تعتبر مدينة الريصاني خزانا حقيقيا للعديد من الفنانين التشكيليين الشباب الذي استهوتهم مناظر المدينة الخلابة وتراثها الغني فأطلقوا العنان للريشة لتقول كلمتها وتهمس في أذن كل من يهمه الأمر قائلة نحن هنا خذوا بأيدينا، ومن هؤلاء الفنانين الشباب الفنان التشكيلي وخطاط الرجاء في الله الذي أبدعت أنامله الذهبية لوحات تشكيلية تقول في كل وقت وحين هذا من فضل ربي، كان آخرها اللوحة التي حاز بها على المرتبة الأولى في المسابقة الإقليمية للفنانين التشكيليين لهذه السنة إنه الفنان مصطفى جابري الذي كان لنا معه الحوار التالي: 1 – أهلا وسهلا بك الفنان مصطفى جابري ومرحبا بك على صفحات موقع قصر السوق في البداية نود أن نعرف من هو الفنان مصطفى جابري؟ شكرا لبوابة قصر السوق على هذه الاستضافة، جابري مصطفى شاب مغربي من مواليد 15 أكتوبر 1988 نشأت في مدينة الريصاني، في كنف أسرة بسيطة، حصلت على البكالوريا في سنة 2009 والآن أتابع دراستي بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية شعبة الدراسات العربية. ومن هواياتي التي أكسر بها روتين الدراسة والحياة الجامعية الفن التشكيلي والخط العربي، حيث أنني أقضي معظم أوقاتي في الإبداع التشكيلي والخطي، وهذا لأخدم ذاتي بالدرجة الأولى والمحيط الذي أعيش فيه بالدرجة الثانية. 2 - متى كانت بدايتك مع الفن التشكيلي وبمن تأثرت من الفنانين؟ الدوافع والإرادة القوية التي كانت تسكنني منذ الصغر ونزعة البحث عن الذات ترجمتها في الثانوية بشكل ميداني وتطبيقي من خلال دخول عالم التشكيل والخط، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود شخصية مماثلة ومتحاورة ومساندة لشخصية مصطفى جابري للمضي وبطبيعة الحال في هذا المسار الفني وبشكل تدريجي ومتتالي للبروز والظهور في الساحة الفنية. أما بخصوص الفنانين الذين تأثرت بهم هناك الفنان حماد أوداني الذي كان في بدايته آنذاك والذي ساهمت الصداقة التي جمعتنا في إطار الفن بطبيعة الحال في تطور مستواي الفني في تلك الفترة وذلك من خلال المشاركة في الأوراش المتتالية والمتكررة بشكل تطوعي في معظم المؤسسات التربوية، بالإضافة أنه بالبحث والتنقيب وكما يقال لا مستحيل مع أهل العزيمة، زد على ذلك الحضور الدائم في العديد من التكوينات سواء كانت مدعمة من طرف بعض الجمعيات المتخصصة في المجال الفني كجمعية الأوراش الاجتماعية المغربية في شخص مندوبها مولاي رشيد بوزكراوي الذي لا يذخر جهدا معنويا أم ماديا كان، في مساندة الطاقات الشابة والمبتدئة ويقودها إلى النجاح والتألق وصناعة مستقبلها وهذا ناتج عن غيرته وحبه الكبير لهذا الفن فقد كان والحق يقال نقطة تحول إيجابية لأكبر عدد من الشباب في شتى المجالات والهوايات وليس الفن التشكيلي فقط...هذا ما زاد حبي لهذه الهواية وتطورت العلاقات مع فنانين آخرين سواء على الصعيد المحلي كصالح نديم ورضوان القرسي وحفبظ بوزكراوي... أو الوطني وحتى الدولي كالفنانة الاسبانية Maria dolorie 3 - ما هي العوامل التي ساهمت في نشأتك كفنان؟ من العوامل الرئيسية التي ساهمت في نشأتي كفنان والحمد لله التشجيع من طرف الوالدين وباقي أفراد الأسرة، والوسط الذي أنتمي إليه المتمثل في الأصدقاء والمهتمين بالشأن الفني، بالإضافة إلى عامل المشاركة الدائمة في الأوراش التطوعية لسد الفراغ ، ثم الاحتكاك بفنانين آخرين لتبادل التجارب والخبرات. 4 - من الملاحظ أن مدينة الريصاني تزخر بمجموعة من الخطاطين والفنانين التشكليين ما دلالة ذلك بالنسبة لك كفنان تشكيلي؟ بما أن منطقة الريصاني وإقليم الرشيدية بصفة عامة يتميز بالتنوع الثقافي بما فيه العربي والأمازيغي واليهودي والإفريقي.. فإنه من الطبيعي أن تزخر المنطقة بعدة فنانين وخطاطين كل له هويته وثقافته وتصوارته الخاصة التي تترجمها أعماله وتوجهاته الفنية وأفكاره أثناء النقاشات واللقاءات، إلا أن القاسم المشترك بينهم والجميل فيهم هو قابلية العمل في أنشطة جماعية تساهم في بعث الروح الفنية في ساكنة المنطقة مما يعطيهم القوة والاستمرارية بنفس يرسم الطريق للناشئة للمضي في مسار فني وأخذ المشعل وتمثيل المنطقة في المستقبل. 5 – ما هي المواضيع التي تحب التطرق إليها من خلال لوحاتك الفنية؟ إن المواضيع التي تجعلني قريبا منها كفنان صحراوي له هوية وثقافة وذاكرة هي المواضيع الفيلالية سواء كانت لوحات فنية واقعية تبرز تراثا ماديا فيلاليا كالقصور وأدوات عمل بسيطة أو مناظرا طبيعية صحراويا كالرمال والنخيل...أما اللوحات الخطية فإنها تشكل نوعا من السريالية والتجريدية للتعبير عن حالات خاصة يمر بها الفرد وتعيشها الذات من خلال الرمز والألوان والأشكال الهندسية التي تتضمنها اللوحة الفنية. 6 – ما هي الألوان التي ترتاح إليها كثيرا؟ يقال الإنسان ابن بيئته ومن هذا المنطلق يمكن القول أن التأثير البيئي على شخصيتي اصطحب معه التأثير اللوني كذلك والذي يتجلى في الألوان الصحراوية الفيلالية والتي تسمح بطبيعة الحال في ترجمة كل المواضيع المنضوية تحت لواء الثقافة الصحراوية الفيلالية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التجذر والتشبث بالهوية الثقافية والذاكرة الجماعية التي تؤطر كل ساكنة المنطقة ومن بين هذه الألوان الأحمر والبرتقالي الأصفر البني والأخضر... 7 - هل تجد ذاتك في الفن التشكيلي أم في الخط العربي؟ أولا الفن التشكيلي والخط العربي كلاهما عبارة عن رسالة تحمل أفكارا وتصورات ووجهات نظر مختلفة حسب الموضوع وحسب الفنان كذلك، ولكن ما يمكن قوله بالنسبة لي هو أن كل خطاط هو رسام في نفس الوقت، أما أي رسام فهو ليس بخطاط وهذه هي النقطة المهمة التي تجعل الخط العربي من الفنون القوية، زد على ذلك أنه كلام اليد المعبر عن الخواطر ورسول الفكر وحافظ الأثر وناقل الخبر، وكل هذه مميزات تجعلني أجد ذاتي بالدرجة الأولى في هذا الفن العربي الأصيل أكثر ما أجدها في الفن التشكيلي. 8 – ما هي بعض التظاهرات التي شاركت فيها؟ من بين التظاهرات التي شاركت فيها منذ بدايتي المتواضعة المعرض الجماعي للفنانين التشكليين والمشتغلين على النحت والمجسمات الخشبية في دار الثقافة بالريصاني وذلك سنة 2008 . ثم شاركت في المعرض الجماعي الذي نظمته الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية بمناسبة يوم تكريم المبدعين من أبناء الإقليم وذلك سنة 2010، وفي نفس السنة شاركت في المهرجان المتوسطي بمدينة الناظور، كما شاركت في الأوراش الدولية في بعض المدن المغربية. كما حصلت على المرتبة الأولى في المسابقة الإقليمية للفنانين التشكيليين لهذه السنة 2011 . 9 – ما هو تقييمك لحركية الفن التشكيلي بإقليم الرشيدية؟ وما هي التحديات التي تواجه الفنان التشكيلي؟ في الحقيقة حركية الفن التشكيلي بإقليم الرشيدية بطيئة جدا، فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على غياب الوعي بهذا المجال، زد على ذلك سيطرة المادة على التفكير في النهوض بمختلف الفنون بما فيها المسرح السينما الخط التشكيل...وهذا ما يجعل الفنان التشكيلي أمام إشكالية نشر هذا الوعي خاصة لدى الناشئة ، بالإضافة إلى الإهمال التام من طرف الجهات المسؤولة وعدم وجود دعم مادي ومعنوي الذي من شأنه أن يرفع من وتيرة التنافس الشريف بين الفنانين وبالتالي تحويل الإقليم إلى ورش فني كبير. 10 – ما هي مشاريعك المستقبلية إن شاء الله؟ الحرص على المشاركة في جل المسابقات الإقليمية والجهوية والوطنية وحتى الدولية، والعمل على إنشاء مقاولة في هذا المجال مع نخبة من الفنانين الآخرين والتي يمكن لها أن تساهم بشكل كبير في التنمية الفنية والبشرية، بالإضافة إلى إقامة معارض في دول أجنبية للتعريف بالثقافة الصحراوية الغنية جدا. 11 – كلمة أخيرة؟ أرجو الله أن يحظى هذا المجال بالاهتمام من لدن المتلقين من ساكنة واحة تافيلالت العزيزة وكذلك الجهات الوصية خاصة قطاع الشباب والثقافة، علما أن هذا الإقليم المتعدد الثقافات يزخر بالعديد من الفنانين الشباب والبراعم كذلك، كما لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تحديد مساري كفنان تشكيلي وخطاط بدء بالوالدين مرورا بالأصدقاء الفنانين التشكيلين خاصة حماد أوداني ورضوان القرسي والأستاذ صالح نديم والأستاذ مولاي رشيد بوزكراوي، والأب الروحي للفنانين التشكيليين بالريصاني مولاي مصطفى الحسيني، وكل الذين شجعوني على الاستمرار من أجل العطاء في هذا الفن الجميل.