دعا كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، خالد الصمدي، الدول العربية إلى تنفيذ حزمة إصلاحات للاحتفاظ بالباحثين العرب، الذين تستقطبهم شركات أجنبية، مما يضيع فرصا على الاقتصادات العربية. الصمدي قال، في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية، إن “جامعات مغربية وعربية أخرى حققت تقدما في التصنيف الدولي، ودخلنا التصنيفات الدولية الكبرى لنادي الجامعات الألف الأولى عالميا”. وشدد على ضرورة اعتماد جملة إصلاحات لضمان استمرار الباحثين العرب في بلدانهم، محددًا هذه الإصلاحات بتأهيل بنية العمل في مختبرات البحث العلمي، وتزويدها بتجهيزات متطورة، و”ضمان المعلومات الدقيقة المستعملة في المجال العلمي، والتي مايزال الكثير منها محاط بنوع من السرية”. وحثكاتب الدولة أيضا على تحسين بيئة العمل مع الشركات الكبرى، عبر التشجيع على الاستثمار والاستقرار في الدول العربية. ومضى قائلا إن “التحدي لم يعد كما كان في السابق، وهو الهجرة المادية للأدمغة، بل استقرار مادي وبدني (لباحثين عرب في البلدان العربية) وهجرة بالفعل للعقول كما يطلق عليها”. وأوضح أن العديد من الخبراء المغاربة يعيشون في بلدهم، لكن يعملون في الوقت نفسه مع شركات أجنبية، تقدم لهم إغراءات وامتيازات يصعب رفضها. التعاون العربي الصمدي تطرق إلى مستوى التعاون بين الدول العربية بقوله: “صحيح لدينا شراكات تعاون ثنائية وثلاثية مع الكثير من الدول العربية والإسلامية، لكن العديد منها لا يُفّعِل بالشكل المطلوب”. وأوضح أن اختلاف اللغات المعتمدة في التعليم العالي بين الدول العربية يؤثر سلبا على التعاون العلمي. وأقر بأن اعتماد المغرب اللغة الفرنسية في التعليم العالي “يؤثر سلبا” على هذا التعاون، ويؤدي إلى عدم استفادة الطلاب المغاربة والأساتذة الباحثين من عروض في قطر والإمارات والسعودية والكويت، وغيرها من الدول التي تعتمد الإنجليزية. مدن الابتكار خلال السنوات العشر الأخيرة، وفقا لكاتب الدولة، حدث “ارتفاع مهم في معدل براءات الاختراع في الجامعات المغربية”. وتابع أن هذا الأمر دفع المملكة إلى إحداث “بنية مهمة تُسمى مدن الابتكار في ست جامعات، ونطمح إلى تعميم التجربة على مختلف الجامعات المغربية”. وأوضح الصمدي أن دور “مدن الابتكار” يتمثل في احتضان المخترعين والمبتكرين حتى الوصول إلى مرحلة تسجيل براءات الاختراع، ثم الربط بين هذا الاختراع والشركة التي ستحوله إلى مشروع وصناعة، ليحدث الأثر المطلوب في النسيج الاقتصادي والاجتماعي بالمملكة. وأفاد بأن المغرب يواجه تحديا كبيرا في هذا المجال، يتمثل في غياب الشركة التي “تستطيع أن تغامر لتحتضن الابتكارات منذ البداية”. وزاد بأن المغرب يعاني من منافسة الشركات الأجنبية، التي تحاول استقطاب “الكفاءات والاختراعات، وتحولها إلى نسيج اقتصادي خارج البلد”. وأضاف أن “الأدمغة المهاجرة” أصبحت، بفعل تكنولوجيا الاتصال، أكثر احتكاكا بالشركات الأجنبية. وتابع: “وبالتالي حركة رأس المال تجعل منافسة الاقتصاد المغربي مع الشركات الأجنبية فيها نوع من الصعوبة، الشيء الذي يجعلنا لا نحتفظ لمدة أطول بالطاقات المبدعة في النسيج الاقتصادي الوطني”. مجلس للبحث العلمي لمواجهة هذا التحدي، بحسب الصمدي، يسعى المغرب إلى إحداث مجلس وطني للبحث العلمي سيتم من خلاله تشكيل مجموعات للبحث العلمي يمكنها المنافسة وطنيا ودوليا. وأوضح أن مجموعة من القطاعات والشركات تساهم في المجهود الوطني للبحث العلمي، لكنها تحتاج إلى التنسيق والاندماج. وأردف أن إعداد مشاريع بحث مندمجة بين القطاعات الحكومية المختلفة والشركات هو “تحدٍ كبير نعمل على معالجته من خلال اللجنة الوزارية الدائمة التي يترأسها رئيس الحكومة”. وتابع: “نسعى إلى أن نصبح مكانا لاستقطاب الباحثين في إفريقيا لمعالجة البيانات بالمغرب”. وزاد الصمدي بأن “هناك تطور (لكن) لا يخفي وجود إجراءات وصعوبات للمحافظة على بقاء الباحثين المغاربة في المغرب”.