وقفت الحكومة حائرة عندما احتل منتسبون لنقابة "الاتحاد العام للشغالين في المغرب" التابعة لحزب "الإستقلال" مقر الإدارة العامة للتكوين المهني بالدار البيضاء. وطيلة ليلة كاملة سعت قوات الأمن إلى إخلاء الملك العمومي من محتليه بطريقة سلمية. ونوه حميد شباط، الكاتب العام للنقابة بعمل وزارة الداخلية، المتمثل في عدم استعمال قوات الأمن للعنف. ومن جهته اكتفى عبد الإله بنكيران بوصف ما حدث بأنه مجرد "تجاوزات لا يجب التمادي فيها"، مؤكدا أن الحكومة تبقي باب الحوار مفتوحا على الدوام، وفي نفس الوقت "ستقوم بواجبها من أجل احترام القانون". لكن لم يكن هذا هو تصرف الحكومة عندما قام معطلون بنفس الفعل، عندما احتلوا مقر الأمانة العامة للحكومة في الرباط. فقد تعرض المعتصمون داخل ذلك المبنى إلى ما وصفوه ب "المجزرة الرهيبة"، التي خلفت ورائها "العديد من الإصابات الخطيرة على مستوى الرأس والكسور البليغة المترتبة عن تكسير النوافذ ودفع ورمي المعتصمين من فوق منافذ البناية من طرف عناصر القوات العمومية التي قامت بتجريدهم من ملابسهم وممتلكاتهم..." كما أوردت ذلك بعض وسائل الإعلام. المفارقة، أن المعطلين الذين اقتحموا مبنى الأمانة العامة للحكومة فعلوا ذلك بطريقة سلمية، ودخلوا المبنى عزلا إلا من شعاراتهم كما أظهرت ذلك الفيديوهات التي بثوها على المواقع الاجتماعية، ولم تلجأ السلطات إلى فتح أي حوار معهم عندما داهمتهم لإخلاء المبنى مستعملة العنف والقوة المفرطة ضدهم. أما عناصر نقابة شباط فقد كتبت الوكالة الرسمية للأنباء (لاماب) بأنهم احتلوا مبنى إدارة التكوين المهني مسلحين بالهراوات والعصي. ووصف وزير التشغيل عبد الواحد سهيل سلوكهم ب "الإرهاب". ومع ذلك لجأت السلطة إلى فتح حوار معهم ولم تتم إحالة أي منهم على القضاء لاستعماله القوة والتهديد بالعنف لاحتلال مبنى عمومي ! لماذا؟ لأنهم ينتمون إلى نقابة شباط الموالية لحزب "الاستقلال"، الحليف الاستراتيجي لحزب رئيس الحكومة ! ماحدث اختبار يكشف عمق المفارقة في كل التصريحات التي صدرت عن رئيس الحكومة ووزيريه في العدل والاتصال عندما كانوا يصدرون بيانتهم شديدة اللهجة، ويطلقون العنان لتصريحاتهم النارية ضد فقراء حي الكوشة بتازة، يتهددون كل من يخل ب "هيبة السلطة". أما تنويه شباط بآداء قوات وزير الداخلية، فيفضح ازدواجية التعامل الأمني مع اعتصامات المعطلين في الرباط عندما يتم تعنيفهم ومحاصرتهم ومنع الماء والخبز الحافي عنهم حتى لو أدى ذلك إلى احتراقهم وموتهم كما حصل مع عبد الوهاب زيدون الذي توفي وهو يحاول أن يجلب رغيف خبز حاف لرفاقه الجوعى المعتصمين! حنظلة...