توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بدء إغلاق صناديق الاقتراع في أمريكا    مشاريع مهيكلة بسيدي إفني ومير اللفت    المنتخب المغربي للفوتسال ينهزم وديا أمام نظيره الفرنسي (1-3)    29 برلمانيا بمجلس المستشارين يصادقون على مشروع قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وثلاثة يمتنعون            وهبي يتهم جمعيات المحامين ب"الابتزاز" ويُكَذب تصريحات بشأن قانون المهنة    نتنياهو يقيل وزير الدفاع جالانت بسبب "أزمة ثقة"    منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تطلق بباريس مراجعة سياسات الاستثمار في المغرب    مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية برسم سنة 2025 يندرج في إطار مواصلة تفعيل مخططاتها وبرامجها الهيكلية (لفتيت)    حكومة إسبانيا تعلن خطة مساعدات بعد فيضانات خلفت 219 قتيلا    ذكرى استرجاع أقاليمنا الجنوبية    الرباط.. إطلاق العديد من مشاريع التسريع المدني للانتقال الطاقي    وقفة تستنكر زيارة صحفيين لإسرائيل        عندما طلب مجلس الأمن وقف «المسيرة « وأجاب الحسن الثاني : لقد أصبحت مسيرة الشعب    بنك المغرب يكشف حقيقة العثور على مبالغ مالية مزورة داخل إحدى وكالاته    "يوسي بن دافيد" من أصول مغربية يترأس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    أخنوش: خصصنا في إطار مشروع قانون المالية 14 مليار درهم لدينامية قطاع التشغيل    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء            مرحلة ما بعد حسم القضية..!    التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    قرض ب400 مليون أورو لزيادة القدرة الاستيعابية لميناء طنجة المتوسط    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    كَهنوت وعَلْموُوت    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلدان المغربية والرهان التاريخي
نشر في لكم يوم 29 - 05 - 2019

كان مما كتبه المنصف المرزوقي قبيل أيام معدودة، في صفحته، أن العالم العربي يوجد في مفترق طرق بين ماض طغى فيه النزوع لمشرقة المغرب، وهو النزوع المستمر في ما يسميه السيد منصف المرزوقي بمحور الشر المناهض للتغيير الديمقراطي والسيادة الشعبية، والنزوع الذي ينتصب السيد منصف المرزوقي مدافعا عنه، وهو مغربة المشرق..
توصلت برد على تدوينة المنصف المرزوقي من لدن سعيد سعدي من الجزائر. يقف سعيد السعدي على ما ورد في تدوينة المرزوقي من أن ما يجري في الجزائر من حراك سوف تكون له انعكاسات إيجابية على جارها الشرقي، لأن النظام الجزائري حينها، حسب المرزوقي، سعى إلى أن يجهض الدينامية الديمقراطية في تونس، ويدعم محور الثورة المضادة، ولذلك فنجاح المسار الديمقراطي في الجزائر سينعكس إيجابا على تونس، مثلما أنه سوف يضع حدا للحالة السيريالية مع المغرب، بإغلاق الحدود البرية، وهكذا لسوف تبرأ الجزائر، حسب المرزوقي، من أدواء الاستعمار والاستبداد...
ويقر المنصف المرزوقي بأن المنطقة المغاربية هي في مفترق الطرق.. قد تنزلق بالنظر إلى تأثير الاتجاهات الفاشية، وتدخل حينها في الصراعات الطائفية، ولكنها يمكن أن تنهض بالنظر إلى ثرائها الحضاري، وقابليتها على الانفتاح، واستيعابها للتعدد، وطبيعة نخبها.. يغلّب المرزوقي كفة الأمل والاستدراك والوعي من دون أن يغفل الأخطار المحتملة. لم يكن سعيد سعدي ليبعث برده على المرزوقي، لولا رغبته في توسيع دائرة النقاش، كي يتضمن طرفا مغربيا. وهو نقاش كنت قد بدأته قبل سنوات مع سعيد سعدي الذي لم تخُف رغبته منذ ذلكل المقالاتك الحين، وإرهاصات التحلل بادية في الأفق لمنظومة مترهلة، من ضرورة التفكير في الخروج من المأزق التاريخي الذي توجد عليه المنطقة المغاربية. في الرد على المرزوقي، يؤكد سعيد سعدي الإيمان بوحدة شمال إفريقيا وتجذره في المخيال الجماعي، مثلما يظهر ذلك جليا كذلك في حركة الجماهير وهواجس المثقفين. يقر بأن الحراك الديمقراطي في الجزائر غايته التخلص من مخلفات الاستعمار والاستبداد... ومن الأصولية الدينية كذلك، وهو ما لا يعرض له المرزوقي. ينحو المرزوقي باللائمة على ما يسميه محور الشر، ويشير إلى الإمارات والسعودية ومصر. يرد عليه سعيد سعدي أنه يلتزم الصمت في ما يخص تدخلات مشرقية أخرى، ليست أقل تأثيرا ولا سوءا.
هل الخيار هو الانتقال من مشرقة المغرب، إلى مغربة المشرق، كما يقول المرزوقي؟ ما الفائدة من فرض تصورات على عالم غير مستعد لل
انسكاب في القوالب الكونية، وتطبعه الصراعات المذهبية والطائفية، وظل ينظر دوما إلى المغرب (بالمعنى العام) من عل؟ أليس الأجدى هو مغربة المغرب (الكبير) كي يعبئ قواته الكامنة، ويوجهها الوجهة التي من شأنها أن تحصنه من أي وصاية كانت، من الشرق أو الغرب. ومن الضروري تذكير المنصف المرزوقي بما كتبه في جريدة «لوموند» بتاريخ 20 إبريل 2011 في خضم تفتق بواكير «الربيع العربي» من أن الانتقال الديمقراطي لن يتم من دون علاقات طبيعية مع الغرب، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد، مع علاقات شراكة في الضفة الغربية للبحر الأبيض المتوسط. ولا شك في أننا في هذا الظرف الدقيق نحتاج، على المستوى المغاربي، حوارا حرا مثلما نحتاج رص جبهة ديمقراطية، إن صح هذا التعبير، تسند بعضها بعضا، كما كان الأمر إبان حرب التحرير.
الغاية مثلما يقول المنصف المرزوقي هو وحدة تكون في منأى من كل وصاية، ومحصنة من كل أنظمة فظة، وهو أمر لا يتنطح فيها عنزان، كما يقال، ولكن هل هناك حظوظ لمغربة المشرق مثلما يدعو المنصف المرزقي، وما الفائدة منه؟ أليس الأولى والأجدر هو المصالحة مع أنفسنا؟ هل يمكن أن نتستر على القطيعة التي تمت في البلاد المغاربية، وخاصة ما بين المغرب والجزائر، وتركت ندوبا.
إن المخرج مما تعيشه البلدان المغاربية يكمن في الوحدة، أو الفيدرالية، لأن الوحدة لا تعني هدم المسارات التاريخية لكل كيان وخصوصيته السياسية.. وواقع الحال يفيد بأن عدم قيام الوحدة، هو الذي جعل المنطقة المغاربية تخضع لنوع من الحماية أو الوصاية من بعض دول الشرق الأوسط.. نعم، المنطقة المغاربية في مفترق الطرق، كما يقول المنصف المرزوقي، بين احتمال الاندحار وهو أمر وارد، وإمكانية الاستدراك، وهو أمر ممكن، ولكنه لن يتم بقدرة قادر، ولكن برؤية، وانخراط نخبة. لا يمكن طبعا أن نضرب صفحا عما انتسج من علائق مع بلدن الشرق الأوسط لقرون، ثقافيا وإنسانيا وسياسيا، مع ضرورة نصرة القضايا العادلة، وكل ما يصب في احترام حقوق الإنسان وكرامة المواطن، ولكن للجغرافية كلمتها، والمحيط الأقرب لشمال إفريقيا هو الضفة الجنوبية حوض البحر الأبيض شمالا، وإفريقيا جنوبا.
أشاطر ما كتبه سعيد سعدي من أن «الثورة التي تجري حاليا ينبغي أن لا تدير الظهر للبعد الإقليمي في كفاحها. وهو الشرط الأساس في نجاحها». لنُنجحْ هذا الخيار، من دون أحلام إمبريالية، ولا أوهام أيديولوجية. وللمنصف المرزوقي فضل إثارة الحوار في ظرفية دقيقة وحاسمة. وليس لأصحاب الرأي أن يركنوا للتتبع والتأثر والانطباع، وإنما يتعين عليهم الانخراط في ما يجري والتأثير فيه بفكر ورؤية وشجاعة.
المصدر: عن موقع "القدس العربي"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.