ذكر الباحث والأستاذ حسن أوريد ، مساء أول أمس الثلاثاء (16 غشت)، بالدار البيضاء، أن الأزمة التي يعانيها الغرب أزمة بنيوية ناجمة عن عدد من الأعطاب وغلبة منظومة السوق على قيم الأنوار التي قامت عليها الحضارة الغربية أوضح السيد أوريد، في تقديم كتابه "مرايا الغرب المنكسرة" بالمكتبة الجامعية محمد السقاط التابعة لجامعة الحسن الثاني، أن الغرب، الذي يقوم على أيديولوجية "الليبرالية الجديدة"، يواجه عدة أزمات بعدما سعى إلى فرض هذه الأيديولوجية على العالم وترويجها كحل سحري للتغلب على المشاكل المختلفة، مبرزا أن الأزمة الاقتصادية التي عرفها الغرب في 2008 لم تكن عرضية وإنما كانت بنوية تعتري النظام كله. وأضاف أن الغرب ليس مفهوما حضاريا وجغرافيا فقط، وإنما هو "منظومة عمل نحن أيضا جزء منها"، مشيرا إلى أن كتاب "مرايا الغرب المنكسرة" سعى إلى دراسة الغرب انطلاقا من الأزمة الاقتصادية والمالية التي يتخبط فيها، والتي ستتمخض عنها تغيرات ثقافية عميقة. وفي معرض حديثه عن فلسفة الأنوار ومنظومة الرأسمال، اللتين تشكلان قوام الحضارة الغربية بالنسبة للكاتب، اعتبر هذا الأخير أن الأنانية التي تقوم عليها المنظومة الرأسمالية لا يمكن أن تتعايش مع الفضيلة التي أرستها قيم الأنوار المتمثلة بالخصوص في الحرية والعقل والكرامة، وهذه واحدة من أعطاب الغرب حسب السيد أوريد. وقال إن الآلة الرهيبة للرأسمال كانت من أسباب اندلاع الحرب العالمية الأولى، التي تسببت في مقتل نحو 25 مليون شخص في ظرف أربع سنوات، مشيرا إلى ظهور حركات في الغرب لتجاوز مشاكل هذا الأخير كالشيوعية والنازية والمدرسة المسيحية الجديدة. وأضاف أن الغرب انتقل بعد مرحلة الرأسمالية الصناعية القائمة على إنتاج الثروة إلى الرأسمالية المالية التي تتلاعب بالمال وتنتج ثروة صورية، مشيرا إلى أن ذلك واكبه جنوح الفكر الغربي، الذي بات يعتبر العقل غاية في ذاته وحوّل الإنسان إلى حيوان أو آلة. واستعرض بعض القضايا التي عرج عليها في الكتاب من قبيل الديمقراطية، والبيروقراطية الحزبية، ودور التقنوقراط، وتآكل مكانة الطبقة الوسطى، ومسألة السيادة الشعبية. من جهة أخرى أشار إلى أن الحراك العربي الحالي يسعى إلى بناء تصور جديد في العلاقات سواء داخل المنطقة العربية، أو مع الغرب، مضيفا أن هذا الحراك لا يمكن أن ينجح بدون حراك فكري ورؤية وتصور واضحين، قائلا "إننا نشهد عودة الفعل الثقافي كأداة للتغيير". تجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء، الذي حضره عدد من المثقفين وتخلله نقاش لمضامين الكتاب وتقديم صاحبه، تخلله توقيع هذا الكتاب الذي أصدره السيد أوريد قبل سنتين.