هذا الصقيع العربي سيزج بنا في موت يحرق أحزاننا إلى الأبد، هذا الجليد مخيف يزحف على أعيادنا، يقفز الحزن من شاشات التلفاز ويتربع عنوة على كرسي الفرح في منازلنا،يشاركنا مأدبة العيد ،نكابر مدعين أن هذا الجليد لن يستبيح قلوبنا و لن تقتلنا هزائمنا ،في الحب لا زلنا سنقع وننكسر إذ لم تبق أمامنا طقوس أخرى للانتصار ،لن تتفرج نشرة أخبار بعد اليوم على عورة أحزاننا لن تسرق هزيمة حسبناها انتصارا فرحنا. من لم يفكر هكذا ذات هزيمة تقيأها التلفاز على مائدة العيد في 11 نونبر 2011 ؟ كم من الصلاة ،من الحب ،من الخمر ،من الصراخ ،يكفي للي عنق نشرة أخبار؟ كم من الإيمان من الكفر يكفي لنسيان مأدبة الناتو و"ثواره"؟ مرتجفا ينكمش الوطن الآن عاريا في المساحة الضيقة التي تبقت له ،ينكمش مذعورا في قلوبنا ، وقلوبنا مذعورة أمام عدو جديد هو نشرة أخبار تهذي ،وتهدي الفرح لمن تشاء بغير حساب وتهدي الحزن لنا بغير حساب . هل من فارس للحب يهزم كل هذا الليل؟ويقتل هذا الظلام ؟أي قلب خرافي ينحني على أرضيات قلوبنا بمكنسة ،ويكنس ما كسرت فيه شاشة التلفاز من زجاج ،ويغسل قئ الجامعة العبرية عفوا العربية ،عذرا على تشابه الأوصاف، أي فارس يتسلح بمكنسة لتنظيف كل هذا الوسخ ولتكن هذه المكنسة سلاحا من صنعنا ،أم ستدعون الناتو ثانية لتنظيف أوساخكم؟هل سيأتي حاملا مكنسته الكهربائية لامتصاص الدم من قلوبكم الميتة؟ نفتح حاسوبا نبحث عن وطن هلامي فيه ،نحتمي في الأنترنت من برد الصقيع، قد ننسى وزير خارجية قطر "الثوري"وهو يقرأ صكا من صكوك الهزيمة "جمدت الجامعة العربية عضوية سوريا ..."كيف للجامعة ا أن تبقى عربية دون هامة زنوبيا ،هكذا إذن تقوم قطر و ثمانية عشر هامة منحنية بالتصنيف نيابة على العم سام و تحدد من هو العربي الطيب المطواع ومن هو العربي الشرير. ننقر مفاتيح الحاسوب ومع كل نقرة تتسع المأساة نجد قلوبا جفت وعقولا تبلدت و "ثوارا"شكروا سعي الناتو على عزاء لم يقدمه فالدم الذي سال في ليبيا ويسيل في سوريا ليس دما أمريكيا أو أوروبيا أو اسرائيليا أزرق . تعبر صورة الشاعر خليل حاوي مخيلتي وهو يطلق رصاصة الرحمة على رأسه، حين أطل من نافذة بيته و شاهد دبابات إسرائيل تجوب شوارع بيروت سنة 1982، أراه يعيد انتحاره الآن وهو يرى "ثوارا"يستجيرون من الرمضاء بالنار، ويحتفلون ويشربون الأنخاب على إيقاع قصف الناتو. للدبابات والطائرات عيون و أنوف تشتم ريح الصحراء ورائحة النفط وتصطاد سود الشعر وسود العيون . يبدو أن العدو تعب بقتلنا ،فارتأى تعليمنا كيف نقتتل ليقتصد أرواحه البشرية ويأتي بعد ذلك ليمشي فوق جماجمنا نحو أقرب بئر للبترول. ننقر في المفاتيح ومع كل نقرة تتسع المأساة ،ونجد "ثوارا"وشرفاء يجلسون على اليسار فتنزلق بهم الكراسي في غفلة منهم نحو اليمين ،ويجدون أنفسهم في ساحة البريد في الرباط يرددون نفس شعار حمد و ال مكتوم وال سعود ،ويطلبون تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية ،ويتهمون من يخالفهم بحب بشار الأسد الذي يعز عليهم التقاطع معه قليلا ولفترة فقط، حتى لا يضطروا إلى التقاطع كثيرا والى الأبد مع آل سعود و آل صهيون والعم سام . متى سيستيقظ هؤلاء من سباتهم ؟نحن في انتظارهم و أثناء الانتظار لن نطلب من غيرهم ذلك ،لأننا ببساطة نستطيع أن نطلب من النائم والغافل التنبه واليقظة،لكننا لا نستطيع أن نطلب من خائن الرجوع عن خيانته فالخيانة موت سريري للخائن في وعينا لا يمكنه الصحو منه.