أكد محمد عبد الحميد عبد الرحمن في تقرير صدر في موقع إذاعة هولندا العالمية أن موضوع الجنسية المزدوجة لبعض الوزراء والنواب الهولنديين هيمن على جلسة البرلمان الهولندي في غضون هذا الأسبوع خلال مناقشة خطاب الحكومة الذي قدمه رئيس الوزراء مارك روته، وتعرض رئيس الوزراء لانتقاد حاد من قبل المعارضة لمواقفه التي وصفت بالمزدوجة والمتنافضة بهذا الشأن، واتهم بالتمييز بين المواطنين على أساس دولة الأصل. ويقو ل التقرير ذاته أن القصة بدأت بتعيين السيدة مارليس فيلدهاوزن فان زاتن (الحزب المسيحي الديموقراطي) في منصب وزير الدولة للصحة العامة في حكومة مارك روته، والتي تحمل الجنسية السويدية بجانب الجنسية الهولندية. اعتبر الكثيرون أن القبول السهل لمارك روته بوزير في حكومته يحمل الجنسية المزدوجة تناقضا، بل ونفاقا سياسيا، ودعوه للاعتذار علنا لحوالى مليون هولندي يحملون جنسيات أخرى لما لحقهم بمواقف روته عام 2007 . واتخذ الجدال منحى أكثر حدة بإعلان رئيس الوزراء مارك روته أخيرا أنه لازال على موقفه الذي أعلنه عام 2007، لكن هنالك فرقا بين الحامل للجنسية السويدية والحامل للجنسية المغربية أو التركية، مشيرا إلى أن المغرب وتركيا تحاولان باستمرار التدخل في شؤون مواطنيهما في الخارج والتأثير عليهم بينما لا تفعل السويد ذلك. لكن حجته بدت حسب التقرير مهتزة وغير مقنعه خاصة وأن اثنين من نواب حزبه الليبرالي يتمتعان بالجنسية المزدوجة أحدهما مغربي والآخر بريطاني. والتقط زعيم حزب العمل المعارض يوب كوهين المسألة ووجه اتهاما لرئيس الوزراء بالتمييز بين المواطنين على أساس الأصل، معتبرا أن ذلك مخالفا للدستور الذي يشدد على عدم التمييز بين المواطنين على أي أساس، وقال إن على رئيس الوزراء أن يكون قدوة في التمسك بمبادئ المساواة وعدم التمييز. ورد مارك روته بأنه قد بحث الأمر مع الوزيرة المعنية وحزبها، وأنه خلص إلى أن الأكثر أهمية في هذا السياق هو ولاء والتزام الشخص المعني وأهليته للاضطلاع بمهام عمله وكل هذه الشروط تتوفر في السيدة فيلدهاوزن. وأضافت إذاعة هولندا العالمية أن الأمر نفسه ينطبق على خيرت فيلدز زعيم حزب الحرية اليميني الذي اتخذ موقفا متشددا وقتها (عام 2007)، وتقدم بمقترح للبرلمان بسحب الثقة من البيرق وأبوطالب إذا لم يعلنا التخلي عن جنسيتهما الأصلية، بدعوى أن الجنسية المزدوجة تعبير عن الولاء المزدوج أيضا، لكن الاقتراح لم يحظ آنذاك بأي سند في البرلمان ولم يصوت روته لصالح المقترح عام 2007 ، لكنه أعرب عن تحفظات مماثلة، ودعا إلى ضرورة وضع مثل هذه الاعتبارات في الحسبان عند التعيين في المناصب العامة. وانتقد كل قادة الأحزاب اليسارية المعارضة موقف رئيس الوزراء ووصفوه بالتناقض والازدواجية واعتبروا هذا الموقف بداية سيئة، لكن المراقبين أجمعوا اليوم على أن مارك روته، أصغر رئيس وزراء هولندي سنا، أثبت أنه يتمتع بقدرات قيادية عالية وأنه مجادل حاذق تمكن من الدفاع عن موقفه الصعب بكفاءة واحتفظ بتماسكه ولغته الرصينة وقدرته على توضيح آرائه دون استفزاز خصومه. وتقدم حزب الحرية الذي يتزعمه فيلدرز باعتراض على وزيرة الصحة العامة، لكنه لم يتقدم باقتراح بسحب الثقة منها كما فعل عام 2007 ضد السيدة البيرق، وبرر فيلدرز ذلك بصراحة ووضوح بأنه لا يرغب في إسقاط الحكومة الحالية التي يدعمها، على عكس رغبته الأكيدة سابقا في إسقاط حكومة باكينينده عام 2007. واحتفظ الحزب المسيحي الديموقراطي بمسافة مناسبة من حليفيه الحزب الليبرالي وحزب الحرية، وانتقد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب موقف رئيس الوزراء بلهجة واضحة لكنها أقل حدة من المعارضة. ويرى بعض المحللين أن الحزب المسيحي الديموقراطي ربما يكون قد تعمد ترشيح وزير دولة يحمل جنسية مزدوجة في إشارة ذات مغزى للهولنديين ذوي الأصول الأجنبية بأن موقفه متمايز عن حليفيه في الحكومة، الحزب الليبرالي وحزب الحرية. وتقدمت أحزاب المعارضة المؤلفة من حزب العمل والحزب الاشتراكي والديمقراطي 66 واليسار الأخضر، بتقديم ملتمس للبرلمان يؤكد فيه، بلا مواربة، على أن جميع المواطنين سواسية وأن الحكومة لا تتبنى سياسات مكافحة ما يسمى ب»الأسلمة» ، وذلك ردا على نهج فيلدرز المعادي للإسلام، وصادقت كل الأحزاب الحاكمة والمعارضة على هذا الالتماس ما عدا حزب الحرية وهو حزب فيلدرز، بالإضافة إلى «اس خ ب» وهو حزب مسيحي متشدد يقال إنه لا يؤمن بمساواة الرجل المرأة.