سكينة اصنيب يختلف المغاربة حول موضوع تربية الحيوانات بالمنزل؛ فمنهم من يربط الموضوع بالحاجة إلى وجود هذه المخلوقات في البيوت كالكلاب لاستغلالها في الحراسة، والقطط لاستغلالها في منع الفئران من دخول المنزل، وآخرون يرفضون تربية الحيوانات الأليفة في المنازل بسبب الخوف من الأمراض التي يمكن أن تسببها لأفراد العائلة، وصغر مساحة المنازل التي بالكاد تكفي الأسرة، والتكاليف الباهظة التي تتطلبها تربية ورعاية حيوان أليف. شريحة واسعة من المغاربة يقبلون على تربية القطط والكلاب، لاسيما الشباب والمراهقين ويعتبرون ذلك ضرورة من ضروريات الحياة العصرية، مثل الطالب الجامعي منير الصباري (22 سنة)، الذي يعشق رعاية الكلاب، ويراها هواية ممتعة تشغل وقت الفراغ، وتنمي المهارات، وتشجع المرء على ممارسة الرياضة وقت الخروج في نزهة مع الكلب، ويقول “تربية الكلاب لم تعد تقتصر على الطبقة الغنية، بل أصبح في إمكان الجميع ممارسة هذه الهواية التي كانت في السابق تعد من الكماليات لأن بعض الكلاب تحتاج إلى رعاية خاصة وأكل معين”. ويؤكد أنه يعتبر كلبه “دول” وهو من نوع جيرمن شيبرد صديقه الوفي ويمنحه الكثير من وقته ويوليه عناية خاصة ويصطحبه في نزهات يومية للتجول وممارسة الرياضة. ويعترف الصباري بتأثره بالأفلام الغربية والحياة الأوروبية، حيث كان لهما دور أساسي في عشقه للكلاب وتمسكه بهذه الهواية، ويشير إلى أن فئة عريضة من الشباب المغربي تهوى تربية الكلاب حتى لو كانت إمكاناتهم المادية وظروف عيشهم لا تسمح بتخصيص مكان له داخل البيت. ويضيف “يقف العائق المادي والمستوى الاجتماعي، ورفض الأهل استقبال الكلب في المنزل عائق أمام هواية يقبل عليها الشباب، وحرصاً منهم على ممارسة هذه الهواية يلجأون إلى التحايل للتغلب على مشكلة مسكن ومأكل كلابهم بتخصيص جزء من مصروفهم اليومي للكلب، أو التنازل عن مطالب شخصية من العطل أو الأجهزة الإلكترونية مقابل السماح بتربية هذا الحيوان، وبعضهم يلجأ إلى وضع كلبه فوق السطح أو لدى صديقه حين يواجه برفض عائلي شديد لوجود الكلب في المنزل”. ويقول الصباري إن السلطات المغربية فرضت على مالكي ومربي الكلاب ضرورة التلقيح ضد داء السعار، وأن يكون الكلب مربوطا بسلسلة في الأماكن العامة. أما مالكو الكلاب الخطرة فيشترط عليهم الحصول على تأمين يضمن المسؤولية المدنية، وأن يبلغوا السلطات بامتلاكهم هذه النوعية من الكلاب. و تعتبر فاطمة الغرباوي (ربة بيت) أن ثقافة تربية الحيوانات دخيلة على المجتمع المغربي ومرتبطة أكثر بالشباب والقاطنين بالقرى الذين يحرصون على تربية كلاب الحراسة لتحذيرهم من اللصوص ومساعدتهم في رعاية الماشية، وتضيف “حظيت الكلاب باهتمام كبير من قبل المغاربة منذ القدم مقارنة ببقية الحيوانات حيث كانت هذه الحيوانات توجد في بيوت غالبية المغاربة الذين يعيشون في مناطق غير آهلة بالسكان ويواجهون خوفهم من اللصوص وقطاع الطرق بتربية الكلاب من أجل الحراسة والدفاع عنهم وتنبيههم لوجود غريب في المكان وكانت مهمة الكلب تقتصر على مهمة الحراسة”. وتتابع “اليوم اختلف الموضوع وأصبحت تربية الكلاب تدخل في إطار الوجاهة الاجتماعية والحياة العصرية، وظهرت موجة من الشباب المتأثر بأسلوب الحياة الغربي يحرصون على تربية الكلاب لجذب الأنظار”. وانتقدت الغرباوي بعض الشباب الذين يقومون بتربية الكلاب لإرهاب المارة والجيران، وبسط سيطرتهم على الحي. وظهرت في المغرب أسواق لبيع الكلاب بكل أصنافها بدءاً من الأصناف الصغيرة الحجم وجميلة المنظر وغير الميالة للعنف التي تستهوي الفتيات والسيدات، إلى الكلاب كبيرة الحجم والشرسة التي يقبل الشباب على شرائها لأنها تمنحهم إحساسا بالقوة والسيطرة. وتحقق هذه الأسواق أرباحا تقدر بملايين الدراهم، وينشط داخلها مرشدون وأطباء بيطريون يقدمون نصائح للمشترين الذين يدخلون هذه التجربة للمرة الأولى، كما يقدمون وصفات طبية وعلاجية للزبائن الذين تعاني كلابهم من أمراض، ولا تخلو هذه السوق من المأكولات المنوعة المخصصة للكلاب والقطط والإكسسوارات لتزيينها والرعاية بها.