قال نزار بركة الأمين العام لحزب “الاستقلال” إن الأوضاع في المغرب لا تتسم فقط باستمرار أجواء الاحتقان والشك، واتساع بوادر التصادم بسبب تفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية، وإنما كذلك بتطبيع المواطنات والمواطنين مع عجز الحكومة، ومع خلافات مكوناتها، ومع تنصلها من التزاماتها ووعودها، ومع مشاريع الإصلاح والتنمية المعلقة التي أصبحت رهينة التقديرات الحزبية لمكونات الأغلبية الحكومية. وتساءل بركة خلال ترأسه يوم أمس الأحد أشغال الدورة الثالثة العادية للجنة المركزية لحزبه، عن المصير المجهول للقانون الإطار لإصلاح التربية والتكوين والبحث العلمي، وإصلاح التقاعد الذي سيقترب في سنوات قليلة من عجز هيكلي جديد سيتحمل كلفته المواطن مرة أخرى، بالإضافة إلى الإصلاح الشمولي للمقاصة أمام اختلالات التحرير المنقوص للمحروقات والتدهور المتواصل للقدرة الشرائية.
وأضاف ” قد نستمر في جرد الإصلاحات المؤجلة، والاستراتيجيات التي تنتظر التفعيل، والسياسات العمومية التي أفرغت من محتواها وأثرها التنموي وأصبحت عبءا جديدا بعدما كانت حلا وأملا يتطلع إليه المواطنات والمواطنون”. وأكد بركة أن موقع المسؤولية التي فيها حزب “الاستقلال” كمعارضة وطنية استقلالية، تقتضي منه أن يسمي الأشياء بمسمياتها، وأن يتبنى خطاب الواقعية والصراحة، وقول الحقيقة التي يعيشها المواطن في الواقع اليومي. وأشار أن “المساحيق والأصباغ الرقمية والإحصائية التي توظفها الحكومة، كافية من أجل تحويل النقائص والاختلالات إلى منجزات، وتحويل العجز إلى نجاحات، وكأن الحكومة تبحث عن إشباع أو انتشاء داخلي بعيدا عن رضا المواطنات والمواطنين، ليس إلا”. وأبرز بركة أن حزب “الاستقلال” توجه إلى الحكومة بمذكرات حول النهوض بالشريط الحدودي وجهة الشرق، وحول مشروع قانون مالي تعديلي لمواجهة الغلاء وحماية القدرة الشرائية للطبقة الوسطى المهددة بالتفقير، ولدعم التشغيل وخلق فرص الشغل أمام الشباب الذي يغامر بحياته في البحث عن ملاذات أخرى خارج أرض الوطن، تحقق له الكرامة والإدماج والاستقرار والارتقاء الاجتماعي، وهي مبادرات وغيرها لم تجد سوى نفس المآل التي وجدته المطالب المشروعة للمواطنات والمواطنين، لا إنصات ،ولا تفاعل، ولا تجاوب، ولا حلول استعجالية ولا هيكلية للمشاكل المتاركمة والتي لا يزيدها التجاهل إلا تعقيدا. وتساءل بركة في مداخلته بأشغال الدورة العادية للجنة المركزية لحزبه التي ناقشت أيضا موضوع الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عن الكيفية التي تريد من خلالها الحكومة أن تستقطب وتعزز جاذبية المغرب للإقامة أو الاستثمار أمام مغاربة العالم، وهم يتابعون عن كثب، وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، هجرات ممنهجة وكبيرة للكفاءات والخبرات من أطباء ومهندسين وغيرهم، بالإضافة إلى تدفقات الهجرة السرية التي ارتفعت في السنوات الأخيرة بوتيرة مقلقة. وأكد بركة أنه لا يمكن استعادة ثقة مغاربة العالم إلا من خلال إرساء تعاقد جديد يواكب التحولات السياسية والمجتمعية الجارية في بلدان الإقامة ، ويفعل مقومات المواطنة الكاملة التي يكرسها الدستور سواء لمغاربة الداخل أو الخارج.