أكد الملك محمد السادس أنه يتألم شخصيا ما دامت فئة من المغاربة لا زالت تعاني الفقر والحرمان المادي، رغم المنجزات والتقدم المحرز على عدة مستويات. وقال الملك في خطاب وجهه يوم الإثنين إلى الأمة بمناسبة الذكرى العشرين لتوليه الملك “يعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة”. وأكد الملك أنه لن يهدأ له بال، حتى تتم معالجة كل المعيقات، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية، مبرزا الأهمية الخاصة التي تم إيلاؤها لبرامج التنمية البشرية، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية من أجل التجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة. وأوضح الملك أن هذا الهدف يفرض توفر النظرة الشمولية، ووجود الكفاءات المؤهلة، والشروط اللازمة لإنجاز المشاريع المبرمجة، مثمنا النقلة النوعية المحققة على مستوى البنيات التحتية: الطرق السيارة، القطار فائق السرعة، الموانئ الكبرى بالإضافة إلى الطاقات المتجددة وتأهيل المدن والمجال الحضري. كما قال الملك “لقد قطعنا خطوات مشهودة في مسار ترسيخ الحقوق والحريات وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة”، مضيفا أن “البنيات التحتية والإصلاحات المؤسسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها”. وأضاف الملك إنه من منطلق الوضوح والموضوعية فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات لم تشمل بما يكفي مع الأسف جميع فئات المجتمع المغربي. وأضاف الملك أن بعض المواطنين، قد لا يلمسون مباشرة تأثير هذه المنجزات في تحسين ظروف عيشهم وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى. نموذج تنموي جديد ودعا الملك الحكومة للشروع في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى، تقوم على التكامل والانسجام، من شأنها أن تشكل عمادا للنموذج التنموي، في صيغته الجديدة. وقال الملك إن تجديد النموذج التنموي الوطني، ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو مدخل لمرحلة جديدة قوامها ” المسؤولية” و” الإقلاع الشامل “، والتي نريد أن نقود المغرب لدخولها، مبرزا أنه “يظل طموحنا الأسمى هو أن يلتحق المغرب بركب الدول المتقدمة”. وأبرز الملك أن المرحلة الجديدة، التي نحن مقبلون عليها، حافلة أيضا بالعديد من التحديات والرهانات الداخلية والخارجية، التي يتعين كسبها، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق أولا برهان توطيد الثقة والمكتسبات، وثقة المواطنين فيما بينهم، وفي المؤسسات الوطنية، التي تجمعهم، والإيمان في مستقبل أفضل. ويتعلق الأمر أيضا، يضيف الملك، برهان عدم الانغلاق على الذات، خاصة في بعض الميادين، التي تحتاج للانفتاح على الخبرات والتجارب العالمية، معتبرا أن الانفتاح يشكل عمادا للتقدم الاقتصادي والتنموي بما يتيحه من استفادة من فرص الرفع من تنافسية المقاولات والفاعلين المغاربة، وهو أيضا الدافع لتحسين جودة ومردودية الخدمات والمرافق، وتوفير المزيد من فرص الشغل. كما تطرق الملك لرهان التسريع الاقتصادي والنجاعة المؤسسية، مشددا جلالته على أن الرهان أيضا هو بناء اقتصاد قوي وتنافسي، من خلال مواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وخلق المزيد من فرص الشغل. وفي السياق ذاته، أكد الملك على أهمية الرفع من نجاعة المؤسسات، وتغيير العقليات لدى المسؤولين، داعيا القطاع العام إلى القيام، دون تأخير، بثورة حقيقية ثلاثية الأبعاد تتمثل في التبسيط، والنجاعة، والتخليق. وشدد الملك على أنه “قد سبق أن دعوت إلى ضرورة تغيير وتحديث أساليب العمل، والتحلي بالاجتهاد والابتكار في التدبير العمومي”. وخلص الملك إلى ضرورة رفع رهان العدالة الاجتماعية والمجالية لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع، حيث لامكان للتفاوتات الصارخة، ولا للتصرفات المحبطة، ولا لمظاهر الريع، وإهدار الوقت والطاقات.