لمن لا يتذكر هذا الاسم "لخريف"، فهو أحمد لخريف، كاتب الدولة بوزارة الخارجية في بداية عهد حكومة عباس الفاسي، الذي تم طرده من الحكومة بدعوى أنه يحمل جنسية مزدوجة هي الجنسية الإسبانية. ولمن يعود إلى وقائع ذلك الحادث سيكتشف أن بعض الصحف أقامت الدنيا ولم تقعدها منتقدة الولاء المزدوج للخريف، الوزير من أصول صحراوية في حكومة الفاسي، وذهبت إلى حد اتهامه بالخيانة والتآمر على الوطن لأنه يحمل جنسية مزدوجة في منصب وصف آنذاك بالحساس والسيادي...وهلم جرا ! رغم أن الرجل المغمور كان يشغل منصبا مغمورا لا أحد سمع بوجوده لا قبله ولا بعده... اليوم هناك ثالث شخصية رسمية في الدولة بعد الملك ورئيس الحكومة، وهي شخصية رئيس مجلس النواب، وهو منصب أكثر من حساس وسيادي واستراتيجي... ومن يحتل هذا المنصب اليوم هو رجل يحمل الجنسية المزدوجة، إنه كريم غلاب، الذي انتخب مؤخرا رئيسا لمجلس النواب رغم أنه يحمل الجنسية المزدوجة المغربية والإيطالية. لكن لم يطعن أي كان في انتخابه، كما لم يشكك أي كان في ازدواجية انتمائه وولائه، ولم يتهمه أي كان في وطنيته... إزدواجية المعايير في هاتين الحالتين تدفع إلى الشك بأن أصول لخريف الصحراوية سبقت جنسيته الإسبانية في طرده من بيت الحكومة، وإلا لماذا لم يطرح نفس السؤال الأخلاقي حول إزدواجية الولاءات والانتماءات على حاملي الجنسية المزدوجة من كبار مسؤولي الدولة من إدريس بنهيمة، الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية الحامل للجنسية الفرنسية، إلى مصطفى التراب، الرئيس المدير العام للمجمع الشريف للفوسفاط الحامل للجنسية الأمريكية، مرورا بالوزير المنتهية ولايته عزيز أخنوش، "إمبراطور المحروقات" في المغرب الحامل للجنسية الكندية...وصولا إلى "الإيطالي" كريم غلاب، رئيس مجلس النواب المغربي...وما خفي أعظم ! في الأردن المملكة الهاشمية الصغيرة، والتي لا تختلف عن المغرب في الكثير من النواحي، أصدر ملكها مرسوما يقيل جميع الأشخاص المزدوجي الجنسية من المسؤوليات الحكومية والسيادية وحتى التمثيلية داخل مجلسي الأعيان والأمة... ولو صدر مثل هذا القرار في المغرب لتعطلت أغلب قطاعاتها الإستراتيجية، ولاضطرت البلاد إلى إعادة انتخاب ثلث أعضاء "ممثلي" أمتها تحت قبة البرلمان !