لم يسلم الرياضيون والأندية المغربية، من الغزو الإلكتروني الذي هز وما يزال العالم بأسره في السنوات الأخيرة، حيث الحياة الافتراضية الجديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تنقل في الكثير من فصولها الواقع المعيش. اللاعبون المغاربة والأندية المغربية، ركبوا بشكل اختياري واضطراري أحيانا أخرى، الأمواج التي يتفنن في ركوبها المحترفون وبقية الأندية العالمية، والأهداف متنوعة مهنيا وتجاريا بين الإخبار والتفاعل، في سياسة تواصلية جدية بعيدة عن جانب التسلية.
العالم الرقمي الذي غزا رسميا الأرض، يحمل سنويا أو شهريا العديد من المستجدات والتطورات، في كل ما هو تكنولوجي ،وسفينته تسير بسرعة البرق في بحر عميق وهائج،ووسائل التواصل الاجتماعي موجة من مياه هذا العالم الرقمي،والتي تتنافس فيما بينها بضراوة من أجل خدمة المستهلك. “أنستغرام”، ” فيسبوك” و”تويتر” ثلاثة من أشهر التطبيقات التي يستخدمها حاليا الأشخاص العاديون والمحترفون والهواة، كما من لدن المؤسسات العملاقة، والمؤسسات التجارية الكبيرة، وتعتبر الأندية الرياضية ومعها الممارسين من المستعملين لهذه الوسائل،بهدف التواصل والتفاعل المهني بعيدا عن المنصات الرسمية التقليدية. إعلام بديل مات زمن انتظار النشرات الإخبارية التلفزية والإذاعية لمعرفة أخر الأخبار، وانتهى عصر الجرائد والمجلات الورقية لقراءة العناوين والحوارات الحصرية، وأصبح كل شخص مهما كان عمره صحافيا ناقلا للخبر أو صانعا له،بالصوت والصورة والتعليق،حاملا هاتفا ذكيا يعد بمثابة كاميرا وميكروفون وتلفزيون متنقل. مجمل الأندية العالمية عامة، والمغربية خاصة آمنت بالواقع، وأصبحت تتوفر على خلايا تواصل وحسابات في كل منصات التواصل الاجتماعي، تفتحها العديد من المرات يوميا للقيام بتغريدات وتدوينات، ونشر الصور والتصريحات. اللاعبون بدورهم ركبوا نفس المركب ولم يعد يجذبهم الحديث مع الإعلاميين لنقل رسائلهم، فباتوا يكتبون وينشرون ما يشاؤون على لسانهم الشخصي مطمئنين وغير متخوفين من إمكانية تحريف كلامهم أو تقطيعه بمقص ” المونتاج”. هذا الإعلام البديل أصبح يمكن الأندية واللاعبين المغاربة، كانوا هواة أو محترفين، من إرسال خطاباتهم مباشرة إلى المعني بالأمر، وبسرعة قياسية، عبر منشورات واضحة معلومات دقيقة وتصريحات بمصداقية وهي ركائز سياسة تواصلية جديدة واحترافية، تبنتها العديد من الفرق المغربية خاصة التي تنشط في كرة القدم، لجمع الجمهور والمعجبين في رحاب حساب رسمي واحد معترف به، يسمح لأي فرد بالتعليق والنقد المباشر إلى المكتب المسير، أو المدرب واللاعب. من الترفيه إلى الإدمان التطبيقات المعروفة والرئيسية، والتي تنضاف إليها تطبيقات ترفيهية، لا تستعمل دائما للأغراض التواصلية، والإخبارية والأمور الجدية، وإنما تزيغ عن السكة في الكثير من الأحيان، لتصبح منصات للتسلية واقتسام الأمور التي يعيشها الرياضي بشكل يومي،عبر ” ستوري” وتغريدات شخصية. الأندية غالبا تلتزم بكل ما هو مهني واحترافي، بينما اللاعب يسمح لنفسه بالكشف عن خصوصياته مع متتبعيه، والتقرب منهم بيومياته، فلم يعد هناك فرق بين شيء اسمه الحياة الشخصية والحياة المهنية. وسيطر إدمان هذه التطبيقات على جل اللاعبين والنجوم، وحتى بعض رؤساء الأندية والمسؤولين أدمنوا الحديث مع الجماهير عبر ” فيديوهات”بعدما تأكدوا بأن العصر هو عصر التواصل الرقمي. وإن كان الإعلام الكلاسيكي المحايد،يستدعي دائما ضرورة أحذ الرأي والرأي الأخر،وإعطاء حق الرد للجميع،فإن الإعلام عبر منصات التواصل الاجتماعي يسمح لأي فرد بالتعليق والرد بنفسه،لذلك يجمع المهتمون بوسائل التواصل الجديدة ،بأن جسم كرة القدم المغربية، أصبح يملك ملعبين ، الأول بالميدان للتباري والتنافس بالأقدام،والثاني خارجه يتم التنافس فيه عبر الألسن والكلمات والرموز،حيث حلبة مباشرة للمعارك اللفظية بين هذا اللاعب وذاك، أو المدرب واللاعب، وبين الأخير والمسؤول أو الوكيل،أمام أنظار المتتبعين الذين يلعبون دور المشاهد أو المساند أو المستنكر. احترافية التواصل الحسابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخذت طابعا مهنيا وتجاريا لتصبح بيد المختصين، وأضحى حساب أي فريق أو لاعب مشهور تحت إشراف فريق عمل مسؤول ومحترف، يشتغل بالتنسيق الدائم مع المعني بالأمر والذي يحمل اسم الحساب. درجة الاحترافية العالية المعمول بها في أوروبا وأمريكا وآسيا، لم تصل عدوتها بعد للأندية واللاعبين المحليين المغاربة، والذين يدير غالبيتهم حساباتهم بأنفسهم أو بواسطة “أدمين” شاب عاشق للفريق أو متيم بحب اللاعب، قد يسقط في التهور والتسرع، والردود الطائشة بين الفينة والأخرى. وتبقى تطبيقات التواصل الاجتماعي، بطوفان إيجابياتها ورياح سلبياتها، الأوكسجين الثاني اليومي للرياضيين ومعهم باقي الأفراد والمؤسسات، حيث لا يخلو يوم أو نصفه، أو ساعة دون تفقد الحساب الشخصي أو المهني. ويعتبر المهدي بنعطية لاعب الدحيل القطري، وحكيم زياش نجم أياكس أمستردام الهولندي، أكثر اللاعبين المغاربة تغريدا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تطبيق “أنستغرام” الذي ينشرون به يوميا عشرات ” ستوريات”والتدوينات. قائد أسود الأطلس السابق، والذي يملك أزيد من 3 ملايين متابع لا يتردد في اقتسام حياته العائلية مع معجبيه، ولا يتأخر في إبداء أرائه وتعليقاته حول مختلف المواضيع الرياضية وغير الرياضية، مع حرصه على جعل حسابه منصة للتصريحات الرسمية وردود الأفعال والأحداث، في ظل مقاطعته للإعلام المغربي، وانفتاحه على منابر صحفية أجنبية. أما زياش الذي يتوفر على 2،2 مليون متابع، فبدوره يدمن على ” ستوريات” يوميا، لكن معظمها في نطاق الترفيه والمزاح، ويتجنب التطرق لمواضيع الكرة ولا يكتب تدوينات إلا نادرا. ترتيب الأندية يتباين أسلوب الأندية المغربية في التعامل مع وسائل التواصل الإجتماعي، فبعضها قطع خطوات عملاقة واحترافية كبيرة في سياسة الانفتاح الإلكتروني والتقرب كثيرا من المتتبعين، والبعض الأخر محافظ ،وغير معني أبدا بالموجة ،مفضلا الاكتفاء بالتواصل الكلاسيكي، أو المواقع الرسمية التقليدية والنائمة. منصة ” فيسبوك”مثلا تشهد ريادة استثنائية وهروب كبير للرجاء عن جميع الأندية المغربية، واحتلال الصف الثالث أفريقيا وراء الأهلي المصري والزمالك في عدد المشتركين والتفاعلات، بامتلاكه 4 ملايين ونصف متابع، في وقت لا يتوفر فيه الجيش الملكي بقاعدته الجماهيرية الضخمة صفحة معتمدة. فبين من يسبح مع التيار وضده بون شاسع في التواصل والإيمان بتأثير منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث يحتل فريق الرجاء الصدارة، وبعده يحضر غريمه الوداد بمليون و400 ألف، متابع،فالمغرب التطواني ب886 ألف متابع،وإتحاد طنجة ب290 ألف،والفتح الرباطي ب198 ألف،ثم حسنية أغادير ب128 ألف متابعا،والنادي القنيطري ب108 الف متابع،والمغرب الفاسي ب106 ألف،والدفاع الحسني الجديدي ب92 ألف، وأخيرا نهضة بركان ب68 ألف متابع. الجامعة لا تواكب الإتحاد الدولي لكرة القدم، والأغلبية العظمى لاتحادات العالم تستخدم “تويتر” كوسيلة أولى للإخبار والتواصل، وهو التطبيق الاحترافي الأول الذي تلجأ إليه المؤسسات الضخمة، ورؤساء الدول لتوجيه الخطابات وإبداء الآراء والإفصاح عن القرارات. لكن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لا تواكب هذه الموجة من التطور ولا تؤمن بخاصية التواصل السريع عبر الوسائل الحديثة، ومازالت تنشر كل مستجداتها عبر موقعها الإلكتروني، في سياسة ” المتلقي من يجب أن يأتي إلينا، وليس نحن من سنذهب إليه”. وتتوفر جامعة الكرة المغربية لكرة القدم، على حساب بشبكة التواصل الإجتماعي ” فيسبوك” وحساب بمنصة ” تويتر” لا يتجاوز بهما عدد المتابعين 420 ألف و173 ألف على التوالي، وتنشر بهما عادة الصور والتعليقات المقتضبة.