تكون الدولة المغربية بإقدامها مؤخرا بعد عيد الأضحى على تمييزالأقاليم الجنوبية وتخصيص المعطلين المنحدرين منها بالتعيين المباشر في القطاع العام بشكل يتنافى و حق كل المواطنين المغاربة في المساواة والتمتع بحقوق المواطنة،قد عملت علىتأجيج مشاعر الغضب لدى فئة عريضة من الأسر المغربية التي يعيش أبناؤها-مشاريعها الاستثمارية- العطالة لما يفوق 16 سنة ، و أوقعت نفسها في موقف يتسم بازدواجية الخطاب،ويبتعد عن أسس دولة الحق و القانون و دولة المؤسسات،موقف كهذا لا يخرج عن كونه و تصريحات كجمولة وجهين لعملة واحدة.كيف ذلك؟ ففي الوقت الذي اهتز الشارع المغربي عموما -حكومة و شعبا- لما وقع من أحداث أليمة بمدينة العيون والتي راح ضحيتها مواطنون أبرياء من القوات العمومية خلال قيامهم بواجبهم المهني،وثارت ثائرته خصوصا بسبب الموقف المعبر عنه بخصوص هذه الأحداث من طرف العائدة لأرض الوطن، ممثلة الأمة و النائبة البرلمانية عن حزب التقدم و الاشتراكية كجمولة بنت ابي، و الذي اختارت له منابر إعلامية خارجية إسبانية معروفة بعداوتها الشديدة للمغرب و لكل ما هو مغربي وبمساندتها للطرح الاتفصالي ،محملة الدولة المغربية كامل المسؤلية .
و إذا كانت النائبة البرلمانية المذكورة لم تستحضرصفتها كممثلة للأمة، وضرورة الالتزام بالتوجهات الكبرى للحزب الذي تنتمي إليه حين عمدت إلى تقسيم المغرب إلى شمال/جنوب بما في ذلك من إيحاء،متهمة المواطنين المغاربة بتخريب و سرقة ممتلكات ساكنةالجنوب المغربي.
فإن الملاحظ أن لا فرق بين موقفها و ما أقدمت عليه الدولة المغربية مؤخرا من تخصيص ساكنة الأقاليم الجنوبية بامتيازات لا حصر لها بما فيها من تشجيع لاقتصاد الريع،والتمييز الذي خصت به أبناء هذه المنطقة من توظيفات مباشرة في القطاع العام على خلاف المعطلين من أبناءالمغاربة بباقي المناطق الأخرى.
فبهكذا تمييز تكون الدولة المغربية قد قسمت البلاد إلى شمال تجسده أقاليم معينة و إلى جنوب متجسد في الأقاليم الجنوبية المغربية التي ضحى من أجلها أزيد من 30000ألف شهيد بدمائهم التي لازالت تعطر بأريجها رمال و كثبان الصحراء المغربية،و2400أسير سلبت حرياتهم لأزيد من20 سنة ذاقوا خلالها صنوفا و ألوانا من التعذيب الجسدي و النفسي بخيمات الذل و العار بتندوف كان وراءها بعض ممن عادوا لأرض يرفلون حاليا في النعيم، و لازال مصير العديد منهم مجهولا ،كما لازال أيتامهم و أبناؤهم من المعطلين من حملة الشواهد العليا يتجرعون مرارة العطالة لما يفوق 16سنة.
فالمفروض في دولة الحق و القانون حتى تحظى باحترام مواطنيها بشكل يجعلهم مستعدين للتضحية في سبيلها و الدفاع عنها،احترام القوانين الجاري بها العمل، و روح الدستور المغربي، و أعراف الديمقراطية وحقوق الانسان خصوصا فيما يتعلق بالمساواة بين جميع المواطنين عبر مجموع التراب الوطني و التي ينبغي الحرص بعيدا عن كل اعتبار إقليمي ، عرقي ، قبلي ، أو جغرافي.