صادق مجلس النواب الجمعة الماضية (26 يوليوز 2019( على مقترح قانون باحداث قناة برلمانية تلفزية تعنى بالحياة البرلمانية تتولى نقل اشغال وأنشطة المؤسسة التشريعية بغرفتيها واعلام المواطنات والمواطنين بالاخبار المتعلقة بالبرلمان. وتضطلع القناة في هذا الصدد بمهام نقل التجارب الدولية والأنشطة التي تهم الحياة البرلمانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التربوية والبيئية والتعريف بها مع دعم وتشجيع المشاركة السياسية للنساء والشباب وتقديم ندوات وعروض ذات الصلة، وذلك وفق ما جاء في مقترح القانون الذى اجازته الغرفة الاولى للبرلمان بالأغلبية خلال جلسة عامة . وحسب نص المقترح فإن القناة البرلمانية ستتولى الاسهام في تعميق مبدإ التعددية وتوسيع قاعدة المشاركة في الحياة السياسية وذلك من خلال تقديم برامج حوارية بهدف اغناء للنقاش العمومي والتعريف بانجازات البرلمان وبرامجه وأهدافه وتقريب المؤسسة التشريعة من المواطن علاوة على الانفتاح على المؤسسات الدستورية والهيئات السياسية ومجالس الحكامة وهيئات المجتمع المدني. وبخصوص البرمجة المعتمدة – ينص المقترح – على ان برمجة القناة التي ستتناسب مع خصوصية كل مجلس على حدة، ستبث بشكل مباشر أو مسجل المناقشات البرلمانية وداخل اللجان البرلمانية فضلا عن البرامج والروبورطاجات وحصص عامة للاخبار. وتقترح القناة في هذا السياق شبكة برامج منتظمة ومتنوعة وإعادة بث المناقاشات وأعمال مختلف هيئات المجلسين مع تقديم نشرة ومجلة اخباريتين ونشرة موجزة، ترتكز على الأحداث التي تهم مجلسي النواب والمستشارين، وكذلك برامج النقاش حول الأحداث الراهنة مع تقديم برامج تخص المجلسين وتهم أنشطتهم البرلمانية.ويكون مناحا للقناة ايضا استخدام أرشيف الصوتيات والمحفوظات السمعية البصرية. وبخصوص أجهزة الادارة والتسيير الخاص بالقناة البرلمانية، فيتولى تدبيرها مجلس اداري لكلا المجلسين، ويتألف من رئيسي مجلس النواب والمستشارين وممثلى الفرق والمجموعات النيابية ومدير كلا الشركتين اللتين وافق المجلس على احداثهما عل شكل شركتي مساهمة احداهما تابعة للغرفة الاولى والاخرى تابعة للغرفة الثانية للبرلمان على اساس ان يتم اقتسام الزمن المخصص لبث القناة. وينص المقترح على احداث عدة لجن خاصة منها لجنة اخلاقيات البرامج التى تضم خمسة (5) اعضاء تجمع ممثلين عن المجلسبن وشخصيات مستقلة مؤهلة يتم اختيار 2 منهم من مكتبي المجلسين و2 من فعاليات في المجال السمعي البصري بالاضافة الى عضو ينتمى للميدان الاكاديمي متخصص في السمعي البصري. وياتى احداث هذه القناة – حسب واضعي المقترح -في اطار التطورات العميقة التي شهدتها المملكة بعد دستور 2011 تعزيزا للاختيار الديمقراطى وتثمنا لدولة الحق والقانون ولمجال الحريات العامة وفي اطار المشروع الحداثي. وبخصوص الهدف من احداث هذه القناة البرلمانية فان المقترح يوضح ان احداثها يرتكز أساسا على دعم ضمان الخيار الديمقراطي وحرية التعبير وحق المواطنات والمواطنين في الولوج للمعلومة باعتبار دورها في تكريس قيم الحرية والتعددية لمختلف تيارات الرأي في دائرة احترام القيم الحضارية الأساسية والقوانين الجارى بها العمل والانفتاح وتأهيل البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وقانونيا. واستنادا الى ارضيتها القانونية تهدف القناة البرلمانية التى ترتبط بقانون الاتصال السمعي البصري، الى مواكبة التطورات المتعددة والتحولات السريعة التي تعرفها مختلف وسائل الاتصال والتواصل و الاستفادة من مؤهلات مجتمع المعرفة وذلك وفق ماجاء في ديباجة الدستور والفصول المتعلقة بادوار المؤسسة التشريعية ومبادئ الديمقراطية التشاركية المعتمدة كأساس لبناء دولة الحق والقانون ومعزاعتماد منطق منهج الحوار والتشاور مع كل الفاعلين الاخرين من أجهزة المجلسين والحكومة. وان كان احداث قناة برلمانية التي من المقرر أن تمول من المساهمات والمخصصات السنوية المحددة في ميزانية المؤسسة التشريعية وعائدات الخدمات المقدمة والوصايا، على العموم مسألة إيجابية وتجعل المؤسسة التشريعية تدخل نادى البلدان التى تتوفر على مثل هذه الخدمة الإعلامية التواصلية السمعية البصرية المتخصصة، فإنه مع ذلك يطرح سؤال عريض حول ما اذا كانت هذه المبادرة من شأنها تحسين صورة البرلمان واعضائه لدى الرأي العام ؟ وهل ستمكن من الارتقاء بمستوى أدائه في مجال التشريع والرقابة والدبلوماسية البرلمانية؟ هل ستعمل على محو وتجاوز النظرة النمطية التى تكونت على المؤسسة التشريعية منذ ميلاد اول برلمان سنة 1963 ومرورا بالتجارب التى جاءت في ما بعد ؟ هل ستمكن مبادرة القناة النلفزية من ربح رهان المهنية والجودة والمصداقية وهي دعائم رئيسة لاستقطاب اهتمامات الرأي العام لكي يتصالح مع مؤسسته التشريعية. كما انه من المطروح مدى تمكن القناة من التوفيق بين توجهات الغرفتين خاصة في ظل الاختلاف الحاصل على مستوى تركيبة مكوناتهما وموقعهما في الهندية التسريعية. وعلى مستوى الأداء المهنى الاعلامي والخط التحريري للقناة تثار تساؤلات اخرى من قبيل ماهي حدود التماس بين الطاقم الادارى والصحفي ؟ وهل سيتم استنساخ تجربة قنوات الاعلام العمومي السمعي البصري وأسلوب تناوله لقضايا البرلمان وأنشطته؟ ام سيتم اعتماد مقاربات مهنية متجددة في تقديم برامج القناة وانفتاحها على الاسئلة الحقيقية التى يطرحها الرأي العام على ادوار البرلمان كمؤسسة تمثل السيادة الشعبية؟ أم ستظل قناة لتقديم خدمات للتواصل والدعاية؟ عوض الانخراط في التحولات المتسارعة التي يعرفها الاعلام والاتصال الذى ينحو بشكل أكبر في اتجاه ان يكون اعلام الحقيقة الذى يشكل الهدف الاسمى للصحافة. ان الاجابة على هذه التساؤلات في الحقيقة، ستكون سابقة لأوانها، مادامت تجربة القناة البرلمانية لم تنطلق بعد كما ينتظرها شوط ثان من المناقشة بالغرفة الثانية للمؤسسة التشريعية. كاتب صحفي باحث في القانون العام