من معالم المجتمع التعارفي أنه مجتمع نَعري؛ ويطلق النعر في اللغة على اجتماع القوم وهيجانهم،والنعار العرق أو الجرح يفور منه الدم، لذلك يقال نعرة عرقية؛ والمقصود رابطة الدم والعرق تحمل أصحابها على الاجتماع على مصالحهم، أو مظالمهم حمية وعصبية لتحقيق الظفر بمتاع الدنيا وأسباب الجاه والعلو . فيلوذون إلى أواصرهم الدموية التي تحتل مكانة كبيرة في تحقيق الولاء والبراء، عوض الدين أو أكبر من الدين في نفوسهم. بينما يعتبر "الإسلامُ جامعةَ الدين هي الجامعة الحق للمسلمين، وأبقى ماعداها من الجوامع جوامع فرعية تعتبر صالحة، مالم تعد على الجامعة الكبرى بالانحلال"#. غير أن هذه الجامعة تحتاج إلى تفعيل واعتبار في المجتمع ومؤسساته، لأجل تشكيل مشروع مجتمعي يحتكم لمصالحه المصيرية العليا في تدبيره لقضاياه، لأن بغياب نفوذ القيم السامية، يتم استدعاء الجاهليات لتحل المعضلات، فيقع المحضور، وتزيغ الأنفس، وينتشر اتباع الأهواء، وتحكيم العصبيات المقيتة، فتكون الغلبة للأقوى، وهذا هو قانون الغاب بعينه. محمد الحفظاوي
1 أصول النظام الاجتماعي في الإسلام للإمام محمد الطاهر بن عاشور:101.-