وقع قادة الاحتجاج في السودان والمجلس العسكري الحاكم الاربعاء بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي التي تحدد أطر مؤسسات الحكم، وهو مطلب رئيسي للمحتجين منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في ابريل الماضي. وتخفف هذه الخطوة الكبيرة من المأزق السياسي في السودان، بعد أشهر من الاحتجاجات الحاشدة في ارجاء البلاد التي بدأت ضد البشير واستمرت بعد إطاحة الجيش به.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس أن الطرفين وقعا “الاعلان السياسي” بعد محادثات مكثفة ليلا استمرت 10 ساعات في فندق فاخر على النيل في الخرطوم لانجاز التفاصيل الأخيرة، وهو جزء من الاتفاق السياسي بين الطرفين، ولا يزال يتبقى الاتفاق على الإعلان الدستوري في الاتفاق. وقال نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم محمد حمدان دقلو المعروف ايضا باسم “حميدتي” والذي وقع الوثيقة بالنيابة عن المجلس العسكري، لوكالة فرانس برس “هذه لحظة تاريخية” للسودان. وقال حميدتي في كلمة تلت التوقيع إنّ الاتفاق يشكل “لحظة تاريخية في حياة الامة السودانية ومسيرتها النضالية ويفتح عهدا جديدا وواعدا من الشراكة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مع قادة الثورة السودانية المجيدة وشركائنا في قوة الحرية والتغيير”. ويقود حميدتي أيضا قوات الدعم السريع وهي قوات شبه عسكرية واسعة الانتشار والنفوذ ويخشاها الناس على نطاق واسع. من جهته قال ابراهيم الأمين نائب رئيس حزب الامة القومي “هناك وثيقتان، الأولى الاتفاق السياسي وتشمل هياكل الحكم والثانية ملحق مكمل لها الوثيقة الدستورية”. وتابع “تم فجر اليوم إكمال التفاوض حول الوثيقة الأولى (وهي) الإعلان السياسي وسيتم التوقيع عليها بالاحرف الأولى ويمثل هذا جزءا مصغرا من الاتفاق اما الوثيقة الثانية ففي الجلسة التالية الجمعة المقبلة”. وهذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 5 يوليوز جرى برعاية الاتحاد الافريقي ووسطاء اثيوبيين بعد مفاوضات مكثفة بين قادة الاحتجاج والمجلس العسكري الحاكم. ويلحظ الاتفاق تشكيل مجلس عسكري مدني مشترك “مجلس سيادي” لقيادة المرحلة الانتقالية التي ستستمر ثلاث سنوات. ويتكون المجلس من 11 عضوا، 6 مدنيين من بينهم 5 من قوى الحرية والتغيير و5 عسكريين. وينص الاتفاق الجديد على أن يترأس العسكريون أولا الهيئة الانتقالية ل21 شهراً، على أن تنتقل الرئاسة الى المدنيين ل18 شهرا. وسيشرف المجلس على تشكيل حكومة مدنية انتقالية ستعمل لثلاث سنين، تجرى بعدها انتخابات عامة. -“خطوة حاسمة” وأحدثَ الاتّفاق اختراقاً في الأزمة السياسيّة التي يشهدها السودان منذ إطاحة البشير في ابريل بعد أشهر من التظاهرات ضدّ حكمه. وتصاعدت حدة التوتر في 3 يونيو مع فض اعتصام المحتجين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم والذي أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى. واتهم المحتجون ومنظمات حقوقية قوات الدعم السريع بالوقوف خلف فض الاعتصام لكن جنرالات الجيش أصروا أنهم لم يأمروا بالفض الدامي للاعتصام. وتم ارجاء محادثات انجاز تفاصيل الاتفاق منذ 5 يوليوز عدة مرات بطلب من قادة المحتجين. وقال وسيط الاتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لبات في مؤتمر صحافي “لقد اتفق المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى الحرية والتغيير على اتفاق كبير جدا يشكل خطوة حاسمة في مسار التوافق الشامل بين القوتين”. وأضاف أن “هذا الاتفاق يفتح عهدا جديدا ويسهل التربة للخطوة التالية وهي دراسة وتنقيح والمصادقة على مرسوم دستور للمرحلة الانتقالية”. وخرج قادة المجلس العسكري من القاعة وسط هتافات الصحافيين وموظفي الفندق “مدنية مدنية”، أحد الشعارات والمطالب الرئيسية لحركة الاحتجاج. وعلى مقربة من مقر توقيع الاتفاق تجمع نحو مئة شخص غالبيتهم نساء ملوّحين بإعلام السودان وهاتفين “مدنية مدنية”. وقال المبعوث والمفاوض الإثيوبي محمود دردير والدموع في عينيه من شدة التأثر إنّ السودان “بلد عظيم وأصيل يجب أن يخرج من بوتقة الفقر والحصار وسجل ما يسمى بالدول الراعية للإرهاب”. وتابع “هذا الشعب العظيم يستحق هذا اليوم التاريخي. هنيئا للسودان وهنيئا لإفريقيا”.