تتجه حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، القطاع الشبيبي للحزب الاشتراكي الموحد، لإعلان "تمردها" عن المطلب السياسي لرفاق نبيلة منيب. وعلم موقع "لكم.كوم"، من فعاليات شبيبية في حشدت، أن اللجنة التحضيرية المكلفة بصياغة الوثيقة التوجيهية، التي ستعرض على الفروع للمناقشة و التداول، لم تتضمن مطلب "الملكية البرلمانية" في الوثائق المرجعية للحركة في إطار استعدادها للتحضير لمؤتمرها السادس في الصيف القادم. يذكر في هذا الصدد، أن الحزب الاشتراكي الموحد، الذي ترتبط به "حشد التقدمية" فكريا و سياسيا، تشبت بقوة بمطلب " الملكية البرلمانية" في السجال السياسي الذي رافق الحراك السياسي و الاجتماعي بعد بروز حركة 20 فبراير. كما أنه اتخذ من "الملكية البرلمانية هنا والآن" شعارا مركزيا لمؤتمره الأخير المنعقد في بوزنيقة. وبهذا الموقف "الجديد" لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، يكون رفاق عبد الوهاب البقالي، الكاتب الوطني المنتهية ولايته، قد أعلنوا التمرد على نبيلة منيب، الأمينة العامة الجديدة للحزب؛ بعد أن اختاروا التموقع يسار الخط السياسي للتنظيم المذكور. وارتباطا بهذا الموضوع، أشارت مصادر الموقع، الى أن الوثيقة التي يجري إعدادها، وصفت النظام المغربي ب"الاستبدادي واللاديمقراطي"، كما أنها أعلنت صراحة مطالبتها ب"العلمانية" لتحرير المجال السياسي والثقافي من الهيمنة الأوتوقراطية الماقبل حداثية وضد كل المشاريع السياسية القرسطوية - الرجعية الفاشية التي تستهدف تأبيد العبودية والإستغلال ، على حد تعبير مصادرنا. وفسر مصدر من داخل الحزب الاشتراكي الموحد، انزياح شبيبة الحزب، في تصريح خص به "موقع لكم"، أن الشبيبة المغربية متذمرة من التفاف الدولة المغربية على المطالب التي رفعتها في مسيرات 20 فبراير، كما أن موقف حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية يعد رد فعل عن القمع الذي تعرض له نشطاء حركة التغيير بالمغرب. وفي العلاقة بهذا المنحى، الذي وصف بالتصعيدي من طرف شبيبة الحزب، تخوف مناضل في شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد، أن يكون الموقف الجديد وفاء لتقليد الشبيبة المغربية في تمردها على الأحزاب؛ حيث استحضر تجربة تمرد رفاق 23 مارس على الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، و تجربة الشبيبة الاتحادية التي انبثقت عتها حركة "الوفاء للديمقراطية"، علما أن التنظيمات المتمردة سابقا تعد رافدا لحزب رفاق بنسعيد ايت ايدر. فهل إعلان تمرد حركة الشبيبة الديمقراطية الديمقراطية عن الخط السياسي للحزب الاشتراكي الموحد هو بداية للانشقاق؟ --- مقتطفات من الأرضية التي ستطرح للنقاش في مؤتمر شبيبة الحزب الاشسنراكي الموحد فبراير ... ونهاية الانتقال الديمقراطي المخزني راهنت بعض القوى السياسية الديمقراطية، بعد تبنيها استراتيجية النضال الديمقراطي، على خيار الدمقرطة التدريجية لبنيات المخزن المتصلبة عبر انخراطها في سلسلة من التوافقات و الصفقات مع القصر، غير أن ميلاد حركة 20 فبراير كان لحظة إعلان حقيقي على استنفاذ مرحلة كاملة من التوافقات .المسلسل الديمقراطي". أ. من "المسلسل الديمقراطي" إلى "الانتقال الديمقراطي": ديمقراطية الهامش. تبنت الحركة الديمقراطية و قسم هام من الحركة التقدمية، منذ أواسط السبعينيات، استراتيجية النضال الديمقراطي القائمة ليس على معارضة مضمون الاستبداد المخزني، بل على معارضة الخيارات الحكومية و التدبير القطاعي، مع تسخير المعارضة المذكورة للنضالات الاجتماعية و النقابية لتحسين الموقع التفاوضي مع الدولة المخزنية في أفق الانتقال، لاحقا، لموقع التدبير للشأن العام رغم ضعف الإطار الدستوري و غياب التعاقد السياسي لذلك. لم يتوان النظام القائم، على امتداد هذه المرحلة، في فرض دساتير ممنوحة لا تستجيب لتطلعات الشعب المغربي في الديمقراطية، غير أنها كانت- الدساتير- غطاء لإضفاء شرعية دستورية لتعزيز سلطته. كما انه نجح في جر أحزاب مجتمعة من المعارضة السابقة "الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية " لتزكية دستور 1996 في سياق الترتيبات الجارية لما سمي بتوافق 1998 . وحرص النظام القائم، في إطار ديمقراطية الواجهة، على انتظام المناسبات الانتخابية، باستثناء لحظة الاستثناء؛ غير أن نتائجها كانت تحدد سلفا، بالتزوير المباشر أو غير المباشر، في دهاليز وزارة الداخلية لفائدة الأحزاب الإدارية؛ التي تستفيد من ريع سياسي حسب درجة قربها من الدولة . انتهى المسلسل الديمقراطي على أعتاب توافقات 1998 في إطار ما عرف بحكومة ا"لتناوب التوافقي"، التي قادها الاتحاد الاشتراكي بمشاركة تحالف حزبي هجين تساكنت فيه الأحزاب ذات العمق الوطني مع الأحزاب الإدارية لإنقاذ المخزن من السكتة القلبية. لم يتأسس هذا "التوافق" على أرضية دستورية و تعاقد سياسي منتج قادر على الإجابة على الأزمة العامة، بيد أنه تم تسويق صفقة الانتقال السلس للعرش و كأنه انتقال ديمقراطي سيمكن المغرب من عضوية نادي الدول الديمقراطية. انقلاب المخزن على توافقات "الانتقال الديمقراطي" بخروجه عن ما سمي ب"المنهجية الديمقراطية" في تعيين حكومة جطو، غير أن الأحزاب الوطنية استمرت في المشاركة في التدبير الحكومي كتعبير عن اندماج نخبها في بنية السلطة القائمة و استفادتها من ريع سياسي و اجتماعي و اقتصادي تعويضا لها عن مواقفها الجديدة. تراجعت الحركة الديمقراطية المشاركة في التوافقات المخزنية، و تأثرت عموم الحركة التقدمية و اليسارية. مقابل مد أصولي، ثقافيا و انتخابيا، ينشد التغيير نحو الماضي. و الحال أن ضعف اليسار مرتبط بتشرذمه و فشله في إنجاز مشروع الوحدة في إطار الحزب الاشتراكي الكبير بهويته الكفاحية؛ استغل النظام أحداث 16 ماي الإرهابية، وانخراط الدول الكبرى في ما سمي بمواجهة الإرهاب، لشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف تيارات السلفية الجهادية دون الالتزام بالمقتضيات القانونية و الالتزامات الحقوقية في محاكمة المتهمين. ورغم مقاومة المنظمات الحقوقية و اليسار المناضل، خاصة الحزب الاشتراكي الموحد، فإن النظام وظف هذه الأحداث لتمرير قانون تراجعي "قانون مكافحة الإرهاب" بعد تركيع إسلاميي الدولة. و كانت هذه الأحداث مقدمة لاستيراد النظام للتجربة التونسية و المصرية في التحكم في العملية السياسية بتأسيس حزب الدولة "الأصالة و المعاصرة" و تمكينه من امتيازات سياسية و قانونية، كما حشد إليه كل رموز الفساد الانتخابي و السياسي في إطار الترتيب لحكومة 2012، لكن الحراك الاجتماعي و السياسي، بقيادة 20 فبراير، أعدم هذا السيناريو المخزني، كما أنه فرض على حزب الدولة الانكماش مؤقتا. ب. مغرب 20 فبراير لإسقاط الاستبداد و الفساد: توفقت حركة 20 فبراير، رغم الحملات التضليلية المغرضة، من حشد فئات شعبية مؤمنة بالتغيير في مسيرات عمت عدة مدن وقرى مغربية، فرضت على النظام القائم التفاعل معها بخطاب الملك في 9 مارس؛ الذي أعلن عن تشكيل لجنة معينة، ينحدر سقف مواقف أعضائها دون مطالب الشعب المغربي، لتعديل الدستور. و في نفس الآن نهج مقاربة قمعية لكبح تنامي نضالات الحركة. و إذا كانت الأحزاب و الشبيبات اليسارية، و في مقدمتها تجمع اليسار الديمقراطي، أعلنت عن دعمها المطلق لنضالات 20 فبراير، فإن أحزاب محسوبة على الصف الديمقراطي التزمت بولائها المطلق للنظام المخزني. في ما تلكأت "العدل و الاحسان" في إعلان موقفها، غير انها دفعت بأعضائها لخدمة أجندة الجماعة وفق رهانين: أولا، تجاوز سقف المطالب المعلنة للحركة في وثائقها التأسيسية و جرها للمواجهة الدموية مع النظام. ثانيا، استعراض القوة العددية بحشد أعضائها في المسيرات و التظاهرات من أجل التفاوض مع النظام. --- تعليق الصورة: نبيلة منيب