لا تستصغر عملا على صغره وبساطته ، فقد يصنع في إحدى لحظات حياتك سعادة لا توصف ، سعادة عميقة عمق الكون ومفرداته ، انذر نفسك مثلا لتخرج بين يديك كوب ماء بارد كل منتصف يوم قائظ ، تقف قليلا عند باب منزلك تهبه بكل حب إلى مار من دون أن يطلبه منك، قبل أن يرتوي به ستعطيه فكرة قد تقلب مسلمة خاطئة سكنت فكره زمنا غير هين، اجلس مليا عند بائع حلوى للأطفال ، تقاسم معه علكة، سترى بريق الانتشاء يشع من عينيه خلسة من رتابة الزمن وقسوته ، قف بسيارتك عند حمال يهم بالعودة إلى حال سبيله منهكا ، ادعه إلى الجلوس بجنبك، ستضع العالم بين يديه آنذاك بلاشك ، اقصد معاقا يريد العبور من رصيف إلى آخر مقابل، ساعده على ذلك، سيرى فيك بلاريب رحمة الله على الأرض، انهض من مقعدك وانت في قطار مكتظ أو إدارة تنتظر دورك لفائدة امرأة حامل أو شيخ عجوز أو عليل سترى وجوها تشرق بنور اللحظة وبهائها، ابتسم للكل، احتضن من يحييك ، تواضع لمن يصغرك سنا وعلما ، احترم من يكبرك . في هذه التفاصيل الصغيرة التي تمر علينا كل يوم ونراها أمورا تافهة لا تستحق الالتفات ولا العناء تجد السعادة وقيمة الانتماء بدون عناء .