في القصر الكبير عدد السكان الفعليين يبلغ اكثر من 100 الف بقليل، بينما عدد الوجوه فيها يقارب النصف مليون وجه…. !!! في القصر الكبير يوجد يساريون يبدؤون المعارك ضد الفساد الناس ثم يحولونها إلى معارك إيديولوجية انتصارا للشيوعية فور ظهور شخص ملتح امامهم لينتهوا على طاولة واحدة مع الفساد في مواجهة "الظلامية"..!!! في القصر الكبير يوجد إسلاميون يفتتحون اجتماعاتهم بآيات حول النزاهة والتعفف ثم يخوضونها حربا ضروسا من اجل المناصب فيما بينهم تجهز على مستقبل مدينة باكملها، قبل ان يختموا الاجتماعات بأدعية المغفرة على ما اقترفت أيديهم…!!! في القصر الكبير جيش من المثقفين والشعراء والنقاد والمحللين السياسيين ومنظري السياسات وإعلاميي اللايف، الذين ينتقدون تسيير المدينة في السر من طرف ضعاف الرصيد الفكري، لكن العديد منهم يبتلعون ألسنتهم او يدعون إلى التحلي بالحكمة كلما اندلع نقاش حول الفساد في العلن … !!! في القصر الكبير عدد اللجان التي تشكلت للنضال من اجل مطالب المواطنين، اكثر من عدد اللجان التي شكلتها الأممالمتحدة لتسوية النزاعات الدولية، ومع ذلك تزداد الاوضاع سوءا …!! في القصر الكبير عدد الجمعيات "التنموية" أكثر من عدد مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ انطلاقها سنة 2005 … !!! في القصر الكبير "رموز" في كل المجالات لا يأتيهم الباطل لا من امامهم او خلفهم، يوزعون صكوك النضال والوفاء وشواهد حسن السيرة النضالية والعلمية والفنية والإعلامية حسب درجة البعد اوالقرب من اهوائهم … !!! في القصر الكبير يمكنك ان تلتقط صورة جامدة وتضعها في الفايسبوك مرفوقة بتعليق يحملها ما لا طاقة لها به، لتنهار عليك التعاليق فتصدق فعلا ان بطل وتبدأ في التصرف كأنك بطل بكل ما تقضيه قواعد البروتوكول …!! في القصر الكبير يمكن ان يطلب منك أحدهم نصيحة أو مشورة وبعد ان تبدي رأيك بكل صراحة معتقدا انك اسديت معروفا، تندلع في وجهك حرب خفية، لتكتشف أنك كنت صريحا "اكثر مما يجب" … !!! في القصر الكبير يمكنك ان تطلب من احدهم إبداء رأيه حول مشروع كتاب او فكرة لتجده قد شرع في تنفيذها على الفور ناسبا إياها لنفسه كإنجاز عظيم … !!! في القصر الكبير يمكنك ان تنخرط في حزب لتمارس السياسة اعتقادا منك أنك في المكان المناسب لقناعاتك لتمارس حريتك في التعبير، فتجد ان الحرية الوحيدة المسموح بها هي حرية الولاء لهذا او ذاك، غير ذلك ستجد نفسك في مواجهة الجميع … !!! في القصر الكبير حروب كثيرة، اسبابها الظاهرة ليست هي اسبابها الكامنة على الإطلاق… !!! في القصر الكبير، إذا كان من نعمة قد يسبغها الله عليك، فهي نعمة النسيان، ان تنسى كل هذا العبث، وأن ينسى الناس انك موجود اصلا في مدينة لا يمكنك إلا أن تحبها وتستعد في نفس الوقت لمغادرتها … !! نهاية البث.