في جو حميمي مؤثر، اختُتمت الندوة العلمية الهامة التي نظمتها الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، تحت عنوان: "نقد الأنساق الثقافية ودراسات ما بعد الاستعمار: نحو بدائل لتجديد النظرية النقدية"، وذلك يومي: 24 و25 ماي الجاري، بغرفة التجارة والصناعة والخدمات، والتي شارك فيها ثلة محترمة من الأساتذة الباحثين من جامعات وأقطار مختلفة (فلسطين، العراق، تونس، مصر، قطر، السعودية، ألمانيا، فرنسا، الولاياتالمتحدةالأمريكية...)، ومن مدن مغربية مختلفة كذلك (الرباط، فاس، مكناس، وجدة، خريبكة، أكادير... الرشيدية)، والذين قدّموا مداخلات علمية مكثفة، تناولت كل واحدة منها جانبا من الجوانب المتعددة لموضوع الندوة الغني والشاسع، اختتمت مساء يوم الأربعاء، بكلمات الكلية واللجنة المنظمة والضيوف. وتعبيرا عن اغتباطه بالقيمة العلمية الرصينة لجلسات الندوة، وكذا بالمناخ التواصلي الإنساني الذي ساد لحظاتها، صاح مقدم كلمة الضيوف، في نهاية تدخله، وبتأثر واضح: "لا نريد أن نغادر! لانريد أن نغادر!..." توزعت أشغال الندوة على أربع جلسات علمية وجلسة ختامية، وتناظر فيها الأساتذة الدكاترة المتدخلون والحضور (خلال فترات المناقشة)، في مواضيع متنوعة ومتكاملة، تصب كلها في " نقد الأنساق الثقافية ودراسات ما بعد الاستعمار..." وهكذا أثيرت قضايا مرتبطة: بالفكر الغربي الاستشراقي المهيئ للهيمنة الاستعمارية، ونقد الاستشراق (إدوارد سعيد)، ومرتكزات نظرية ما بعد الاستعمار(لدى دريدا وفوكو وسبيفاك...)، ومفاهيمها وأقطابها (الهوية، التفكيك، الغيرية، الاختلاف، الزنوجة... فانون، سعيد، سبيفاك، سنغور...)، ونقد المركزية الثقافية الغربية (هومي بابا، إدوارد سعيد، إعجاز أحمد...)، وصورة الآخر (النمطية؟) في الفكر والآداب والفنون... ومركزية الحداثة الغربية وخصوصية الفضاء ما بعد الكولونيالي... والنقد الثقافي، وصراع الهويات الثقافية (فلسطين والكيان الصهيوني نموذجا)، والدراسات الأنتربولوجية اليابانية بالمغرب (منطقة سوس)، وملامح الهوية الإسلامية في مرحلة ما بعد الاستعمار، ومفهوم القابلية للاستعمار لدى مالك بن نبي، ومقولات "نهاية التاريخ" و"صدام الحضارات" (فوكوياما وهنتينجتون)، ومؤسسات الحوار الحضاري وتفاعل الثقافات والنزعات الإنسانية الكونية وحقوق الإنسان.... وحقبة ما بعد الاستعمار أو حقبة خيبة الأمل حسب بعض الأشعار الأمازيغية... والاستعمار والأمبريالية والعولمة: الهيمنة، الأدوات، المقاومة... والمشاريع البديلة في العالم العربي والجنوب (إفريقيا والهند والعالم العربي....)، الخ... الخ... الخ... سياحة فكرية، ثقافية، (سياسية؟) ممتعة... في حقول معرفية مختلفة وحدائق علمية متنوعة غَنّاء،أنصت لها الحاضرون باهتمام، وتجاوبوا معها واستفادوا منها ... ندوة "نقد الأنساق الثقافية..."، نموذج طيب للأنشطة الأكاديمية البيداغوجية الموازية المفيدة، وللتعاون المثمر بين الجامعات الصديقة، وتبادل الخبرات والتجارب مع الأساتذة الباحثين العاملين بها، وكذا الانفتاح على المحيط وتقريب المعرفة من عموم المثقفين .