غريب أمر عبد الله البقالي مفتي الديار الجديد وواحد من الفقهاء الجدد (...) ، فالسيد النائب المحترم لم يجد شيئاً يقوله داخل قبة البرلمان غير مدحه لدفاتر التحملات التي أتى بها الخلفي واعتبرها "رداً للاعتبار للدين" وأنه يتفهم الخوف والقلق اللذان انتابا كل المعارضين لتلك الدفاتر. أحزاب الاستقلال والعدالة والتنمية اليوم وزعا الأدوار بينهما، الأول يكفر ويعتبر المعارضين معارضين للدين والثاني يهدد بالنزول للشارع وقطع رقاب المعارضين تطبيقاً لحدود الله والتزاماً بالتوكيل الرباني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يحتكره الحزب في السوق المغربية. أحاول أن أفهم مفهوم "رد الاعتبار للدين" الجديد الذي جاء به الفيلسوف البقالي. وكأن المغرب يعيش منذ عقود في الظلال وتهميش الدين، واليوم جاء الفرج ووصلت الفتوحات الإسلامية ودخل صلاح الدين الأيوبي وزارة الاتصال ونزل الجنرال بوانو للشارع وقرروا رد الاعتبار لدين الله وتنوير المغاربة وتعليمهم الدين الحق وغسل معاصيهم القديمة. وفجأةً أصبح المعارضون من أهل الكفر والإلحاد يقفون في وجه الفتوحات الإسلامية ويخافون من رد الاعتبار للدين ويدعون إلى الكفر والظلال والإلحاد. وكأن السيد البقالي نسي أن حزبه حكم البلاد منذ الاستقلال وقاد السفينة منذ عقود وملأها بالثقوب ونخرها السوس و أهلكها فساداً و زبونيةً و محسوبيةً ؟ أم نسي السيد البرلماني الاستقلالي أن آخر حزباً قاد الحكومة هو حزبه وأن دفاتر التحملات القديمة التي ينتقدها هي دفاتر أشرفت عليها حكومة حزبه السابقة وطبقتها ؟ أو ربما يعطي السيد النائب المحترم لحزبه الحق في تهميش الدين وقت ما شاء ورد الاعتبار إليه وقت ما شاء أيضاً ؟ وما دام السيد البقالي يتحدث عن الدين فليشرح لنا موقف الدين من اختلالات ملفات وزارة الصحة على عهد وزيرتهم الضاحكة، والأراضي التي وزعها وزيرهم في التجهيز السابق على أصدقائه في شاطيء "سهب الذهب". وليشرح كذلك السيد البرلماني للمغاربة حكم الدين في فضيحة النجاة على عهد وزيرهم في الشغل وأمينهم العام اليوم، وموقف الدين في كل ما اقترفوه في حق الوطن منذ الاستقلال. فليفتي لنا السيد البرلماني الاستقلالي كيف نرد الاعتبار للمغاربة قبل الدين. كيف نعيد الثقة التي فقدها المغاربة اليوم في كل شيء بسبب سياساتكم واحتكاركم لكل شيء ؟ لا أملك أن أقول إلا ما يقوله المثل المغربي "ضربني و بكى، و سبقني وشكا".