تعيش مدينة تنغير منذ أيام حالة من الغليان جراء الإضرابات التي أعلنتها الشغيلة التعليمية بجهة سوس ماسة درعة، ثم جراء الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها مناضلو الحركة الثقافية الأمازيغية بالجنوب الشرقي المعروفون اختصارا ب: "آيت غيغوش"، احتجاجا على مجموعة من الممارسات التي اعتبروها تجاوزا حقيقيا لحقوق المواطن بمنطقة تنغير التي أضحت إقليما منذ وقت قريب. وإذا كانت الشغيلة التعليمية لإقليم تنغير قد انخرطت في الإضراب المفتوح الذي أعلنته النقابات الخمس على صعيد جهة سوس ماسة درعة، احتجاجا على الاقتطاعات التي أعلنتها الوزارة في حق رجال التعليم على أيام الإضرابات التي أعلنوها طيلة السنوات الماضية، والتي تتجاوز مبالغ الاقتطاع في بعض الحالات مبلغ 3500 درهم في حين أن الاقتطاعات عموما تتراوح ما بين 1000 و 1500 درهم، فيما اعتبره المعنيون ضربا للفصل الرابع عشر من الدستور الذي يكفل حق الإضراب عرض الحائط. فيما ذهبت بعض التحليلات إلى اعتبار هذه الاقتطاعات بجهة سوس ماسة درعة بالخصوص، راجعة إلى قوة وفاعلية العمل النقابي بالجهة مما يجعلها مجرد حقل لتجربة عملية الاقتطاعات التي ستطبق على باقي الجهات في حالة مرور العملية بالجهة بسلام، غير أن الأمر تحول إلى كارثة حقيقية انخرط فيها التلاميذ وأولياء أمورهم مما ينذر بسنة بيضاء إن لم يتم تدارك الأمر قبل استفحاله، خصوصا وأن آخر الأخبار التي وصلتنا تؤكد أن مجموعة من المحتجين حالوا دون وصول السيدة كاتبة الدولة لطيفة العبيدة إلى قصبة كانت متجهة إليها بمدينة زاگورة، مما تسبب لها في إحراج حقيقي، لولا لجوء مرافقيها إلى حيلة الولوج من طريق خلفية مشيا على الأقدام تفاديا لإثارة الانتباه. آخر الأخبار أيضا تلمح إلى استئناف الدراسة بداية من الأسبوع المقبل، بعد الحصول على ضمانات من الوزارة الوصية بإرجاع المبالغ المقتطعة في حدود شهر مارس المقبل مع الالتزام بعدم تكرار نفس العملية في قابل الأيام، بعد أن كان الحديث عن استمرار للمحطات النضالية على خلفية رفض الوزارة لإرجاع أكثر من 70% من الاقتطاعات، ويبقى الخاسر الحقيقي في هذا الصراع هو التلميذ الذي خسر من جديد ساعات طويلة من الدرس والتحصيل، وفي سؤال لنا حول حقيقة الأوضاع بمدينة تنغير أجابنا السيد موحى ابن ساين أستاذ للتعليم الابتدائي بنيابة تنغير قائلا: "شكلت الاقتطاعات الأخيرة في رواتب أساتذة جهة سوس ماسة درعة – الهزيلة أصلا – سببا في تسطير برنامج نضالي للوقوف ضد التخطيط الممنهج للدولة للإجهاز على المدرسة العمومية، وقد تضامن آباء وأولياء التلاميذ والمتعلمين مع الشغيلة التعليمية مما أدى إلى استجابة الوزارة للمطلب الأساسي المتمثل في استرجاع المبالغ المقتطعة في أفق شهر مارس المقبل، مقابل تراجع النقابات الخمس عن تطبيق البرنامج النضالي المسطر. والحقيقة أن الاقتطاعات ليست هي السبب الوحيد لهذه المحطات النضالية، إنما هي النقطة التي أفاضت الكأس فقط، أما الأسباب فهي كما وردت في بلاغ النقابات المضربة كثيرة، منها الإجهاز على المنظومة التعليمية، وفشل المخطط الاستعجالي، والإجهاز على المكتسبات السابقة من قبيل اتفاق فاتح غشت مع حكومة إدريس جطو الذي لم يعرف طريقه نحو التطبيق، ومجموعة من المشاكل خصوصا مع انعدام دورات تكوينية للأستاذ الذي يعتبر الحلقة الأضعف في المنظومة ككل، مما يجعله مشجبا لتعليق كل أسباب الفشل". من جهة أخرى أعلن مناضلو الحركة الثقافية الأمازيغية للجنوب الشرقي، "آيت غيغوش" عن تنظيمهم لوقفات احتجاجية، حسب البلاغ الذي صدر عن المنظمين، للتنديد بسوء التسيير الذي يعرفه الشأن الاجتماعي بإقليم تنغير،وسوء تدبير الشأن المحلي الذي لا يرقى إلى المستوى الذي تطمح إليه الساكنة. الوقفات النضالية حسب المنظمين ستشارك فيها كل الأطياف المكونة للنسيج الاجتماعي لمدينة تنغير خصوصا والإقليم على العموم، حاملة معها ملفا مطلبيا اجتماعيا من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية للساكنة، من قبيل المطالبة بمجانية التنقل لطلبة الإقليم نحو مدن تمدرسهم البعيدة عن مقار سكناهم، إضافة إلى المطالبة بالاستفادة من موارد مناجم إميضر التابعة ترابيا للإقليم في حين أنه لا يستفيد من موارده بأي شكل من الأشكال. يقول م.ب أحد سكان المنطقة: "لو وضعت صفائح الفضة التي تخرج من باطن أرض إميضر وامتطيتها لتمكنت من رؤية الرباط من كثرتها، ومع ذلك فحالة إميضر لا تسر عدوا ولا حبيبا، ورغم كل ما تزخر به المنطقة من خيرات فإننا لا نرى منها القليل ولا الكثير وأوضاعنا خير دليل على ذلك".