إنطلقت مسيرة الجمعة في العاصمة الجزائرية للأسبوع ال25 على التوالي، أطلق خلالها المتظاهرون هتافات ضد الحوار الذي دعت اليه السلطات، كما لوحوا ب”العصيان المدني”، في تصعيد يأتي غداة خطاب جديد لرئيس أركان الجيش أكد فيه ان مطالب المحتجين قد تحققت. ومباشرة بعد الانتهاء من صلاة الجمعة امتلأت ساحتي موريس أودان والبريد المركزي بالمتظاهرين وسط انتشار أمني كثيف وتحت شمس حارقة، لم يخفف منها سوى المتطوعين ببخاخات الماء وبائعي المياه الباردة المنتشرين في كل مكان. وفي ظل استحالة تقييم الأعداد بسبب غياب تعداد رسمي، بقي الحشد كبيراً رغم الحر وتراجع التعبئة مقارنة بالأسابيع الأولى للحراك الذي بدأ في 22 فبراير. كما يصادف هذا الجمعة قرب حلول عيد الأضحى الأحد، والذي عادة ما يستغله الجزائريون للتحضيرات. إضافة إلى ان قوات الأمن ما زالت تحكم قبضتها على كل مداخل العاصمة الجزائرية ما يعوق وصول المحتجين. وكما في الأسبوع الماضي حيث ظهر التلويح بالعصيان، أعاد المحتجون الذين كان عددهم قليلا مقارنة بالأسابيع الماضية شعار “العصيان المدني راهو جاي (آت)!”، علما بان التظاهرة الكبرى تبدأ عادة بعد صلاة الجمعة المقررة في الساعة الثانية ظهرا (13:00 ت غ). ومنذ الصباح الباكر توزعت شاحنات الشرطة على جانبي شارع دبدوش مراد أهم محور يسلكه المحتجون ما يحد من المساحة المتروكة للمتظاهرين. كما رفع المتظاهرون شعارات ضد كريم يونس منسق هيئة الحوار التي كلفتها السلطات الجزائرية اجراء مشاورات لتحديد شروط الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد إلغاء تلك التي كانت مقررة في الرابع من تموز/يوليو لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المستقيل منذ 2 أبريل. ودعت هذه الهيئة الخميس إلى إجراء الانتخابات الرئاسية سريعا لكن بدون تدخل حكومة نور الدين بدوي الذي وصفوه بأنه “ممثل التزوير”، كما ان رحيله من بين أبرز مطالب الحركة الاحتجاجية باعتباره من رموز نظام بوتفليقة. ورفض المحتجون أي حوار في ظل بقاء رموز النظام وهتفوا “لا حوار مع العصابات” “لم ار شيئا” بالنسبة الى رئيس أركان الجيش والرجل القوي في الدولة الفريق أحمد قايد صالح، فإن “المطالب الأساسية” للمحتجين ” قد تحقّقت وبشكل كامل” ولم يبق سوى تنظيم الانتخابات الرئاسية” . ووصف قايد صالح في خطاب جديد الخميس الرافضين للحوار ب “المجموعات الصغيرة المرتبطة بالعصابة” وهو الوصف الذي أصبح يطلقه على الدائرة الضيقة للرئيس السابق. وتضم هذه الدائرة رئيسي وزراء ووزراء سابقين ورجال اعمال كبارا. وبين التهم الموجهة لهم تمويل الحملات الانتخابية لبوتفليقة بشكل غير قانوني، كما جاء في بيانات المحكمة العليا. والخميس أودع السجن أيضا عبد الرحمان بن حمادي مسير لمجموعة كبيرة لصناعة الهواتف النقالة والأجهزة المنزلية فضلا عن نشاطها في قطاع البناء بتهم فساد تورط فيها نحو 40 شخصا منهم أفراد من عائلته وموظفون في قطاع الاتصالات. وبين المتهمين أيضا موسى بن حمادي أحد أفراد العائلة وزير سابق للاتصالات خلال حكم بوتفليقة، وينتظر ان يمثل هو أيضا امام المحكمة العليا بحكم وظيفته. وخلال الأسابيع الأخيرة تم حبس نحو 60 متظاهرا في كل أرجاء البلاد أغلبهم بسبب رفع الراية الأمازيغية غير آبهين بتحذيرات رئيس الأركان بعدم رفع أي راية غير العلم الجزائري. وينتظر هؤلاء المحاكمة التي قد تؤدي إلى الافراج عنهم كما بالنسبة لثلاثة متظاهرين أحدهم أطلق سراحه الخميس بعد ان استفاد من البراءة بينما كانت النيابة طالبت بسجنه عشر سنوات. لكن نعيمة ،34 سنة، موظفة بنك، ردت على ذلك “يقولون إنه تمت الاستجابة لمطالب الحراك، انا لم أر شيئا”. وأضافت لوكالة فرنس برس “طالبنا برحيل الحكومة وهي ما زالت في مكانها وطالبنا برحيل بن صالح فقاموا بتمديد ولايته” التي كان يفترض أن تنتهي في 9 يوليو، “لكن المجلس الدستوري قرر أن يبقى في منصبه حتى انتخاب رئيس جديد”. وعلى وقع هتافات صاخبة “إما نحن أو أنتم لن نتوقف عن التظاهر” و”سيرحلون جميعا” “وجيش شعب خاوة خاوة وقايد صالح مع الخونة” و”دولة مدنية وليس عسكرية”، سار المتظاهرون في مجموعات بين ساحتي أودان والبريد المركزي حاملين الاعلام. وقال حسان، 57 سنة، موظف حكومي “سنواصل التظاهر كل يوم جمعة حتى تحت الشمس والحرّ. وستضطر السلطة لسماع صوتنا والاستجابة لمطالبنا”. وتابع “مطلبنا واضح: رحيل كل رموز نظام بوتفليقة، فلا يمكن أن ننظم انتخابات بهؤلاء المزورين الذي مكّنوا بوتفليقة من البقاء 20 سنة في الحكم”. وأضافت نعيمة “تسمعون دعوات للعصيان المدني، قد يكون ذلك صعب التنفيذ، لكن بالنسبة لي نحن في عصيان منذ نحو ستة أشهر” أي منذ بداية الحركة الاحتجاجية.