يستقبل المغرب مطلع كل صيف، عددا كبيرا من المهاجرين المغاربة القادمين من الخارج، لقضاء عطلتهم الصيفية، بعد سنة كاملة من الكد والعناء، وكلهم فرحة وشوق، لمعانقة الأهل والأحباب، الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر. لكن ما يميز هذا العام هو عودة هؤلاء في وقت مبكر جدا، بالنظر إلى الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العالم، والتي انعكست سلبا على اليد العاملة المغربية، التي جرى تسريح العديد منها، مما أرغمها على العودة إلى أرض الوطن عسى أن تجد فيه منفذا للخروج من ضائقتها المالية، أو أن توظف أموالها في مشاريع صغيرة. المغربية حاولت استقاء شهادات من أفواه هؤلاء المهاجرين القادمين خصوصا من دول فرنسا، واسبانيا، وإيطاليا، الذين طفح بهم الكيل هناك جراء الوضع المزري الذي أصبحوا يعيشونه. في السابق كان المهاجرون المغاربة القادمون من الخارج، يتطلعون بشوق كبير لزيارتهم بلدهم، سيما في فصل الصيف لقضاء عطلهم السنوية بين الأهل والأحباب الذين لا تكتمل فرحة أو زفاف أحدهم إلا بقدوم ابن أو أخ أو قريب من بلد بعيد، إلى جانب استمتاعهم بشمس المغرب الدافئة وبجمال مدنه وشواطئه. لكن الملاحظ أن هؤلاء المهاجرين خالفوا العادة هذه السنة، وذلك ما نلمسه من خلال مشاهدتنا للعدد الهائل من السيارات التي تجوب الشوارع والتي تحمل أرقام دول أجنبية،هؤلاء قصدوا المغرب في وقت مبكرا جدا، نتيجة الاستغناء عن خدماتهم، أو نتيجة ركود تجارتهم، فأصبحوا مجبرين على العودة إلى الوطن إلى أن تتحسن الظروف الاقتصادية. هذا ما أكده " أحمد عراب" الذي التقته المغربية بسوق بيع السيارات بالدار البيضاء، قادما من الديار الايطالية، استهوته الهجرة إلى هناك منذ عشرات السنين، عندما كان هذا البلد في حاجة ماسة إلى يد عاملة أجنبية، مؤكد " أن الوضع أصبح صعبا بالنسبة للجالية المغربية المقيمة بإيطاليا، نتيجة للازمة الاقتصادية التي أصبح يعاني منها الايطالوين أنفسهم، خاصة بعدما أصبح ما يعرف "بالبطالة التكنيكية"، يعني أن العامل يمكنه الاشتغال شهرا مقابل أن يشتغل الشهر الموالي شخص آخر مكانه، مما زاد في تأزمه". وأضاف أنه " في بداية السنة استقدم أسرته الصغيرة لبلده، لأنه يملك منزلا من طابقين وسجل أبناءه بمدارس بالمغرب، وأصبح يتنقل بين المغرب وايطاليا، خاصة انه يملك سيارة أجرة صغيرة" مشددا على أنه " سيستقر بالمغرب، لأن الغربة صعبة جدا، ويجب على المهاجر أن يعمل ألف حساب لمثل هذه الظروف، التي تصبح فيها الحياة منقسمة إلى شطرين، بين البلد الأم والبلد المضيف". وحسب العربي القادم من اسبانيا، والذي التقته المغربية بالسوق نفسه، كان يعرض للبيع سيارته التي اشتراها من اسبانيا، عندما كان ينعم ببعض الاستقرار قبل أن تجتاحه الأزمة الاقتصادية، والذي صرح ل"المغربية" بخصوص عودته المبكرة للمغرب، أنه " في السنوات الفارطة كان يترقب زيارته للمغرب في العطلة الصيفية بكامل الصبر، بل كان يستعد لهذه الزيارة بكل ما أتيح له، شأنه شأن باقي رفاقه، الذين يشتغلون معه في "مالقةا"، المتحدرين من مدينة وادي زم، هاجروا منذ 20 سنة، واشتغلوا في حقول العنب والليمون، لما كان البلد في حاجة كبيرة لسواعدهم، لكي يطوروا زراعته وفلاحته ". وقال إنه عانى الأمرين لكي يسوي وضعيته القانونية ويحصل على وثائق الإقامة، مما دفعه للتخلي عن الاشتغال بالفلاحة والبحث عن عمل في أحد المصانع الذي اشتغل به لمدة 10 سنوات، إلى أن المصنع استغنى عن خدماته وجرى تسريحه والعديد من العمال، وفي مقدمتهم المهاجرون المغاربة، الذين يشتغلون بعقود عمل محدودة، قائلا " أصبحت أفضل الاستقرار بالمغرب، واستثمار أموالي في الفلاحة"، مضيفا " اللهم قطران بلادي ولا عسل البلدان". أما خليل، مهاجر مغربي من بلجيكا " فصرح ل"المغربية" أنه يعيش هناك منذ 30 سنة، و لم يسبق له أن عايش مثل هذه الظروف، التي لا يستطيع ان يتحملها الجيل الجديد من المهاجرين المغاربة، خاصة انه حاصل على الجنسية البلجيكية، ويتمتع بقوانين البلجيكيين أنفسهم، وبالرغم من ذلك يعاني من الأزمة الاقتصادية،لان متجره لبيع الملابس، الذي يتوفر عليه هناك أصبح يعاني من الكساد،مقارنة مع السنوات الفارطة، نتيجة عدم الإقبال على شراء الملابس التقليدية المغربية، لذا ارتأى أن يزور المغرب في هذه الفترة قبل حلول الصيف، لكي يسوي بعض أموره العالقة، تم يعود، فهو لا يمكنه أن يستقر بالمغرب لان أبناءها يشتغلون ويعيشون في المهجر. عن المغربية