و الناس أشكال و أنواع، فهناك من يحتاج للخبز و الماء ليعيش، و هناك من لا يقنع بذلك و يحتاج للحرية كشرط أساسي لتواجده، فإما يحصل عليها، أو يموت و هو يبحث عنها .. فرجاءا يا أصحاب النوع الأول لا تنغصوا على من يبحث عن الحرية عيشته، و لا تتحدثوا باسمه فهو أدرى بحالته منكم. إن المتأمل في حال الشعب المغربي سيصطدم بحقيقة مدوية، و هي أن هذا الشعب قد دخل في مرحلة اليأس الاجتماعي، و قد أصبحت المأساة بالنسبة إليه شيء عاديا، فأينما حل و ارتحل يفقد جزءا من كرامته، منذ و لادته في مستشفيات الموت، و مرورا بيوم دخوله المدرسة (هذا إن دخل المدرسة أصلا ) ، و مرورا بيوم حصوله على "شهادة" الباكالوريا ، و دخوله الجامعة، و دخوله نادي البطالة، إلى حين يوم مماته و دفنه في مقابر أشبه بمراحض عمومية منها إلى المقابر، لا تحفض فيها حرمة الميت. أصبح كل هذا بالنسبة للإنسان المغربي شيء عاديا، لا يثير فيه أدنى رغبة في تغيير واقعه، فنحن من أتعس شعوب العالم. و ذهب البعض إلى حد القول أن المغاربة قد أضاعوا موعدهم مع التاريخ حينما لم يلتحقوا بعرس الشوارع و لم يستفدوا من الربيع العربي لرفض واقعهم المرير، و فضلوا تصديق الخطاب الرسمي الذي اتهم شباب التغيير بكونهم خونة و عملاء. الإنسان المغربي الطيب، الذي تم تجييش مشاعره الوطنية و استغلالها في غير محلها، فالمسكين فقذ قدرته على تحليل الوقائع حينما دخل المدرسة الإبتدائية و الكتاتيب، فتم تلقينه بالعصا، و أوهموه أن المعلم لا يخطئ أبدا، و أن كل ما يقوله صحيح، يجب حفظه عن ظهر قلب، و كأنه كلام منزل، و أن أي فكرة تخالف كلام المقررات الدراسية فهي باطلة و ستقود صاحبها إلى "العقوبة" و الإهانة أمام أصدقائه، فكبر المسكين دون أراء خاصة به و دون أفكار خاصة به، أصبح مستهلكا لأفكار الغير، بل، و الأتعس من ذلك أنه يستهلك هذه الأفكار دون أدنى محاولة لتحليلها و نقدها. عندما أشاهد على اليوتوب خطاب الحسن الثاني (رحمة الله عليه) و هو يخاطب أحفاد عبد الكريم الخطابي و الزرقطوني و يقول لهم "واش المغاربة ولاو خفاف، واش وليتو دراري" أحمد الله أنني لم أعش تلك الفترة لأنني حتما كنت سأقضي في إحدى المعتقلات السرية. و لكن، أم تلاحظوا شيئا في الطريقة التي ألقي بها الخطاب، أ لا تطابق الطريقة التي كان يخاطبنا بها المعلم في المدرسة و الفقيه في الكتاب .. نعم إنها هي ، لغة التهديد و التحريم و القمع، إنها سبب تعاستنا و تفقيرنا. التعليم سلاح ذو حدين فيمكن أن يكون مدخل لتنمية الشعوب كما يمكن أن يكون طريقة فعالة لإخضاعها، و جعل المواطنين قوالب متشابهة، نطبل عندما نؤمر بذلك و نقول نعم عندما نؤمر بذلك .. فغرقنا و انتهينا و وصلنا إلى نقطة اللا عودة ، أنا حرت في أمرك يا شعب، فبالله عليك فكر و استخدم عقلك، و لا تطبع مع المأساة، أ لا ترى أن الوقت قد حان لتقف عصا الأستاذ عند حدها ، و تقف سياط الجلادين عن تمزيق كرامتنا. طالب بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية