تعد قضية التشغيل إحدى أولويات حكومة عباس الفاسي، منذ تنصيبها، بتنسيق مع فاعلين اقتصاديين واجتماعيين، ومؤسسات منتخبة محلية وجهوية، لكون معالجة تحدي البطالة، يقتضي العمل على عدة واجهات، خاصة منها الواجهة الاقتصادية، ومعالجة إشكالية التكوين بارتباط مع حاجيات الشغل الجديدة. وتشكل مخططات التنمية الاقتصادية القطاعية التي تم وضعها في السنوات الأخيرة في مجالات الصناعة ، والسياحة، والفلاحة، والتجارة، والخدمات، واللوجستيك، والطاقات المتجددة، وبرامج تحديث التجهيزات الأساسية ، التي أعطى جلالة الملك محمد السادس انطلاقتها، أهم المرتكزات التي من شأنها أن تساهم بشكل كبير في إحداث فرص عمل إضافية منتجة، والتقليص من نسبة البطالة بشكل ملموس، مع الإشارة إلى ما تطرحه هذه المخططات من تحديات على مستوى تأهيل الموارد البشرية المؤهلة في مجموعة من المهن الجديدة . وفي هذا الصدد، تعتزم وزارة التشغيل والتكوين المهني عقد الندوة الوطنية الثالثة للتشغيل لسنة 2011، إذ ستشكل مناسبة لمناقشة كل الإشكالات المرتبطة بسوق الشغل بالمغرب، وتقييم ما تحقق، ورفع التحديات المستقبلية في هذا المجال، حيث شرعت وزارة التشغيل، في إنجاز العديد من الدراسات الميدانية في إطار المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل. وقال جمال أغماني، أخيرا في مجلس النواب، «انصب اهتمام الحكومة خلال الثلاث سنوات الأخيرة على الرفع من أداء المبادرات الإرادية لإنعاش التشغيل، والمتمثلة في برامج : إدماج، وتأهيل ومقاولتي»، وذلك من خلال الشروع في تنفيذ «عقد التطور الثاني» بين الدولة والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل في أفق 2012، والذي يهدف إلى إدماج حوالي 230.000 شخص في إطار برنامج «إدماج»، وتحسين قابلية تشغيل حوالي 100.000 شخص في إطار برنامج «تأهيل»، هذا بالإضافة إلى تمكين الشباب المتوفر على حس مقاولاتي من المساهمة في إحداث الثروات، ومناصب الشغل في إطار برنامج «مقاولتي». وأوضح اغماني أن برنامج «إدماج» يسعى إلى تعزيز حظوظ الباحثين عن شغل في الحصول على التجربة الأولية قصد تمكينهم من ولوج عالم الشغل، و تحسين تنافسية المقاولات، إذ يتضمن هذا البرنامج تشجيعات ضريبية مهمة لفائدة مقاولات القطاع الخاص، وذلك لمدة 24 شهرا قابلة للتجديد لمدة 12 شهرا في حالة التشغيل النهائي، حيث مكن هذا البرنامج إلى غاية نهاية شهر شتنبر الماضي من إدماج 45 ألف و765باحث عن شغل، ومن المرتقب أن يكون ارتفع عدد الادماجات عند نهاية سنة 2010 إلى 55 ألف، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 10 بالمائة مقارنة مع سنة 2009. وبذلك يكون إجمالي منجزات البرنامج منذ بداية سنة 2006 هو إدماج 218.089 باحث عن شغل. وأضاف أغماني أن برنامج «تأهيل» ، يهدف إلى تحسين الملائمة بين التكوين وحاجيات سوق الشغل بصفة عامة، والمقاولات على الخصوص، وجعل إدماج الباحثين عن شغل عملية ترافق ديناميكية التنمية الاقتصادية، وتواكب المشاريع التنموية الكبرى، إذ يتضمن هذا البرنامج نوعين من التكوين، تكوين تعاقدي للاستجابة إلى حاجيات محددة من الموارد البشرية المعبر عنها من طرف المشغلين، وتكوين تأهيلي لاستباق حاجيات مختلف الجهات من الكفاءات، بالنظر إلى المشاريع الاستثمارية المبرمجة التي يعرفها المغرب في إطار تحقيق المشروع المجتمعي التنموي، حيث مكن هذا البرنامج إلى حدود نهاية شهر شتنبر من سنة 2010، من تأهيل 12 ألف و 979 مستفيد، منها 2140 في إطار التكوين التعاقدي للتشغيل، و1981 في إطار التكوين التأهيلي أو التحويلي، و6351 بالنسبة للتكوين في مجالات التكنولوجيا الحديثة (برنامج إقلاع)، فيما يبلغ إجمالي فرص التكوين والاتفاقيات التي هي في طور الانجاز 3417 منها 1485 في إطار التكوين التعاقدي للتشغيل، و1932 في إطار التكوين التأهيلي أو التحويلي، ومن المرتقب أن يصل عدد الأشخاص المستفيدين من البرنامج عند نهاية السنة حوالي 15.000 شابة وشاب. وأكد أغماني أن برنامج «مقاولتي»، حث الشباب على إحداث المقاولات، ويتضمن هذا البرنامج تحفيزات مهمة تتجلى في توفير تسهيلات للحصول على قروض بنكية بشروط تفضيلية بالنسبة للمشاريع التي لا تتجاوز كلفتها الاستثمارية 250.000 درهم، وكذا في وضع آليات للتتبع والمصاحبة، قبل وبعد، إحداث المقاولة في شكل خدمات يتم تقديمها من طرف هيئات استشارية متخصصة، حيث مكن هذا البرنامج منذ انطلاقته الفعلية في شتنبر 2006 إلى غاية نهاية شهر شتنبر 2010 من انتقاء 19.670 حامل مشروع في مرحلة نهائية وإيداع 7069 مشروعا من أجل التمويل لدى البنوك، حظيت 2387 منها بالقبول، أما المقاولات التي بدأت نشاطها، فيصل عددها إلى 3082 مقاولة ساهمت في إحداث أزيد من 9127 منصب شغل، منها 796 مقاولة برسم التسعة أشهر الأولى من سنة 2010 أحدثت 1816 منصب شغل، ومن المنتظر أن يتعدى عدد المقاولات المحدثة برسم هذه السنة 1000 مقاولة. وتحدث أغماني بتفصيل عن دراسات ميدانية أنجزت في 6 جهات، لتعزيز حكامة سوق الشغل، ولاستباق حاجيات سوق الشغل، حيث تم تسهيل العمل على وكالة تشغيل الكفاءات، التي فتحت عدة فروع لها فوق كافة التراب الوطني. وقال أغماني» يبقى التحدي الحقيقي لمواجهة البطالة، هو تسريع الجهود الهادفة إلى ملاءمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل، الذي أصبح يعبر عن حاجيات حقيقية في مجموعة من القطاعات المنتجة اليوم لمناصب الشغل مع مخططات التنمية التي تم إطلاقها بقطاعات الصناعة واللوجستيك والسياحة والخدمات والتكنولوجيا الحديثة، والفلاحة والصناعة التقليدية والطاقات المتجددة، والقطاع المالي والبنكي». وربط أغماني بين وجود منصب عمل، وما تقدمه منظومة التعليم بالمغرب، وقال بهذا الخصوص» إن إحداث مناصب شغل، رهين بالتقدم في الاصلاحات التي تعرفها اليوم منظومة التعليم والتكوين عموما، والعالي على وجه الخصوص، وكذا التقدم في إنجاز مخططات التنمية التي يتم أجرأتها، وتعزيز حكامة سوق الشغل، وتعبئة الفاعلين المحليين من مؤسسات، ومجالس منتخبة لإحداث المناخ الملائم للاستثمار المحلي والجهوي، للرفع من مستوى النمو وخلق مناصب شغل إضافية»، مؤكدا أن المناصب المحدثة بالوظيفة العمومية بلغت 71 ألف و442 منذ السنة المالية 2008 إلى السنة المالية المقبلة 2011، بالإضافة إلى عدد المناصب التي يتم إحداثها سنويا بالمؤسسات العمومية للاستجابة لحاجياتها من الموارد البشرية. ولم يفصح الوزير أغماني عن الكيفية التي على الراغبين في الحصول على منصب شغل في الجماعات المحلية، سلوكها، إذ لا يتم تعميم الإعلان عنها في وسائل الإعلام، أو لا يطلع عليها الشباب العاطل، لكونه لم يتمكن من قراءة كافة الصحف، والاستماع إلى كافة الإذاعات المحلية منها على الخصوص، أو قراءة مستجدات البوابات الإلكترونية لبعض البلديات، لمعرفة مستجدات عالم الشغل، خاصة وأن حكومة عباس الفاسي، منذ تنصيبها سنة 2007 ، وهي تحدث مناصب شغل في الوظيفة العمومية، خلافا للحكومات السابقة، والتي تتراوح ما بين 12 إلى 24 ألف منصب شغل سنويا، وهي المناصب التي تستوعب كافة العاطلين عن العمل حاملي الشهادات الجامعية، الذين يقومون بمظاهرات في الشوارع يوميا، ويعرقلون حركة المرور، ويتعرضون للضرب من قبل قوات الأمن.