التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    "الجديدي" ينتصر على الرجاء بثنائية    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في البحث عن المعنى
نشر في لكم يوم 16 - 02 - 2020


3 "لكل حقيقته"
نشأت في جو سياسي طغى عليه صراع محموم بين الاشتراكيين والإسلاميين، صراع لم يكن من اهتمامات أسرتي الصغيرة. أبي كان من الكادحين الذين يجرون وراء لقمة العيش، وفي البيت كانت أمي مشغولة بأفواهنا وأبداننا الصغيرة النهمة.
هذا الصراع كان باديا متأججا بوضوح خارج جدران منزلنا، خاصة في المدرسة. الكثير من أساتذتنا كانوا ينساقون إلى شحننا إيديولوجيا كلما سنحت لهم الفرصة. يُقْدمون على ذلك فرحين مزهوين بما يُقَدمون لعقولنا الصغيرة القاصرة، غير مدركين للأضرار البليغة التي يمكن أن يحدثه هكذا شحن على نضجنا الفكري المستقبلي.
بحكم أصولي الكادحة كنت منساقا وراء الأحلام الاشتراكية المبشرة بالعدالة الاجتماعية، رغم الهزائم التي منيت بها في العالم العربي، وتحول الحركات القومية الاشتراكية إلى شموليات عسكرية دموية. إلا أن بقاء الاشتراكيين المغاربة خارج السلطة كان في صالحهم، وحافظ على تماسك صفوف المناضلين وارتباط المتعاطفين معهم، الحالمين بالتحرر والخبز.
لكن دخول الإسلاميين على الخط، نتيجة الخسائر التي منيت بها الدول "التقدمية"، نجاح الثورة الإسلامية في إيران، انبثاق خطاب إسلامي جديد وجذاب مع الصحوة الإسلامية يتماهى مع تطلعات جيل جديد من الشباب الطامح للانخراط في النضال السياسي، الحرب على أفغانستان. كل هذه العوامل، وغيرها بطبيعة الحال، جعل للخطاب الإسلامي الكثير من الإشعاع، خاصة أنه الأقرب إلى لا وعينا الجمعي.
أمام هذا الزخم الفكري الذي طغى عليه الطابع الإيديولوجي والدعائي، وجدت نفسي حائرا مشوشا، مرغما على الانكباب على قراءة كل ما تلتقطه يدي من سقط المكتبات الذي يصل إلى سوق العفاريت (سوق لبيع البالي من كل شيء) القريب من محل سكن أسرتي: كتابات الاشتراكيين والليبراليين (صوت هؤلاء كان خافتا للغاية) العرب. روايات وكتب باللغة الفرنسية عن الفلسفات الغربية الرائجة آنذاك خاصة الوجودية والعبثية. تنظيرات الإسلاميين خاصة المنتمين للإخوان المسلمين.
هذا على المستوى النظري أما عمليا فقد جمعتني بالعديد من المنتمين لهذه التيارات السياسية نقاشات مستفيضة عن الحرية والدولة والقانون والعدالة، إلى غير ذلك من المواضيع التي كانت تشغلني، وأبحث لها عن إجابات مُرضية.
ما أثار انتباهي، أن كل تيار من هذه التيارات يدعي لنفسه امتلاك الحقيقة المطلقة، ويحتفظ في جعبته بالحلول السحرية لمشكلاتنا جميعها، وبالمقابل يسفه الطرف الآخر، ويرميه بأقذع النعوت.
هذا السلوك طرح علي تساؤلا ملحا: بما أن الحقيقة واحدة (لم أكن قد تبنيت فكرة تعدد الحقيقة)، فبالضرورة لا يمكن للجميع أن يتملّكها، وعليه فبالضرورة هناك من هو على صواب ومن هو مخطئ، لكن كيف يمكن فرز الحقيقة عن الزيف؟ التفريق بين الفصيل الراشد والفصيل الضال؟
للجواب عن هذا السؤال كنت كلما جالست أحد هذه الأطراف، أطرح عليه أطروحات الطرف الآخر وكذا اعتراضاته.
ما اتضح لي من هذا التمرين، أن الحوار سرعان ما يتحول إلى "محاكمة"، ليس للفكرة التي أطرح، ولكن لشخصي، وينساق محاوري سريعا إلى التهديد والوعيد والوصم والتخوين.
هذا المرض لم يسلم منه لا الإسلامي ولا الاشتراكي، والأدهى أنه يفضي إلى نتيجة مرعبة: انتصار أي واحد من هؤلاء، يعني بالضرورة، انفتاح أبواب جهنم للآخر، ليس رمزيا، فهناك من كان يحلم بالحلول الجذرية.
هذه النقطة جعلتها الحد الفاصل بيني وبين الإيديولوجيات ومعتنقيها. وابتعادي عن الرفاق والإخوان، كان بسبب أن هؤلاء مع بعض الاستثناءات بطبيعة الحال لم يكونوا يؤمنون بالحرية كما أفهما أنا، والتي تعني بالضرورة، أنني حر في اعتقادي، بنفس القدر الذي يتمتع به الآخر المختلف معي بنفس الحرية، أما الصراع السياسي فمهما احتدم واشتد سعاره، لا يجب أن يخرج عن معترك الثقافة والفكر.
ففي الأخير، "لكل حقيقته".
كاتب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.