كلما اشتد عود النقابات المؤطرة والمنظمة للموظفين بقطاع العدل,
, ودعت إلى الرفع من وتيرة التعبئة والاضرابات لشل حركة المحاكم وتوفير الضغط اللازم على الوزارة الوصية والحكومة المغربية للالتفات إلى الموت الرهيب الذي تعيشه شغيلتها بالقطاع من جراء الخصاص المهول الذي تعيشه ماديا ومعنويا, تطفو إلى السطح أصوات متناثرة من هنا وهناك تدعو إلى وضع حد لهذه الحركة بطرق شتى بل منها من يدعو إلى استئصال العمل النقابي تحت مبررات مختلفة ليس اقلها خصوصية القطاع. فأين تتجلى خصوصية القطاع تحديدا؟ نجد في الفصل التاسع من الدستور المغربي ان الدستور يضمن لجميع المواطنين: _ حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة؛ _ حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع؛ _ حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون كما يؤكد الفصل الرابع عشر من الدستور أن حق الإضراب مضمون, وسيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق نفس التأكيد نجده في الفصل الرابع عشر من الظهير رقم 58.008.1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) يحتوي على النظام الأساسي للوظيفة العمومية حيث يورد: يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج عن الانتماء أو عدم الانتماء إلى نقابة ما, أية تبعة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم, أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة. ونجد في المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) إن لكل شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه. وتشير المادة 22 من الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية (1966) إن: 1_ لكل فرد الحق في حرية المشاركة مع الآخرين بما في ذلك حق تشكيل النقابات أو الانضمام إليها لحماية مصالحه 2_ لا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير تلك المنصوص عليها في القانون والتي تستوجبها, في مجتمع ديموقراطي, مصالح الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ولا تحول هذه المادة دون فرض القيود على أعضاء القوات المسلحة والشرطة في ممارسة هذا الحق. 3_ ليس في هذه المادة ما يخول الدول الأطراف في "اتفاقية العمل الدولية لعام 1948" بشان حرية المشاركة وحماية الحق في التنظيم اتخاذ الإجراءات التشريعية التي من شانها الإضرار بالضمانات المنصوص عليها في ذلك الاتفاق أو تطبيق القانون بشكل يؤدي إلى الإضرار بتلك الضمانات نفس الشيء نجده في المادة الثامنة من الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث تورد: تتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بان تكفل: أ_ حق كل فرد بتشكيل النقابات والانضمام إلى ما يختار منها في حدود ما تفرضه قواعد التنظيم المهني, وذلك من اجل تعزيز وحماية مصالحه الاقتصادية والاجتماعية. ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق سوى ما ينص عليه في القانون مما يكون ضروريا في مجتمع ديموقراطي لصالح الأمن الوطني أو النظام العام أو من اجل حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ... د_ الحق في الإضراب على أن يمارس طبقا لقوانين القطر المختص ه_ لا تحول هذه المادة دون فرض القيود القانونية على ممارسة هذه الحقوق بواسطة أعضاء القوات المسلحة أو الشرطة أو الإدارة الحكومية _ ليس في هذه المادة ما يخول الدول الأطراف في اتفاقية العمل الدولية لعام 1948 الخاص بحرية المشاركة وحماية الحق في التنظيم, اتخاذ الإجراءات التشريعية التي من شانها الإضرار بالضمانات المنصوص عليها في ذلك الاتفاق أو تطبيق القانون بشكل يؤدي إلى الإضرار بتلك الضمانات. إن القوانين الوطنية والدولية تجعل من التنظيم النقابي حقا لجميع الموظفين وذلك من اجل تعزيز وحماية مصالحه الاقتصادية والاجتماعية والإضراب إحدى الوسائل التي يلجأ إليها التنظيم النقابي قصد فرض مطالبه وشروطه على الإدارة أو الوزارة المعنية. وهاته القوانين والمواثيق لم تستثن فئة من الموظفين ولم تعط أهمية لواحدة على أخرى اللهم ما يخص أعضاء القوات المسلحة, الشرطة والإدارة الحكومية. ونظرا للميول العام لدى الدول إلى ضرب العمل النقابي الذي يضر كثيرا بمصالح الطبقات والفئات الحاكمة والمالكة لوسائل الإنتاج التي لا تراكم الثروات إلا بحجم الأضرار والاستغلال الذي تمارسه على طبقاتها الشعبية والتي يشكل الموظفون جزءا هاما منهم, فقد استبقت المواثيق الدولية المنحى الذي قد تسلكه بعض الدول لضرب التنظيم والعمل النقابيين, وهكذا وردت صيغ في هذا الاتجاه في الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية (1966): ليس في هذه المادة ما يخول الدول الأطراف في اتفاقية العمل الدولية لعام 1948 الخاص بحرية المشاركة وحماية الحق في التنظيم, اتخاذ الإجراءات التشريعية التي من شانها الإضرار بالضمانات المنصوص عليها في ذلك الاتفاق أو تطبيق القانون بشكل يؤدي إلى الإضرار بتلك الضمانات. إذا كانت خصوصية القطاع لا تجد لها سندا لا في القوانين الوطنية ولا الدولية أو على مستوى الممارسة, حيث وعلى غرار ما هو معمول به في المغرب, فجل الدول بها تنظيمات نقابية بقطاع العدل سواء منها المتقدمة أو دول العالم الثالث دينية كانت أو علمانية, مع اختلاف بسيط يخص التأخر الذي عرفه العمل النقابي في قطاع العدل لاعتبارات جمة ليس هذا مجال الحديث عنها. فمن أين يستمد قطاع العدل هذه الخصوصية التي يتحدث عنها البعض وما مدى مصداقية الحجج المقدمة لتبرير ذلك؟ ان البحث في وجود خصوصية لقطاع العدل من عدمه, وما يمكن ان يترتب على ذلك قانونا وعمليا, يستدعي بالضرورة استعراض وتحليل مختلف المهام التي يقوم بها موظفو كتابة الضبط, ثم مقارنتها بمهام وتدخلات الموظفين في قطاعات اخرى وقياس مدى الاختلاف الموجود. حدد النظام الأساسي الخاص بموظفي هيئة كتابة الضبط لسنة 2008 مهام مختلف اطر كتابة الضبط, والتي جاءت كما يلي: كتاب الضبط يقومون ب: حضور الجلسات وتحرير محاضرها والإشهاد على صحتها؛ - تحرير المحاضر المدنية والجنائية والجنحية ومحاضر التحقيق والإشهاد على صحتها؛ - مسك مختلف السجلات والمحافظة على الملفات والوثائق؛ - التبليغ والتنفيذ؛ - تنظيم وتدبير الكتابات الخاصة للمسؤولين عن الوحدات الإدارية المختلفة؛ - الإشهاد والمصادقة على صحة نسخ الأحكام والقرارات بتفويض من رئيس مصلحة كتابة الضبط أو من ينوب عنه؛ - القيام بالإجراءات المحاسباتية تحت إشراف رئيس كتابة الضبط أو من ينوب عنه؛ - المساعدة في تنظيم الاستقبالات؛ - إنجاز مختلف الشهادات المتعلقة بالإجراءات المسطرية التي تدخل ضمن اختصاصات كتابة الضبط؛ - القيام بالمهام المسندة إليهم على مستوى المصالح المركزية واللاممركزة؛ - المساعدة في الإجراءات المرتبطة بمهام كتابة الضبط؛ - المساهمة في أنشطة الوحدات الإدارية المعينين بها؛ - مراقبة واستلام جميع الأشغال المتعلقة بمجالات تخصصاتهم؛ - تأطير العاملين تحت سلطتهم وتأهيلهم والمساهمة في تكوينهم. في حين يقوم المحررون القضائيون ب: _حضور الجلسات وتحرير محاضرها والإشهاد على صحتها؛ - تحرير المحاضر المدنية والجنائية والجنحية ومحاضر التحقيق والإشهاد على صحتها؛ - القيام بالإجراءات التبليغية وإنجاز محاضر بشأنها؛ - تنفيذ الأحكام القضائية واستخلاص الغرامات المالية؛ - مسك مختلف السجلات والمحافظة على الملفات والوثائق؛ - القيام بالإجراءات المحاسباتية تحت إشراف رئيس كتابة الضبط أو من ينوب عنه؛ - القيام بالمهام المسندة إليهم على مستوى المصالح المركزية واللاممركزة؛ - الإشهاد والمصادقة على صحة نسخ الأحكام والقرارات بتفويض من رئيس مصلحة كتابة الضبط أو من ينوب عنه؛ - إنجاز مختلف الشهادات المتعلقة بالإجراءات المسطرية التي تدخل ضمن اختصاصات كتابة الضبط؛ - المساهمة في أنشطة الوحدات الإدارية المعينين بها؛ - المساهمة في إعداد وإنجاز المشاريع ذات الطابع الإداري المعهود بها إليهم؛ - مراقبة واستلام جميع الأشغال المتعلقة بمجالات تخصصاتهم؛ - تنظيم وإدارة العمل المعهود به إليهم وتنسيق نشاط الموظفين الموضوعين تحت إمرتهم؛ - تأطير العاملين تحت سلطتهم وتأهيلهم والمساهمة في تكوينهم؛ - القيام بالمهام التقنية المسندة إليهم. اما المنتدبون القضائيون فيقومون ب: _القيام بمهام الإشراف وتدبير المهام الموكولة إليهم على مستوى محاكم المملكة والإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة؛ - تأطير الموظفين العاملين تحت سلطتهم وتكوينهم وإعادة تأهيلهم مركزيا وجهويا؛ - تقديم الاقتراحات وإنجاز الدراسات والبحوث المتعلقة بمجال اختصاصاتهم؛ - حضور الجلسات وتحرير محاضرها والإشهاد على صحتها؛ - تحرير المحاضر المدنية والجنائية والجنحية ومحاضر التحقيق والإشهاد على صحتها؛ - تنفيذ الأحكام القضائية؛ - الإشهاد والمصادقة على صحة نسخ الأحكام والقرارات بتفويض من رئيس كتابة الضبط أو من ينوب عنه؛ - القيام بالإجراءات المحاسباتية تحت إشراف رئيس كتابة الضبط أو من ينوب عنه؛ - إنجاز مختلف الشهادات المتعلقة بالإجراءات المسطرية التي تدخل ضمن اختصاصات كتابة الضبط؛ - مراقبة واستلام جميع الأشغال المتعلقة بمجالات اختصاصاتهم. ينضاف لعمل اطر كتابة الضبط المشار اليه اعلاه, تنفيذ كل ما تأمر به المحكمة من إجراءات مسطرية والذي جاءت به المادة الاولى من القانون الاساسي. ان التدقيق في مهام موظفي وزارة العدل, لا يعطي سببا مبنيا للتأكيد على خصوصية معينة فيها, فهي بالطبع مختلفة عن مهام التدريس التي يقوم بها الأستاذ, أو الفحص والجراحة التي يقوم بها الطبيب الجراح أو البرمجة التي يقوم بها التقنيون والمهندسون سواء في القطاع العام أو الخاص, وهي كذلك مختلفة عن عمليات نقل المواد أو صناعتها أو تحويلها, أو بيعها أو إتلافها..., فهي مهام متنوعة ومعقدة قد تتطلب مجهودا خاصا يتجاوز في غالب الأحيان ما يسمح به التوقيت الإداري العادي لجميع الموظفين, لكنها من حيث خطورتها وتأثيرها العام والخاص لا تصل إلى مهام الطبيب, أو مسيري محطات الطاقة, أو ناقلي النفايات السامة... إن الخصوصية التي يتحدث عنها محاربو و أعداء العمل النقابي في القطاع, لا تأتي إذن من طبيعة المهام التي يزاولها موظفو قطاع العدل, وإنما, كما توحي به تدخلاتهم من حين لآخر, في ارتباط هذه الأخيرة في عملها بآجال قانونية لا يمكن تغييرها وتسبب في ضياع حقوق الآخرين. صحيح أن كل إجراء بالمحكمة مقيد, فرفع الدعوى والاستئناف له آجال القانونية, وتقديم المتهمين قد يتسبب الإضراب في تأخيره وفي قضاء المتهم لأيام أخرى داخل الزنزانة وهو بريء, كما انه قد يتسبب في تأخر إطلاق سراح معتقل انقضت عقوبته خلال أيام الإضراب... إلا أن إضراب موظفي العدل ليس الوحيد الذي يمكنه التأثير على هذه الآجال. فإضراب النقل مثلا قد يشل حركة المرور ويحول دون وصول الموظفين الى أماكن عملهم, كما إن إضراب مستخدمي وكالات الكهرباء والماء قد يكون له التأثير نفسه... فهل هاته مبررات كافية لضرب العمل النقابي لأصحاب النقل ووكالات الماء والكهرباء..., أما من حيث الخطورة, فمقارنة وضعية معتقل قد يزيد يوما أو يومين في المعتقل مع وضعية إنسان في مستشفى عمومي بين الحياة والموت ويحتاج لتدخلات عديدة من راديو, تحليلات, مهدئات الى عملية جراحية, ومئات الأمثلة الأخرى انطلاقا من توقف معمل حيوي عن الإنتاج, شلل مؤسسة تعليمية, الى توقف الحركة بمطار دولي... خير مخيب لآمال المتربصين بالعمل النقابي. إن هؤلاء كمن يقول: نحن مع الإضراب, ولكن يجب ألا يؤثر هذا الإضراب على سير المرفق ومصالح المتقاضين ومداخيل الصناديق... إذا كان الإضراب بالصيغة التي يريدونها, أي إضراب بلا تأثير, فكيف سيتم الضغط على الوزارة الوصية ومن خلالها الحكومة والدولة للاستجابة لأبسط مطالب شغيلة وضعها المادي والمعنوي ميؤوس منه ولا يحتمل المزيد من التسويف والمماطلة وربح الوقت. ان الخصوصية الحقيقية التي يتميز بها موظفو قطاع العدل تتمثل حقيقة في: _ كون 45 في المائة من الموظفين يتقاضون مبلغا هزيلا لا يتجاوز 2200 درهما شهريا, ويفرض عليهم العمل في مناطق صعبة: الرباط, الدارالبيضاء..., فتصوروا حالة هذا الموظف اجتماعيا, اقتصاديا, نفسيا... خصوصا بعد العزم الكبير لدى الاعمال الاجتماعية لتوقيف خدمة النقل مقابل دراهم معدودات _ كون الموظفين يعملون في ظل قانون اساسي مادته الاولى لا تعترف بهم كجزء من المحكمة: "تحدث هيئة لكتابة الضبط بوزارة العدل تعمل في حدود الاختصاصات المخولة لها قانونا وتنفذ ما تأمر به المحكمة من إجراءات مسطرية، وتكون في وضعية عادية للقيام بالوظيفة بمختلف محاكم المملكة وبالمصالح المركزية واللاممركزة بوزارة العدل". فحسب هذه المادة, الموظفون شيء والمحكمة شيء آخر. وهذا الإطار القانوني تزكيه عمليا تصرفات بعض المسؤولين الذين يضعون أمام المحاكم اشارات توقف السيارات تحمل صيغة: خاص بالسادة القضاة والمحامين, أي ممنوع على الموظفين بالصيغة العكسية للجملة _ كون الموظفين يعملون في ظل تبعية مطلقة يزكيها تصريح لوزير عدل سابق قال فيه بأن هناك خمس موظفين لكل قاض. ففي جل الدول والوظائف والمهن, نحدد عدد الموظفين بالنسبة للمواطنين الذين هم منطلق وهدف اية ادارة, فنقول طبيب لكل X مواطن او سيارة اسعاف لكل Y مواطن, او معلم, قاض, كاتب لكل S مواطن, وفي هذا الاطار يندرج الفصل 100 من قانون المسطرة الجنائية: يمكن لقاضي التحقيق بعد إخبار النيابة العامة بمحكمته ان ينتقل صحبة كاتبه قصد القيام باجراءات التحقيق خارج نفوذ المحكمة التي يمارس فيها مهامه, والفصل 119 من نفس القانون: يستمع قاضي التحقيق بمساعدة كاتبه الى كل شاهد ..., فالكاتب موظف الدولة بالمحكمة وليس كاتبا لقاضي التحقيق... _ كون الموظفين يشتغلون في بنايات متهالكة ومفتقدة لأبسط الشروط المريحة من تدفئة ومكيفات... _ كون وزارة العدل من أغنى الوزارات بمداخيلها, لكن وللأسف موظفوها محرومون من كل شيء: مخيمات اصطياف, منح, تعويضات, نقل في المستوى, رحلات, ان هذه الخصوصية الحقيقية, هي التي دفعت بالموظفين إلى تأسيس إطار نقابي يدافع عن مطالبهم ويحميهم من تعسفات وتجاوزات المسؤولين, حيث نجد في مشروع الملف المطلبي للنقابة الوطنية للعدل (التي كانت اول نقابة بالقطاع) مايلي: "بالرغم من المجهودات التي يبذلها العاملون بكتابة الضبط سواء من حيث الإنتاجية والمردودية, وذلك باعتراف جميع مساعدي القضاء, وجميع من لهم علاقة بهذا الجهاز, لقد ظل هؤلاء الموظفون ولعقود من الزمن يعانون من التهميش والتجاهل على جميع المستويات سواء بالنسبة للمسؤولين المباشرين وكذا المشرع". وتضيف الوثيقة: "إن هدفنا من تأسيس النقابة الوطنية للعدل هو إبراز هذه المفارقات المتزايدة الحدة, أي تناول قضايا هذا الجهاز والعاملين به, على جميع المستويات وذلك بهدف القيام بالإصلاحات الضرورية المتجلية في الجوانب المادية والبشرية والتشريعية التي نجد ان هذا الجهاز والعاملين به في امس الحاجة اليها". وكان من اهم المطالب التي وضعتها النقابة الوطنية للعدل: حقوق نقابية ومنها: احترام ممارسة الحق النقابي باعتباره حقا دستوريا والكف عن كل المضايقات والانتهاكات والتجاوزات والتنقيلات التعسفية وتمكين المسؤولين النقابيين من كل الحقوق المخولة لهم بمقتضى القوانين والاعراف الجاري بها العمل, مطالب قانونية ومنها: وضع قانون اساسي خاص بجهاز كتابة الضبط باشراك النقابة وبلورة حقيقية لاختصاصات مؤسسة رئيس كتابة الضبط ضمانا لاستقلالية هذا الجهاز, مطالب ادارية ومنها: تسوية ملف الترقية الداخلية مع الاستفادة من الترقية الاستثنائية, العمل على تحريك سلاليم الاجور مع الغاء نظام الكوطا, تنظيم امتحانات مهنية على جميع السلاليم الادارية, ادماج الموظفين في سلاليم الاجور المطابقة للشهادات المحصل عليها في الاطار المناسب لمؤهلاتهم العلمية, تسوية ملف كتاب الجماعات والمقاطعات بالسماح لهم باجتياز المباراة المهنية بعد ترسيمهم, ترسيم جميع المؤقتين والمياومين والعرضيين في الاطار المناسب لمؤهلاتهم العلمية... مطالب مادية ومنها: العمل على تعديل مرسوم الحساب الخاص وذلك بقصد تعميم الاستفادة من التعويضات والرفع من قيمتها مع الغاء مبدأ تصنيف المحاكم, احداث قانون خاص بتعويض موظفي وزارة العدل, التعويض عن ايام الديمومة ماديا ومعنويا, التعويض عن الساعات الاضافية, التعويض عن البذلة بالنسبة لكتاب الجلسات, تعويض العاملين بالصندوق, احداث قانون خاص بالتعويضات عن الحراسة الخاصة بالمباريات, مراجعة شبكة الارقام الاستدلالية بالرفع من ارقامها ومن القيمة المالية لها وذلك في انتظار مراجعة شاملة ومنصفة للفئات المرتبة في جميع السلاليم, الرفع من التعويضات العائلية... تحسين ظروف العمل ومنها: ضرورة توفير بنايات ملائمة مع تجهيزها بما يسمح بالعمل في ظروف مريحة, الاهتمام بالتكوين المستمر ليتمكن الموظف من الاحاطة بالقوانين والمساطير المتبعة وكافة المستجدات على الساحة القانونية والقضائية وذلك باحداث مدرسة وطنية لتكوين موظفي كتابة الضبط, تخصيص وسيلة النقل للموظفين العاملين بمصالح التبليغ والتنفيذ... مطالب معنوية ومنها: مراعاة ظروف الموظف الاجتماعية عند التعيين وتنظيم حركة انتقالية على غرار باقي الوزارات, تمكين الموظفين المحالين على المجالس التاديبية من الاطلاع على ملفهم الشخصي بحضور ممثلين عن النقابة الوطنية, ضرورة تخصيص بطاقة مهنية لجميع الموظفين... مطالب مهنية ومنها: ولوج المهن الحرة (المحاماة, الخبراء, العدول, التوثيق العصري, اعوان قضائيين), ولوج سلك القضاء... جمعية الاعمال الاجتماعية: مراجعة القانون الاساسي للجمعية مع احداث نظام داخلي, دمقرطة الجمعية باشراك المنخرطين في التسيير والمراقبة وتمثيل الاعضاء النقابية, خلق فروع للجمعية في كل دائرة قضائية بالتراب الوطني... كما شمل الملف المطلبي ميادين الاستشفاء والتطبيب, ميدان السكن, مراكز التموين والمقتصديات, ميدان النقل, الاصطياف والمخيمات الصيفية... خلاصة القول, ان العمل النقابي بقطاع العدل واقع تزكيه جميع القوانين الوطنية والدولية, كما تزكيه عمليا وجود نقابات في القطاع في دول تجعلها الدولة نموذجا يحتدى به في التنمية والتقدم المأمول, وان تزايد وتصاعد وتيرة الاضرابات التي تشل الحركة بقطاع ذي أهمية كبرى, ما هو إلا نتيجة حتمية لواقع مر تعيشه شغيلة العدل في ظل تجاهل تام ووعود زائفة دامت لسنوات عديدة.
اسماعين يعقوبي دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد, موظف بالمحكمة التجارية بمكناس