هذا هو الشعار الذي ردده مشيعو جنازة نبيل الزوهري إلى متواه الأخير بمدينته تازة. ومثل الزوهري وقبله كمال العماري، ومحمد بودروة بآسفي، وعبد الوهاب زيدون بالرباط، وفدوى العروي بسوق السبت، والشباب الخمسة الذين وجدت جثتهم متفحمة بالحسيمة... كل هؤلاء الضحايا وآخرين لم تعرف حتى الآن حقيقة موتهم، رغم إعلان السلطات المختصة في كل مرة عن فتح تحقيق في موضوع وفاتهم الغامضة. حادثة مقتل الزوهري تطرح السؤال حول قيمة الإنسان في هذا البلد، فالشاب البالغ من العمر 19 سنة، كان مبحوثا عنه من قبل الشرطة، بسبب ظهوره في شريط فيديو وهو يحمل جهاز اتصال لاسلكي سقط من أحد عناصر التدخل السريع أثناء مداهمتهم لحيه السكني "الكوشة" بتازة، فهل كانت تستحق قيمة ذلك الجهاز التافه وضع ذلك الشاب المقبل على العمر على لائحة المطلوبين للشرطة، وحرمانه من الدراسة ومن بيت عائلته وحمله على اللجوء إلى الجبال للعيش في الكهوف مثل إنسان بدائي، ومطاردته مثل مجرم خطير حتى يسقط بين الصخور ويلقى حتفه مثل طريدة خائفة وشاردة؟ أما الرواية الرسمية لوفاة الزوهري، فهي تطرح أكثر من سؤال أمني وأخلاقي وقانوني على السلطة التي صاغت تلك الرواية. فقد جاء في رواية السلطة أن الشاب المغتال كان مبحوثا عنه لأنه كان يتعاطى لتدخين المخذرات في مغارة في قمة الجبل. وهنا يطرح سؤال الحكامة الأمنية: هل انتهت أجهزة الأمن بتازة من جميع الملفات الأمنية التي تديرها، ولم تبق لها من أولوية سوى مطاردة شاب في مقتبل العمر لأنه يتعاطى تدخين المخدرات في كهف في قمة الجبل؟ أما السؤال الأخلاقي والقانوني، فيطرح حول قيام نفس السلطات باستنطاق الشاب المتوفي وهو في سيارة الإسعاف أثناء نقله إلى المستشفى وهو في حالة حرجة انتهت بوفاته قبل وصوله إلى المستشفى؟ فقد جاء في بيان السلطات المحلية بتازة والذي عممته الوكالة الرسمية أن الهالك "صرح قبل نقله إلى المستشفى أنه اعتاد التوجه إلى الكهوف المذكورة من أجل استهلاك المخدرات ."!فمن قام باستجواب شخص كان في حاجة إلى المساعدة لإنقاذ حياته؟ وفي أية ظروف جرى ذلك الاستجواب؟ وما مدى تأثيره على حياة الضحية؟ قبل وفاة الزوهري المأساوية، صدر حكم على شاب زميل له هو جواد عبابوا بالسجن النافذ 10 سنوات بالتمام والكمال، بتهمة إضرام النار في سيارة للشرطة، فهل كانت تستحق مثل هذه التهمة لو ثبتت فعلا، مثل هذا الحكم القاسي؟ سكوت المجتمع المدني على استرخاص قيمة الإنسان هو نوع من التواطؤ مع صناعة الاستبداد.