شكل موضوع الأوجه المختلفة للتجربة الكورية الجنوبية في مجال الحداثة ونتائجها بالنسبة للمجتمع المغربي في إطار جهوده من أجل التحديث والتنمية، محور محاضرة نظمتها ، مساء الأبعاء بالرباط ، أكاديمية المملكة المغربية، وأطرها الأستاذ شانغ كيونغ سوب من جامعة سيول الوطنية. وتندرج هذه المحاضرة التي حملت عنوان “الحداثة المضغوطة، إنجاز تقابله مخاطر، تجربة كوريا الجنوبية ونتائجها بالنسبة للمغرب”، في إطار سلسلة المحاضرات التي تنظم في سياق الإعداد للدورة السادسة والأربعين لأكاديمية المملكة المغربية حول موضوع “آسيا أفقا للتفكير” المزمع عقدها من 9 إلى 17 دجنبر المقبل. وفي هذا الصدد، قال عضو أكاديمية المملكة المغربية محمد الكتاني إن المغرب يحتاج إلى الاطلاع على تجربة دولة استثنائية، تتميز بنهضتها الحداثية والتكنولوجية، والتي غزت شركاتها الكبرى العالم. وسجل الكتاني ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن “هذه التجربة، الغنية والقيمة أيضا، لم تسلم من اختلالات”، مضيفا أن المحاضر وصف هذه التجربة بكونها “حداثة مضغوطة”. وقال إنه “بالنظر إلى أن كوريا تشكل أحد النماذج الرائدة التي تمثل البلدان الصاعدة في آسيا، فإن هذه المحاضرة تقربنا من الحداثة المطبقة في البلدان الكبرى في القارة مثل الصين والهند واليابان”. وفي إطار هذه المحاضرة، تطرق الأستاذ شانغ كيونغ سوب للظروف الهيكلية الرئيسية والإنجازات ومخاطر الحداثة المضغوطة في كوريا الجنوبية، مستعرضا التداعيات المختلفة لتجارب هذا البلد بالنسبة للمجتمع المغربي في إطار جهوده من أجل التحديث والتنمية في القرن الحادي والعشرين. وظل كيونغ سوب يعتبر ، منذ سنوات عديدة ، أن الحداثة المضغوطة للبلد مليئة بسمات واتجاهات اجتماعية على قدر كبير من التناقض. وفي تحليله، ينطلق المحاضر من ملاحظة أن مجتمع كوريا الجنوبية يتميز بمزيج مثير إلى حد ما من الخصائص والاتجاهات الاجتماعية المعقدة. ويمكن للكوريين الجنوبيين أن بتفاخروا ، في ظل بلوغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من ثلاثين ألف دولار أمريكي والعديد من صناعاتها الكبرى في العالم وأعلى مستوى من إتمام التعليم العالي في العالم ، ب”معجزتهم” على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. ومن أجل دعم هذه المنجزات، لا يزال العمال الكوريون الجنوبيون يعملون لأزيد من ألفي ساعة في السنة، ويتجاوز الطلاب الكوريون الجنوبيون نظراءهم الأجانب بكثير من حيث طول مدة الدراسة، فضلا عن أن كبار السن في هذا البلد يواصلون تمديد سنوات عملهم إلى ما بعد المستويات المسجلة في كافة أنحاء العالم. ومن وجهة نظر ديموغرافية، فإن معدل الخصوبة في البلد يوجد عند أدنى مستوى في العالم (على سبيل المثال، معدل الخصوبة الإجمالي بلغ 0.98 في عام 2018)، فضلا عن أن وتيرة الزيادة في معدل الأمل في الحياة هو الأسرع في العالم. وبالنسبة للمجاضر، فإن التحديات نفسها لتجربة كوريا الجنوبية يمكن أن ترتسم أمام أي دولة تواجه معضلة الحداثة والحفاظ على الهوية، وخاصة تلك التي لها أوجه تشابه مع المجتمع الكوري من حيث العمق التاريخي، مثل المغرب.