سيظل يوم الأحد 21/02/2010 محفورا في الذاكرة البوذنيبية، شهد حفلا متميزا على الصعيدين المحلي والإقليمي والوطني، وحضرته ثلة من المثقفين الذين قلما ضمتهم هذه البلدة بين أحضانها، إلى جانب رجال السلطة المحلية والمنتخبين. في هذا اليوم تم حفل التوقيع على الكتاب "التراث الشفاهي بتافيلالت: الأنماط والمكونات" الذي صدر تحت إشراف الأستاذين سعيد كريمي وموحا الصواك، وعمل أزيد من ثلاثين باحثا على جمع مادته العلمية من هنا وهناك، ودعمته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. استهل الحفل بآيات من الذكر الحكيم ثم النشيد الوطني، وأعقبته لوحة ترحيبية من إنجاز براعم رياض الواحة، لوحة صفق لها الحاضرون كثيرا. في كلمته أشار د.لفضيلي مصطفى إلى أهمية الحدث الذي يعلن الصرخة الطبيعية لهذا المولود الذي عرفه الإقليم، وتشرف بوذنيب باحتضان الإعلان عن هذه الولادة الطبيعية التي تذكر بعادة العرب القدامى في الاحتفال بالشعر والشعراء، وبعده تناوب على المنصة كل من ممثل السلطة المحلية السيد قائد وادي النعام الذي تحدث عن فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أرسى دعائمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مذكرا بدعوة صاحب الجلالة المجتمع المدني بأن يتحمل مسؤولياته في التنمية المنشودة، ثم أعقبه رئيس الجمعية السيد بنشريف مولاي امحمد الذي ذكر باستراتيجية الجمعية لهذه السنة المتمثلة في الاهتمام بالثقافة باعتبارها جسرا للتنمية لا يمكن لأي مشروع نهضوي إهماله، وختم الكلمات د.كريمي سعيد الكاتب العام لفرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية الذي عرض مجمل الخطوات التي مر منها الكتاب منذ أن كان بدرة إلى أن استوى على سوقه. بعد استراحة الشاي عاد الحضور إلى جلسة علمية برئاسة ذ.محمد كاروي، فاستهل د.لفضيلي مصطفى هذا النقاش بقراءة في الكتاب المحتفى به حاول من خلالها تشريحه وتفكيكه كاشفا من خلال ذلك عن رمزيته وبعض دلالاته الثاوية خلف الاستعمالات اللغوية والأمكنة والرموز، ليخلص في النهاية إلى أن كتاب "التراث الشفاهي بتافيلالت: الأنماط والمكونات" إضافة نوعية كانت الخزانة الثقافية الإقليمية والوطنية في أمس الحاجة إليها. تناول الكلمة بعده د.سعيد كريمي متحدثا عن قيمة هذا المجهود العلمي وبكونه فيضا من غيض يحتاج إلى مزيد من جهود الباحثين والمهتمين من أجل جمع شتاته وإنقاذه من الضياع بضياع أهله، ومذكرا بالمراحل التي مر منها الكتاب إلى أن خرج كاملا. أما ذ.موحى صواك فقد أثار الإشكالات التي يواجهها الباحث في التراث الأمازيغي، مشددا على ضرورة الاهتمام بشيوخ المنطقة وتفريغ ما تحتويه ذاكرتهم قبل أن يتخطفهم الموت واحدا تلو الآخر، لأن موت شيخ يعني احتراق مكتبة كاملة. ولم ينس ذ.زايد أوشنا أن يشير إلى العلاقة الوطيدة بين التراثين العربي والأمازيغي باعتبارهما رافدين من روافد الهوية المغربية. وانتقل ذ.مصطفى عبد السميع العلوي بالحاضرين إلى الحديث عن تاريخ الملحون، وعن ريادة منطقة تافيلالت باعتبارها منبت هذا الفن العريق، مطعما حديثه ببعض الطرائف التي ميزت حياة بعض رموز الملحون في حياتهم. ومنشدا بعض المقتطفات من أشعارهم. ليتسلم بعده ذ.زايد وهنا الكلمة مبينا التحديد الجغرافي والثقافي لمنطقة تافيلالت ومفرشا الحديث عن فن الملولي، ومنشدا لبعض نماذجه الشعرية. وقد أثث هذه الجلسة الشاعر الزياني إبراهيم القادم من مدينة أرفود بقصيدة زجلية عنوانها "تافيلالت"، أثارت إعجاب الحاضرين الذين تجاوبوا معها، وكانت قنطرة عبور إلى اللحظة الموعودة، فتقاطر الحاضرون على نسخ الكتاب حريصين على أن يضع المشرفون على نشره بصماتهم التي تؤرخ لهذه اللحظة. وكان الحضور على موعد في الحصة المسائية مع جلسة زجلية ممتعة ترأسها ذ.زايد وهنا، وكان نجماها الساطعان، ذ.مصطفى عبد السميع العلوي الذي حدث الحضور عن بعض رجالات الملحون، وأنشد قصائد شعرية بعضها من محفوظه وبعضها الآخر من إبداعه الخاص، لينطلق بعده الشاعر الزجال الزياني إبراهيم مشنفا أسماع الحاضرين بقصائد ملكت العقول والقلوب وشدت إليها أسماع الجمهور الذي انطلقت أياديه في حملة تصفيق مدوية. ثم انتقل الحاضرون إلى ساحة محمد السادس، ليمتعوا أعينهم برقصات فلكلورية محلية كفرقة "هوبي" لقبيلة ذوي منيع، وفرقة "بودار" لقبيلة أيت سغروشن، وفرقة "أحيدوس" لقبيلة أيت عطا، وإقليمية كفرقة "كناوة" لابن سالم، وقد أطربت الفرق الفلكلورية الحاضرين الذين حجوا بكثرة إلى عين المكان وضاقت بهم جنبات الساحة، ليختم اللقاء بكلمة رئيس الجمعية السيد بنشريف مولاي امحمد الذي شكر كل من ساهم في هذا الحفل من هيئات وجمعيات، وودع الحاضرين على أمل اللقاء بهم في فرصة قادمة إن شاء الله