قال الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إن المغرب يعيش ظروفا حقوقية استثنائية، سمتها الرئيسية هو المنحى التراجعي الذي تشهده الحقوق والحريات. وأضاف الائتلاف في بلاغ صادر عنه، بمناسبة مرور تسع سنوات على تأسيسه، أن الماسكين بزمام السلطة بالمغرب، قد أهدروا فرصا تاريخية لخروج المغرب من النفق الذي يوجد فيه منذ مدة، خاصة مع حركة 20 فبراير المجيدة التي طالبت بإجراءات مستعجلة لوضع اللبنات الاساسية لبناء دولة الحق والقانون.
وأوضح الائتلاف المغربي أنه نبه في العديد من المناسبات إلى الاختلالات التي لازالت تعيشها البلاد خصوصا في الجانب الحقوقي، حيث دعا إلى إقرار دستور ديمقراطي حقيقي يتلاءم شكلا ومضمونا مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان؛ وأكد أن المدخل الأساسي لزرع الثقة لدى المغاربة لا يمكن أن يكون إلا من خلال محاربة الفساد و محاكمة المفسدين و التفعيل الحقيقي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وشدد الائتلاف على أن المغرب يعيش من تراجعات خطيرة في مؤشرات التنمية وفي مجالات التعليم والصحة والعدالة، حسب تقارير الهيات الأممية وكذا في مجال الحقوق والحريات الفردية والعامة. ودعا الائتلاف إلى ضرورة ملاءمة الدستور المغربي مع القوانين والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ورفع جميع التحفظات المرفقة بالمعاهدات والبروتوكولات الدولية، وكذا ملاءمة التشريع الوطني مع القوانين والعهود الدولية، والإقرار بأسبقية القانون الدولي على القانون الوطني. كما طالب الدولة المغربية بالعمل على الانضمام إلى اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، وإلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدليل الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بإلغاء عقوبة الاعدام وضمان الاستقلال الحقيقي للقضاء، باعتباره ملجأ المظلومين/ات والحامي الفعلي للحقوق والحريات والنأي به عن كل سلوك يخضع لمنطق التعليمات، ويضعه في محل الشبهة. وأكد الائتلاف تأييده لما جاء في تقرير منظمة “ترانسبرنسي” الأخير الذي أكد أن النقاش الحالي حول النموذج التنموي الجديد يستوجب الأخذ في الاعتبار بجدية مكافحة الفساد والقطع تماما مع اقتصاد الريع، داعيا إلى التفعيل الحقيقي للاستراتيجيات الوطنية لمكافحة هذه الظواهر، والنهوض بالشفافية والمساءلة من خلال الإصلاح واعتماد قانون حول تضارب المصالح، وإلى ضرورة مراجعة القوانين بغية ضمان حماية الشهود والإصلاح الفعلي للنصوص القانونية المتعلقة بالتصريح بالممتلكات. ونبه الائتلاف الدولة بخصوص ملف الاعتقال السياسي الذي يتسع يوما بعد يوم، معتبرا أن الاعتقالات التي طالت عددا من الحقوقيات والحقوقيين والصحفيات والصحفيين ونشطاء الفضاء الرقمي، والذي يُضاف لحملات التشهير هو سلوك نكوصي يضعها أمام التزاماتها الدستورية المتجلية في الفصل 25 من الدستور، وأيضا أمام تعهداتها الدولية من خلال المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وطالب الدولة المغربية بإجراءات استعجالية ترفع حالة الاحتقان الذي تعرفه البلاد والإسراع بالإفراج عن كافة المعتقلين/ات السياسيين/ت ومنهم معتقلي حراك الريف والحراكات الاجتماعية بسائر ربوع الوطن. كما نبه كذلك إلى الاستمرار الممنهج للسلطات في حرمان الجمعيات من وصولات الإيداع المؤقتة أو النهائية، في ضرب صارخ لمضمون الفصل 5 من القانون المتعلق بالحق في تأسيس الجمعيات، مطالبا بوضع حد لهذه الانتهاكات ومساءلة ومعاقبة مرتكبيها. واعتبر الائتلاف أن التلكؤ والتردد الذي يطبع العمل التشريعي يشجع على إهدار المال العام، و يفتح المجال لاستمرار تعطيل الأمن القانوني في مجال حماية وضمان وتعزيز مجال الحقوق الأساسية والحريات، وما الموقف من تنفيذ الأحكام القضائية وتعطيلها تشريعا كما هو الحال بالنسبة للمادة التاسعة من قانون المالية، والتخلف في إخراج بعض القوانين التنظيمية منذ سنوات مثل قانون الدفع بعدم دستورية القانون، والإصرار على عدم تقديم مشروع قانون المسطرة الجنائية ومشروع القانون الجنائي للمناقشة والمصادقة كاملا وشاملا، والاكتفاء يتقديم مشروع قانون ناقص ومشوه، مع الإبقاء على عقوبة الإعدام ، مضافا إليها فصولا جديدة تنص على هذه العقوبة، والتلكؤ في إصدار عدد من المراسيم التطبيقية لعدد من القوانين، ومنها القانون المتعلق بالأمازيغية، ما هو إلا دليل على وجود خلل في المنظومة التشريعية. واستغرب الائتلاف من استمرار تقاعس الدولة في تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، المتعلقة بالكشف عن الحقيقة كاملة والاعتذار الرسمي والعلني من قبل الدولة المغربية عن الانتهاكات التي مست الضحايا وعائلاتهم والمجتمع برمته، ووضع استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب، وحفظ الذاكرة والقيام بإصلاحات مؤسساتية ودستورية وقانونية تنسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حتى لا يتكرر ماجرى.