المتشائم يشتكي من الريح، المتفائل ينتظر هدوء العاصفة، والواقعي يضبط الاشرعة استعدادا للابحار. ويليام جورج وارد. كاتب انجليزي مبدئيا قد نختلف، و في الاختلاف رحمة، و الاختلاف تكامل، او هكذا يقولون، لكن يجب ان نقبل ونتقبل الذين يفكرون بطريقة مختلفة ، الذين ينظرون بعين أخرى للاحداث والوقائع، ويملكون قراءة ثانية لما يدور حولهم . ليست بالضرورة كالتي لدينا نحن، ولهذا وجب علينا تدبير هذا الاختلاف واحترام الذات من خلال احترام الآخر، وهذا هو منتهى الحرية و الديموقراطية. مناسبة هذا الكلام ماوقع و يقع بالمغرب، انتخابات تشريعية في ظل دستور جديد. ممنوح ام لا ،هذا امر آخر. المهم، أجري الاستفتاء. و صوت من صوت وقاطع من قاطع وكانت النتيجة كما يعلمها الجميع، ذكرتنا ب"ايام زمان" ونسبة فاصلة 99، وكانت بعدها انتخابات جديدة"اكسبريس" أريد لها ان تكون نزيهة ومتحكم فيها عن بعد باستعمال " الريموت كونترول"،أٌُُريد لمن لم يجرب بعدمستنقع الحكومة أن يجرب. لكن بأن يخرج البعض يشكك في وطنية الآخرين و ينعثونهم يالتيئيسيين، والسوداووين والمتشائمين فهذا ليس من شيم الديموقراطية التي يتبجحون بها. فما يمكن أن نقول لهؤلاء هو أنهم متفائلون أكثر من اللازم، ونحن لسنا بمتشائمين بل واقعيين، ولنا من المبررات مايجعلنا ننظر بطريقة أخرى للوقائع، فالمثل المغربي يقول" اللي عضو الحنش، كيخاف من الحبل" فنحن ما زال أثر انياب الثعبان بارزة على جلودنا، يقولون ان التغيير قادم نقول لهم ونحن أول من يطمح لهذا التغيير، لكن كيف ومتى وبأية ضمانات، وانطلاقا من ماذا؟؟؟ فالتغيير الذي يشنفون به مسامعنا ليل نهار- في وسائل إعلامهم التي نؤدي فواتيرها نحن- سمعناه لما بدأت حكومة التناوب تتشكل عام 97، والعهد الجديد الذي كنا نطمح بقدومه، لم يكن سوى شعارا جميلا يتغنى به الساسة والملكيين الجدد، ولكن بعد طول انتظار هذا الغد الجديد ملّ الجميع وفقدوا كل ما تبقى لهم من بريق الامل، والتحقت بهم شركة للاتصالات، حيث عمدت الى حذفه من علامتها التجارية، رغبة منها لعدم التأثير على المواطنين كلما طلعت عليهم من خلال اعلاناتها، فقررت تغيير "اتصالات العهد الجديد" ب " بالغد متصلين". فالصدمة كانت "قوية" كما تقول الاغنية المغربية، فبدءا بصدمة اليسار الذي كانت آمال المغاربة معلقة عليه، و مرورا بكذبة تالسينت وصولا الى حكومة "النجاة" ... كلها مراحل من حياة هذا الشعب الذي يستحق أكثر مما هو فيه الآن، يستحق أن يعامل بكرامة و تُحترم إرادته، ويُسمع صوته. فمن يقول بان المغرب يسير على درب الاصلاح،نقول لهم، لولا المرحوم البوعزيزي لما حلم المغاربة بتنازل واحد من تنازلات الملك عن بعض صلاحياته ، و من يقول بأن الانتخابات كانت نزيهة، نقول وهي كذلك، لكن قد نختلف في مسألة نسب المشاركة، فأكبر حزب خلال الانتخابات الاخيرة كان هو "حزب المقاطعين المغاربة بالخارج" و "حركة 20 فبراير"، فأكثر من اربعة ملايين مغربي بالخارج فُرضت عليهم المقاطعة، لانهم و بكل بساطة رفضوا المواطنة بالوكالة كما رفضوا الاستعمال المناسباتي حيث تم التعاطي معهم كماكياج لتلميع "وجه المغرب" في الاستفتاء، و خلال الاستحقاق التشريعي تم الاستغناء عنهم وتعاملوا معهم ككومبارس انتهى دوره. كما ان الحركة الشبابية-20 فبراير- كانت من الفائزين كذلك، كيف لا و هي التي تؤطر وتؤثر فيما يستحيل على كل الاحزاب المغربية مجتمعة تأطيره و التّأثير عليه، و أتحدى أي مسؤول حزبي مغربي يقول العكس، اما بعض الأحزاب اليسارية فمقاطعتها خدمت مصالح العدالة و التنمية .و جعلت هذه الاحزاب تنجو بجلدها وتحفظ ماء وجهها، ووفرت على نفسها "شوهة" كانت ستجنيها من خلال مشاركتها في هذه الانتخابات. من خلال كل هذه المعطيات و المبررات التي سردناها هل يمكن لأحد ان يلومنا اذا فكرنا بطريقة أخرى وحللنا الامور انطلاقا من منظور آخر و اعتمدنا مقاربة أخرى لمعالجة "الاستثناء" المغربي في الديموقراطية.