مجلس الحكومة.. هذه هي الأسماء التي تمّ تعيينها في مناصب عليا    تراجع طفيف لأسعار النفط وسط توقعات بتحسن الاقتصاد الصيني    "ناسا" تعلن أن مركبة فضائية تابعة لها "آمنة" بعد اقترابها من الشمس    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بتحديد مبالغ الحد الأدنى القانوني للأجر    وهبي يقدم عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    مجلس الحكومة يصادق على قائمة الرخص الاستثنائية التي يستفيد منها القضاة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    الحكومة تحدد شروط منح تعويض لمؤطري التكوين المستمر بوزارة التعليم    تونس.. هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إرهاب    روبوت مزود بقدرات شحن ينضم إلى المهمة الصينية للهبوط على القمر    70 مفقودا في غرق قارب مهاجرين    نواب كوريا يعزلون رئيس البلاد المؤقت    ثلوج وقطرات مطرية في توقعات طقس الجمعة    اعتقال ثلاثة سائقي طاكسيات بالرباط بعدما لاحقوا سيارة نقل بالتطبيقات على طريقة الأفلام    مباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية    بايتاس: ارتفاع الحد الأدنى للأجر إلى 17 درهما للساعة وكلفة الحوار الاجتماعي تبلغ 20 مليارا في 2025    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 148 كيلوغراماً من الشيرا    رابطة علماء المغرب: تعديلات مدونة الأسرة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية    بايتاس: مشروع قانون الإضراب أخذ حيزه الكافي في النقاش العمومي    كربوبي خامس أفضل حكمة بالعالم    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي تبلغ بميناء المضيق 1776 طنا    وكالة التقنين: إنتاج أزيد من 4000 طن من القنب الهندي خلال 2024.. ولا وجود لأي خرق لأنشطة الزراعة    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    الثورة السورية والحكم العطائية..    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشأن ترسيم رأس السنة الأمازيغية
نشر في لكم يوم 11 - 01 - 2020

كان التعديل الدستوري الذي أقر الأمازيغية لغة رسمية في يوليوز 2011 إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة في تاريخ نضالات الحركة الأمازيغية في سياق سعيها لإعادة الإعتبار للهوية التاريخية للمغرب والمغاربة. وفي غمرة الإنتشاء بهذا الإعتراف الدستوري، فرض سؤال المستقبل نفسه بقوة على مختلف مكونات الحركة الأمازيغية التي استشعرت أهمية المرحلة وصعوبتها أيضا، خصوصا وأن التجارب الماضية أثبتت أن ملف الأمازيغية افتقد باستمرار للإرادة السياسية الجادة من طرف الدولة، لذلك كان من الضروري أن يتم التعاطي مع موعد الترسيم باعتباره تحديا جديدا يواجه الفعل النضالي الأمازيغي وليس مؤشرا على نهاية هذا النضال، فالترسيم لم يكن أبدا غاية في حد ذاته، ولا ينبغي أن يكون كذلك، لأن الأهم هو أجرأة المقتضيات الدستورية على أرض الواقع حتى لا تظل مجرد حبر على ورق.
كان الهاجس الأول للواقع الجديد الذي أفرزه المقتضى الدستوري يؤطره سؤال تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. وهو السؤال الذي ضيع على الأمازيغية ثمان سنوات كاملة قبل أن يصدر قانونها التنظيمي الذي تحول إلى مطية للمزايدات الإيديولوجية بين المكونات الحزبية داخل البرلمان. وفي ظل تغييب وإقصاء المجتمع المدني الأمازيغي ومعه مختلف القوى الوطنية الحية المؤمنة بالديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان عن إعداد ومناقشة مشاريع القانون التنظيمي المذكور، لم تنجح مقترحات التعديل التي قدمتها التشكيلات الحزبية داخل البرلمان في إعداد قانون يترجم شعار:" الأمازيغية ملك لجميع المغاربة"، لأن الدفاع عن الأمازيغية لا يتحقق برسم حروف تيفناغ على واجهات مقرات الأحزاب أو في لافتات وأوراق مؤتمراتها، وإنما بتبنيها الفعلي في برامجها السياسية ومشاريعها المجتمعية والفكرية.
لقد بدا واضحا أن القانون التنظيمي للأمازيغية يعيدنا من جديد إلى مرحلة أخرى من "النضالات المطلبية" التي من شأنها أن تجعل مكونات الحركة الأمازيغية في وضع دفاعي ضعيف ينتظر الهبات والتنازلات من الدولة، رغم أن الوثيقة الدستورية تؤهل العمل الأمازيغي إلى مستوى المشاركة والفعل والتأثير والإنخراط المباشر في الأجرأة والتنزيل الواقعيين… وهو ما يعني أن الصوت الأمازيغي سيظل محصورا في المستوى المطلبي، وهو ما يعبر عنه بوضوح الإحتفال برأس السنة الأمازيغية الذي يتحول كل عام إلى مناسبة للمطالبة بالإعتراف به عبر إقراره عيدا وطنيا وعطلة رسمية مدفوعة الأجر. وحتى الآن لم تتم الإستجابة لهذا النداء الذي أصبح يتسع صداه سنة بعد أخرى، بينما جيراننا في الجزائر سبقونا إلى هذا الإنجاز رغم أن الأمازيغية لم تصبح لغة رسمية هناك إلا في التعديل الدستوري لسنة 2016 ( بعدما كانت لغة وطنية برسم المراجعة الدستورية لسنة 2002)… لذلك فإن المكتسبات التي تحققت في ملف الأمازيغية خلال العقدين الأخيرين تفرض المصالحة مع هذا الإرث الهوياتي، والتأخر في ترسيم رأس السنة الأمازيغية لم يعد مبررا؛ خصوصا وأن القانون التنظيمي نفسه يتحدث عن ضرورة النهوض بكل أبعاد الثقافة الأمازيغية؛ والإحتفال برأس السنة الأمازيغية ( حاكوز) يعد أحد معالم هذا الإرث الحضاري الذي مازال المغاربة متشبثين به حتى اليوم.
إن التعجيل بترسيم رأس السنة الأمازيغية يقتضي توفر الإرادة السياسية الصادقة والضرورية للتعاطي بإيجابية مع هذا المطلب الشعبي، لكن يبدو أن الحكومة الحالية كسابقتها تتعامل مع الأمازيغية بنفس المنطق الإقصائي الذي ميز مرحلة ما قبل 2011، وعندما تتهرب الحكومة من حسم هذه المسألة بدعوى أن ترسيم السنة الأمازيغية هو قرار سيادي، وتضع الإعلان عنه بيد المؤسسة الملكية، فهي تغالط الرأي العام وتتملص من مسؤوليتها في الموضوع، لأنها اختارت أن تخلف موعد 13 يناير الذي يخلد ذاكرة شعب بأكمله، وهي تفعل ذلك باستمرار عن سبق إصرار وترصد، ومازالت ماضية حتى الآن في التنكر لهذه المناسبة السنوية التي يحتفل بها المغاربة البسطاء في يوم " حاكوز"، وذلك بالرغم من كل النداءات والرسائل التي وصلت إلى ديوان رئيس الحكومة من فعاليات حقوقية وسياسية وثقافية وجمعوية تطالب بإقرار إيض يناير عيدا وطنيا وعطلة رسمية. مسؤولية الحكومة تتقاسمها معها المؤسسة البرلمانية أيضا، فبالرغم من المذكرة التي وجهها عدد من البرلمانيين من فرق نيابية مختلفة إلى رئيس الحكومة من أجل التجاوب مع مطلب الترسيم، إلا أن هذه الدعوة تظل غير كافية، لأن الدور التشريعي للبرلمان يخوله سن قوانين في مختلف المجالات، وهو ما ينبغي أن يقوم به في موضوع ترسيم رأس السنة الأمازيغية الذي لا ينبغي أن يكون مجالا للمزايدات السياسية.
الثالث عشر من يناير يصادف رأس السنة الأمازيغية الجديدة. وهو موعد يصل بالتقويم الأمازيغي هذه السنة إلى الرقم 2970. هو تاريخ طويل جدا يحق لجميع المغاربة أن يفتخروا بعراقته، لأن التاريخ هو ذاكرة الشعوب. وهو – بالنسبة لسكان المغرب وشمال إفريقيا عموما- يحمل دلالة خاصة لأنه يؤكد على الإرتباط بالأرض. وهذا ما يفسر تسمية هذا اليوم ببداية السنة الفلاحية في الوعي الجمعي للمغاربة. فقد كان الأمازيغ هنا ( على هذه الأرض) منذ عهود طويلة، وهم مازالوا متشبثين بأرضهم أوفياء لانتمائهم الهوياتي لغة وثقافة وسلوكا. لذلك لا يمكن الآن- بعد كل هذا التاريخ الطويل وفي ظل الأجواء الجديدة التي خلقها الإقرار الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية في المغرب- أن تمر هذه المناسبة السنوية وكأنها يوم عادي لا يختلف عن سائر الأيام. فالثالث عشر من يناير هو فاتح السنة الأمازيغية الجديدة. وينبغي أن يحظى بكل الإهتمام الرسمي والشعبي الذي يليق بهذا الموعد التاريخي الذي يعيد الإعتبار للهوية المغربية…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.