحث الطاولة، لم تأخذ حكومة ابن كيران أي اجراء في مواجهة الطبقات البرجوازية والاقطاعيات الكبرى في المغرب. القطاع الفلاحي لا زال معفيا من الضرائب، عدد كبير من المؤسسات الاستراتيجية للدولة خارج سلطة رئيس الحكومة، رواتب الوزراء ومدراء المؤسسات العمومية والكتاب العامون والمدراء المركزيون ورؤساء الأقسام وتعويضاتهم الكبيرة لم يطرأ عليه أي تغيير، عدد ممن هم متهمون بسرقة المال العام لا زالوا طلقاء مع وجود أحكام استئنافية بالإدانة، الضريبة على الثروة خارج أي أجندة حكومية، عدد من الصناديق السوداء لا تطالها أعين الهيئات الرقابية، رواتب السفراء والقناصلة والملاحق وتعويضاتهم التي تفوق رواتب الوزراء خارج السياق. فعن أي ترشيديتحدث الوزير الملتحي نجيب بوليف؟ هل ترغب الحكومة الملتحيةفي تهجير الموظفين العموميين الى خارج أرض الوطن حتى تحمي مصالح الطبقات البرجوازية والاقطاعية في المغرب؟ عندما تصر الحكومة على استهداف القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة بدريعة التقشف الذي تكذبه سلوكيات وممارسات عدد من وزرائها الذين يؤثثون مكاتبهم بملايين السنتيمات، بدل التوجه الى عمق الأشياء لوقف النزيف نهائيا وبشكل ناجع، من المؤكد أن لا أحد يمكنه التكهن بردات الفعل الاجتماعية التي يمكن أن تتولد عن الاحساس بالحكرة. مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة يقتضي من الحكومة أن توجه بوصلتها في مجال ترشيد الانفاق العمومي للطبقات المستفيدة من الوضع والمراكمة للثروة، وليس الموظف الغارق في ديون البنوك ومؤسسات القرض لتدبير حاجياته الحياتية بمشقة الأنفس. قرار الغاء التعويضات، التي يتقاضها الموظف العمومي على هزالتها، حل ترقيعي يعمق الأزمة أكثر مما يقدم الحل. كما أنه قرار استباقي لوضع حد للمطالب الاجتماعية لفئة الموظفين، ولا سيما المتصرفين منهم، الذين يعدون مثالا صارخا لغياب مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص الذي يستعملهما رئيس الحكومة كسلاح فتاك لقتل حق المعطلين في الولوج المباشر للوظيفة العمومية. فقبل أن نفكر في الغاء التعويضات الممنوحة للموظفين كان لزاما على السيد رئيس الحكومة أن يقوم باصلاح شامل لمنظومة الأجور في المغرب، وأن يكشف عن خلاصات ونتائج الدراسات التي قامت بها في وقت سابق الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية بملايير المغاربة، احقاقا للعدالة الاجتماعية والانصاف. بماذا يمكن للسيد رئيس الحكومة أن يرد على التفاوت الحاصل مثلا في أجر متصرفين من الدرجة الثانية حاصلين على نفس الدبلوم من نفس الجامعة وفي نفس التخصص، واحد في قطاع العدل يتحصل على راتب شهري يصل الى 9000 ألف درهم، واخر بمندوبية المياه والغابات يتحصل على راثب يصل الى 7500؟ هل من العدل والانصاف أن يكون الفارق بين الموظفين 2000 درهم دون احتساب التعويضات؟ هل من العدل والانصاف أن يكون أجر المهندس الحاصل على الماستر يفوق أجر المتصرف الحاصل على الدكتوراه؟ قطاع الوظيفة العمومية حقل مليء بالألغام القابلة بالانفجار في أي لحظة، والتفاوتات الخطيرة الحاصلة في منظومة الأجور بين قطاع وزاري واخر، اختبار سياسي واخلاقي لرئيس الحكومة ووزيره في الحكامة. اذا كانت هناك ارادة سياسية حقيقية لتنزيل دستور فاتح يوليوز تنزيلا ديمقراطيا، فينبغي على الدولة والحكومة، أن تقوم بمراجعة شاملة لمنظومة الأجور في اطار مقاربة تشاركية ومندمجة وحقوقية تأخذ بعين الاعتبار حقوق ومكتسبات الموظف العمومي. كما أن هذا التنزيل ينبغي أن يستحضر المكانة التي بوأها الدستور لمؤسسة الملك بصفته الضامن لحقوق وحريات المواطنين من أي انتهاك مهما كان مصدره.