مزرعة اولاد الحاج ، الواقعة الى الجنوب الشرقي من مدينة الرشيدية ،على الرغم من صغرها النسبي ، تبقى موروثا ايكولوجيا تطلب تشكيله مثات السنين ،إن لم يكن اكثر ، ومجالا سوسيو إقتصاديا نحته الاجداد بقوة إرادتهم ، وبكد ايديهم ،وعرق جبينهم، قبل عشرات السنين ، واشتغلوا فيه وعاشوا منه قرونا وأجيالا عديدة ، بعدما تمكنوا من مواجهة الطبيعة والصمود امامها ، عند الجفاف كما وقت الفيضان ، وتوفقوا في إقامة ذاك البناء والتنظيم الرائع الذي مكنهم من التعايش ، وصد هجمات القطاع زمن "السيبة" الطويل ،وتقاسم الملكية والماء النادر، والأعباء المضنية،والمنافع المتواضعة. مزرعة اولاد الحاج ، تغير حالها في عهد الاستقلال ، بفعل الانفجار الديمغرافي، والتحولات المرافقة للمرحلة الجديدة ، حيث لم تعد تشغل وتعيل كل الملاكين ، فاستغنى عنها البعض ، واهملها البعض الآخر، وهجرها الكثيرون ممن وجدوا بدائل للاشتغال والعيش .بينما انفجرالعمران، العشوائي منه والمنظم ، ليحاصرها من كل الجوانب . مزرعة اولاد الحاج ، شاء لها الحظ أن تتواجد بجوار مدينة تنمو وتكتظ بالسكان . فلما حلت انتخابات 1992 من القرن الماضي، تقرر،هكذا ، الحاق سكان اولاد الحاج بالبلدية، وكان ان فصلت المزرعة إداريا عن مالكيها ، وظلت تابعة للادارة القروية .فملاكو هاته المزرعة اليوم يجدون انفسهم بين منتخبين جماعيين عنهم لا علاقة لهم بشؤون الفلاحة ، وبين جماعة سلالية متهالكة مخترقة وفريسة لنزاعات عقيمة ، وبين اجتياح اللصوص للسطو على الغلل المتواضعة ، وسكان المدينة الذين وجدوا في المزرعة نوعا من الحديقة العمومية المفتوحة بالمجان ، وكثيرا ممن يبحثون عن الاختلاء من مخططي السرقة ، ونباشي الارض بحثا عن الديدان لبيعها للصيادين الهواة، ومن متعاطين للمخدرات والسكر الرخيص ، وما شاكلها من الوان الانحراف ........... وبين أجهزة مسؤولة تتفرج على هذا الواقع المرير. انطلاقا من هاته الحقائق الساطعة ، تحركت مجموعة من الملاكين المحبين للمزرعة ، والغيورين عليها ، والرافضين لضياعها واندثارها ، في مبادرة اثمرت تأسيس جمعية للملاكين ، وضعت على عاتقها تأطير وتنظيم المعنيين ، من اجل الحفاظ على المزرعة بحمايتها اولا ، وتطوير استغلالها ومردوديتها مع الشركاء المختلفين ثانيا . والجمعية تشتغل بصفة قانونية على برنامج عمل سطرته لتفعيل مبادرتها ، سواء على المستوى التنظيمي ، او على مستوى إعداد ملفات تقنية لمشاريع تآمل أن تحظى بالقبول لدى الجهات المقررة في برنامج المغرب الاخضر وغيره من البرامج التي يمكن الاستفادة منها . حالة مزرعة اولاد الحاج ليست سوى مثال على اوضاع كل كيانات القصور التي وضعها حظها بجوار المراكز الحضرية بالاقليم. والمأمول أن يدرك كل المعنيين خطورة هاته الوضعية ، سواء في بعدها السوسيواقتصادي ، او في عواقبها الايكولوجية والبيئية . " لا يمكن للواحة أن تستمر بدون الانسان ، ولا يمكن للانسان ان يعيش هنا بدون الواحة" هاته هي المعادلة القاهرة التي يرددها المعماريون ، فهل من مستمع ومتعظ ؟؟