قالت وكالة المغرب العربي للأنباء، إن الوفد المغربي الذي سافر إلى الجزائر للمشاركة في مراسيم تشييع الرئيس الجزائري السابق احمد بن بلة، انسحب من الموكب الجنائزي احتجاجا على حضور رئيس جبهة "البوليساريو" في نفس الموكب المهيب. إلا ان الوفد، ودائما حسب قول الوكالة الرسمية، قام قبل التشييع بالصلاة امام جثمان بن بلة الذي كان مسجى في قصر الشعب في الجزائر العاصمة. وفي الصور التي بثها التلفزيون الجزائري وتناقلتها وكالات الانباء العالمية يظهر رئيس الحكومة المغربية ورئيس الوفد الرسمي المغربي عبد الإله بنكيران وهو في يقف في الصلاة الجنائزية وفي نفس الصورة يظهر محمد عبد العزيز رئيس جبهة "البوليساريو" يقف في الصف الخلفي. وهو ما يعني أن الاحتجاج المغربي الرسمي، جاء بعد أن حصل ما حصل، أي بعد أن وقف الوفدان جنبا إلى جنب في صفوف الصلاة، وبالتالي فالانسحاب بدعوى الاحتجاج أصبح بلا معنى في مثل هذه الحالة. هذا من ناحية "بروتوكولية"، ثم ألم يكن أعضاء الوفد المغربي يدركون وهم يتوجهون إلى الجزائر لحضور جنازة شخصية كبيرة مثل الرئيس الجزائري الراحل، تقام على ارض وطنه، أن موكب التشييع سيضم شخصيات عديدة لن يكون المغرب على توافق معها كلها، بما فيها ممثلين عن جبهة البوليساريو؟! أما المفارقة الكبيرة فتكمن في هذا السلوك "المتناقض"، فالمسؤلون المغاربة يلتقون دوريا مع ممثلي جبهة البوليساريو ويجتمعون معهم بشكل رسمي وتحت رعاية الأممالمتحدة وعلى مرأى ومسمع من العالم. ومن بين أعضاء الوفد المغربي المنسحب من الموكب الجنائزي بدعوى "الحضور البروتوكولي لوفد من البوليساريو"، الطيب الفاسي الفهري، مستشار الملك محمد السادس ووزير الخارجية المغربي السابق الذي يبق له أن اجتمع عشرات المرات مع ممثلي جبهة البوليساريو وصافحهم وسكن معهم تحت نفس السقف في منتجع "مانهاست" بضواحي نيويورك! فما الذي يجعل لقاء مسؤولين مغاربة كبار مع ممثلين عن البوليساريو "حلال" في نيويورك ومالطا وألمانيا وسويسرا ولندن وبرشلونة، ويصبح مجرد "حضور بروتوكولي" لممثل عن نفس الجبهة "حراما" في موكب جنائزي مهيب؟! حضور الجنازة، أي جنازة يكون من أجل العزاء والمواساة أولا وأخيرا، ومواكب التشييع ليست كرنفالات رسمية، وحتى لو اختلفنا مع أصحابها وليس فقط على من يسير في مواكبها، تبقى لها قدسيتها وهيبتها، كما تبقى للموت حرمتها التي يجب أن تكون فوق كل الحسابات السياسية المتناقضة والاعتبارات البروتوكولية الزائلة.