دق خبراء وسينمائيون ناقوس الخطر، محذرين من ظاهرة إغلاق القاعات السينمائية بالمغرب وتراجع عددها الذي انتقل في ظرف وجيز من 250 إلى 60 قاعة، واعتبروا أن ذلك ينذر بقرب اندثار القاعات السينمائية في المغرب، وأن مؤشرات هذا الاندثار بدأت تظهر حيث إن هناك عدة مدن مغربية لا توجد بها قاعات سينمائية، نتيجة عدم تشييد دور سينما جديدة وتحوّل القديمة إلى عمارات وأسواق تجارية. مدن بلا سينما رغم الدعم الحكومي لقطاع السينما والمتمثل في دعم الأفلام المغربية، وإقامة مهرجانات كبرى وتشييد استوديوهات عالمية، يتواصل نزيف دور السينما بالمغرب مؤثرا على عدد عشاق الفن السابع ورواد السينما الذين أصبحوا يقدرون ب 1.2 مليون حاليا، بعد أن كانوا 4.5 مليون سنة 2005 وكشفت دراسة أنجزها خبراء أن مداخيل القاعات السينمائية عرفت انخفاضا بنسبة 42 % من سنة 1994 إلى 2005، كما انخفضت الشاشات السينمائية بنسبة 27 % في نفس الفترة، وأصبحت مدن عديدة بدون قاعات سينمائية مثل الناظور وتمارة والجديدة والداخلة وبني ملال وورزازات التي يتم بها تصوير أفلام عالمية. وأوضحت الدراسة أن عدد القاعات السينمائية تراجع بشكل تدريجي وخطير، فبعد أن كان المغرب يتوفر على 245 قاعة عام 1980، بدأ العدد يتراجع حتى اصبح عددها 139 شاشة للعرض سنة 2005، وفي سنة 2007 أصبح في المغرب 97 شاشة فقط، وشهدت سنة 2004 إغلاق 4 قاعات، في حين شهدت سنة 2005 إغلاق 15 قاعة، وأغلقت 26 قاعة أبوابها سنة 2007. وأكدت الدراسة أن هذا التراجع في القاعات وازاه تراجع في عدد الجمهور ففي سنة 1980 جذبت القاعات السينمائية نحو 54 مليون مشاهد، وفي سنة 2005 تراجع عدد رواد السينما إلى 4.5 مليون ثم إلى 3.6 مليون مشاهد سنة 2007، إلى أن وصل العدد إلى نحو 1.2 مليون حاليا. تأهيل القطاع رغم أن هناك نصا قانونيا يفرض إعادة بناء القاعات التي تم هدمها في نفس الموقع الذي كانت قائمة فيه، إلا أن ملاك القاعات السينمائية لا يحترمون هذا القانون بحجة أن سوق السينما يشهد كسادا شديدا، ويتم هدم قاعات السينما وتحويلها إلى مبان سكينة وأسواق ومدارس بينما يتم تحويل تلك التي توجد في قلب المدينة إلى مطاعم ومقاه مع الحفاظ على نفس البناية الأصلية. وأمام هذا التراجع المخيف لعدد القاعات السينمائية وعدد روادها، تسعى السلطات إلى وقف هذا النزيف من خلال التوزيع والاستغلال والإنتاج السينمائي، إلى ذلك، تقول مريم الخطوري، مسؤولة بوزارة الإعلام، إنه يجري التخطيط حاليا من أجل إعداد استراتيجية لتأهيل قطاع السينما برمته، من خلال تشجيع الجمهور على التردد على قاعات السينما عبر تربية الشباب والنهوض بثقافة سينمائية، ووضع تحفيزات ضريبية من أجل عصرنة القطاع ومراجعة الرسوم، ومنح المهنيين تسهيلات من أجل الولوج إلى التمويل المصرفي، وإيجاد صندوق لدعم وتوزيع الأفلام المغربية. وترى أن تراجع الإقبال على السينما يجد تفسيره في عوامل خارجية وأخرى بنيوية مثل القرصنة ونشاط القنوات الفضائية التي تقدم أحدث الأفلام وتحسن برامج القنوات المحلية فضلا عن ضعف رواج الأفلام وتأثير تدهور دور العرض. وتوضح الخطوري أن انخفاض عدد القاعات السينمائية بنسبة 24 بالمائة خلال عشر سنوات، انعكس على المداخيل التي تراجعت من 45 بالمائة خلال عشر سنوات وكذا على رقم معاملات مستغلي القاعات السينمائية الذي انتقل من 70 مليون درهم سنة 2005 إلى 55 مليون درهم سنة 2007. وتؤكد أنه من أجل مواجهة هذه الوضعية لا بد من رفع مؤشر الارتياد ورفع عدد القاعات السينمائية من خلال تكثيف الأنشطة الموجهة للسينما ودعم مهنيي القطاع ومحاربة القرصنة، وتحويل الفضاءات غير المستغلة إلى قاعات سينمائية.