أشار استطلاع للرأي أجري لصالح هيئة “بي بي سي” عربي البريطانية، مؤخرا إلى أن نصف الشعب المغربي تقريبا يفكر في الهجرة، وهي نسبة ارتفعت في الآونة الأخيرة بعد أن كانت تسير نحو الانخفاض في العقد الأخير. وشمل الاستطلاع منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عامي 2018 و2019 وأجرته شبكة البارومتر العربي للبحوث – وتم طرح تساؤلا مثيرا للاهتمام والانتباه من قبيل: هل يوشك المغرب أن يرى احتجاجات جماهيرية ضد الحكومة؟ فالسودان والجزائر شهدا في أبريل الماضي تغييرات سياسية كبيرة في نطاق ما أصبح يسمى الربيع العربي الثاني. ولكن بينما بدا أن الإطاحة بعمر حسن البشير وعبد العزيز بوتفليقة كانا حدثين مفاجئين، وكانت الأدلة موجودة في الاستطلاع الذي أجراه البارومتر العربي لصالح “بي بي سي” عربي. فقبل أشهر عدة من اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية التي أطاحت بالحكومتين، كانت ردود المشاركين السودانيين والجزائريين على الأسئلة التي وجهها إليهم المُستطلِعون تشير إلى غضبهم وخوفهم ويأسهم. وقال ثلاثة أرباع السودانيين إن بلادهم أقرب إلى الديكتاتورية منها إلى الديمقراطية – وهي أعلى نسبة في المنطقة العربية. أما في الجزائر، فكانت النسبة 56 في المئة، وجاءت الجزائر في المرتبة الثالثة بعد السودان وليبيا. وقال ثلثا الجزائريين تقريبا إن الانتخابات الأخيرة التي أجريت في البلاد (انتخابات 2014)، كانت غير حرة وتفتقر إلى النزاهة، وهي نسبة تفوقت على كل المناطق الأخرى التي شملها الاستطلاع. ولم يقل إلا ربع السودانيين وثلث الجزائريين إن حرية التعبير لها وجود في بلادهم. ففي معظم المناطق، أشار الاستطلاع إلى وجود رغبة في الإصلاح المتدرج والسلس، إلا المغرب. فنصف المغاربة المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يريدون تغييرا سياسيا فوريا. المغاربة مع التغيير الفوري وبخصوص المغرب أبان الاستطلاع عن اختلاف عمري واضح في البلاد إزاء معظم القضايا الجوهرية. فمثلا، يرغب 70 في المئة ممن هم دون ال 30 بالهجرة بينما تبلغ النسبة عند من هم في الأربعينيات من أعمارهم 22 في المئة فقط. وبينما ينظر نصف ممن تجاوزوا الستين إلى الحكومة نظرة إيجابية، لا يشاركهم في ذلك إلا 18 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما. وبعد موجة احتجاجات اندلعت في عام 2011، أعلن الملك محمد السادس عن برنامج للاصلاح. وفعلا، سُنّ دستور جديد نص على توسيع صلاحيات البرلمان ورئيس الحكومة، ولكنه نص أيضا على احتفاظ الملك بسلطته على الحكومة، كما لم تنفذ العديد من الاصلاحات الموعودة. ولكن الاستطلاع كشف عن أن المغاربة منخرطون بقوة في حركات الاحتجاج السلمية إذ لا يسبقهم في ذلك إلا اليمنيون والفلسطينيون الذين تشهد مناطقهم صراعات وحروب منذ أمد بعيد. وقال أكثر من ربع المغاربة الذين استطلعت آراؤهم إنهم شاركوا في احتجاجات أو اعتصامات ذات طبيعة سلمية. وعلى مستوى أوسع، يُمكن القول إن المغرب، يعيش مرحلة تحول، فعدد المغاربة الذين يصفون أنفسهم بأنهم غير متدينين تضاعف أربع مرات منذ عام 2013، في وتيرة هي الأسرع في المنطقة العربية بأسرها. وقالت “بي بي سي إنها اتصلت بالحكومة المغربية طالبة منها التعليق على ما جاء في الاستطلاع ولكن لم يصلها أي رد. وذكرت “بي بي سي” أن المغرب سبق أن هزته احتجاجات على الفساد والبطالة الشمال المغربي المهمش في عامي 2016 و2017، وذلك في نطاق حركة عرفت ب “حراك الريف” الذي شارك فيه الآلاف واحتجز إثره المئات. كما شهد المغرب احتجاجات في أبريل الماضي بعد أن ثبّتت محكمة أحكام السجن لمدة 20 عاما كانت قد صدرت بحق متزعمي “حراك الريف”. وتقول “بي بي سي” إن المغرب لم يشهد بعد ربيعه العربي، فحركة الاحتجاج التي اندلعت في ال 20 فبراير 2011، لم تؤد إلى تغييرات جوهرية. وما زال الملك يمسك بكل الخيوط بينما كانت الاصلاحات السياسية التي اعتمدت محدودة النطاق. ويعبر مايكل روبينز الذي يعمل في شبكة البارومتر العربي التي أجرت الاستطلاع لحساب “بي بي سي”، عن حذره من انتشار الفكرة القائلة إن النظام الملكي آيل للسقوط. ولكنه يضيف أنه ينبغي على الحكومة المغربية أن تنتبه إلى نتائج الاستطلاع. ويقول “المغاربة، والأجيال الشابة على وجه التحديد، يميلون أكثر من الشباب في الدول الأخرى نحو الرغبة في التغيير السريع، كما أنهم أقرب إلى الشرارة التي تلهبهم”. وخلص مايكل روبينز ان المغرب إن لم يكن يقف على حافة الهاوية فإنه يقف عند مفترق طرق. ويتوقف الكثير الآن على ما تريده الأغلبية الشابة من الملك والحكومة الفاقدة للشعبية. المصدر: عن موقع “بي بي سي” عربي