كشفت دراسة أمريكية حديثة، أن الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًا في الهواء الملوث الذي تستنشقه النساء الحوامل، وخاصة الناجمة عن حرق الفحم، يمكن أن تسبب عيوبًا خلقية ووفيات بين الأطفال. الدراسة أجراها باحثون بجامعتي تكساس وكاليفورنيا في الولاياتالمتحدة، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية (Proceedings of the National Academy of Sciences) العلمية. وللوصول إلى نتائج الدراسة، ركز الباحثون على الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًا التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر، التي يتعرض لها النساء خلال فترة الحمل. وتنبعث الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًا في الغالب من مصادر صناعية، بالإضافة إلى عوادم السيارات، والطهي بالخشب والتدخين، ويمكن استنشاقها فتستقر في الرئة وتنتقل إلى مجرى الدم، وتزيد فرص إصابة الأطفال بالإعاقة الذهنية والأمراض العقلية. وركز الفريق بشكل خاص على كبريتات الأمونيوم التي تنبعث بشكل رئيسي من عملية حرق الفحم، وهو مصدر رئيسي للطاقة في معظم أنحاء العالم في كل من البلدان المتقدمة والنامية. وأجرى الفريق دراسته على مجموعة من الفئران الإناث خلال فترة الحمل، وعرضوهم لمستويات مرتفعة من الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًا وخاصة كبريتات الأمونيوم. ووجد الباحثون أن الفئران الإناث التي تعرضت لمستويات مرتفعة من كبريتات الأمونيوم أثناء الحمل، أصيبت ذريتها بعيوب خلقية خاصة في القلب والمخ، وكانت أكثر عرضة للوفاة المبكرة بعد الولادة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسات سابقة أن هذا التلوث يؤدي إلى إضعاف أجهزة المناعة لدى الأجنة، لكن الدراسة الحديثة تكشف أن التلوث يؤدي لانخفاض معدلات بقاء الجنين على قيد الحياة، وكذلك عدم اكتمال الحمل التي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض وزن المواليد، بالإضافة إلى الأضرار التي تلحق بالدماغ والقلب والأعضاء الأخرى، نتيجة عدم اكتمال نمو الجنين داخل الرحم. وقال الدكتور ريني تشانغ، قائد فريق البحث: “يعتقد الناس عادة أن كبريتات الأمونيوم قد لا تكون سامة بشكل رهيب، لكن نتائجنا تظهر آثارًا كبيرة لهذه المادة على الفئران الحوامل”. وأضاف أن “كبريتات الأمونيوم مشتقة من الأمونيا تنتج من الانبعاثات الزراعية والسيارات والحيوانية، بخلاف عملية حرق الفحم، وبالتالي فإنها تمثل بالتأكيد مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم”. ويعتبر تلوث الهواء عامل خطر مساهم لعدد من اﻷمراض، بما فيها مرض القلب التاجي، وأمراض الرئة، والسرطان، والسكري. وكشفت منظمة الأممالمتحدة للطفولة “يونسيف”، أن نحو 17 مليون رضيع في شتى أنحاء العالم يتنفسون هواء سامًا، بما قد يضر بتطور أدمغتهم. وبحسب تقرير صدر عن البنك الدولي في 2016، يتسبب تلوث الهواء في وفاة شخص من بين كل 10 أشخاص حول العالم، ما يجعلها رابع أكبر عامل خطر دوليا، واﻷكبر في الدول الفقيرة حيث يتسبب في 93 بالمئة من الوفيات أو اﻷمراض غير المميتة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 9 من كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم يتنفسون هواء يحتوي على نسبة عالية من الملوثات، ويبلغ إجمالي الوفيات المبكرة الناجمة عن التلوث أكثر من 7 ملايين حالة وفاة سنويا.