مع دخول المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في الجزائر أسبوعها الثالث لتجديد رفض الجزائريين ترشح الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة إلى عهدة رئاسية خامسة، وللمطالبة بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد الذي تشهده مؤسسات الدولة، تتفاقم الأوضاع سياسياً وأمنياً وتزداد رقعة التأييد لهذا التحرك الواسع يوماً بعد يوم باستقالة رموز في الحكومة والحزب الحاكم، أحدث مظاهر التأييد اليوم هي ما نقلته رويترز عن قناة الشروق التلفزيونية عن استقالة عدة نواب من حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر وانضمامهم للاحتجاجات. وشهدت العاصمة الجزائرية صبيحة اليوم قبل بداية المسيرات ضد الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة ما يشبه مظاهر احتفالية لمحتجين يجوبون الشوارع وصوت أبواق للسيارات المارة وسط حضور قوي للنساء من مختلف الأعمار بمناسبة “يوم المرأة العالمي”.
وقال أحد المتظاهرين في العقد الرابع من عمره : “لم يسبق أن رأيت متظاهرين بهذا المستوى من الوعي رغم وجود النساء وهناك أيضا مقاه ومحال مفتوحة أمام الزبائن دون تخوف من المحتجين”. ورغم إيقاف حركة القطارات ومترو الأنفاق والترامواي إلا أن المئات وأغلبهم من الشباب استبقوا دعوات للتظاهر بعد صلاة الجمعة بالتوافد على وسط العاصمة وخاصة ساحة البريد المركزي و1 ماي، ووجد آخرون صعوبة في ركن سياراتهم بعد امتلاء كل مرآبات توقيف المركبات. طرد مرشح رئاسي وبشارع ديدوش مراد بوسط العاصمة قام متظاهرون بطرد المرشح الرئاسي اللواء علي غديري الذي حاول الانضمام إليهم بعين المكان تحت هتافات “ارحل” المشهورة بالفرنسية في الشارع الجزائري “dégage”. وجاءت هذه المظاهرات بعد دعوات للاحتجاج تم تداولها عبر شبكات التواصل الإجتماعي لما سمي ب”جمعة الحسم” و”جمعة الكرامة” و”جمعة التأكيد”. وبعد انتهاء صلاة الجمعة بأغلب مساجد العاصمة توافدت حشود بشرية، قُدرت بمئات الآلاف، من مختلف الأحياء نحو شوارع وسط العاصمة مثل “حسيبة بن بوعلي” و “ديدوش مراد” و”باستور” و”زيغود يوسف” التي لم تستوعب المتظاهرين في بعض نقاطها. وقال متظاهر في الستينيات من العمر معلقا في دهشة: “لم يسبق في تاريخ الجزائر أن رأيت هذا الطوفان البشري في الشارع”. كما لوحظ عدم تدخل لقوات مكافحة الشغب وقوات الشرطة ومراقبتها لسير المسيرات من بعيد بمختلف شوارع العاصمة، فيما سجل ضعف في شبكة الإنترنت خاصة على الهواتف المحمولة. وقال الصحفي رياض بوخدشة الذي يعمل بساحة البريد المركزي بوسط العاصمة إن المسيرات اليوم “غير مسبوقة وفاقت كل المسيرات السابقة من حيث أعداد المتظاهرين المتدفقين نحو هذه الشوارع الرئيسية”. ورفع المتظاهرون لافتات عديدة وسط هتافات قوية رافضة للولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة: “مثل جزائر حرة ديمقراطية” والجزائر جمهورية وليست مملكة” و”لا للخامسة يا بوتفليقة”. ونفس الأجواء شهدتها أغلب محافظات البلاد الأخرى حيث تناقلت وسائل إعلام محلية صورا وفيديوهات لمسيرات ووقفات عديدة انطلقت صبيحة اليوم وزادت حدتها بعد صلاة الجمعة. وتعد هذه الجمعة الثالثة على التوالي التي تخرج فيها مظاهرات احتجاجا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في انتخابات مرتقبة يوم 18 أبريل القادم.