1 – ما سيبقى: كان الكتاب موئل تعارفنا الأول. مثلما كان السعي الحثيث نحو ينابيع الثقافة، رافدا لامتداد أواصر الصداقة بيننا. بين اللقاء الأول، الذي تخطينا فيه عتبات ما سيأتي،واللقاءات التالية، التي أنتجنا فيها ما سيبقى: بدا لي عبد القادر الغزاوي،الكاتب والباحث والإنسان،من الذين يراكمون الإعجاب حولهم أينما حلوا. 2 – كما الظن به: عرفته كاتبا لا يستعير حبر غيره. عرفته باحثا دائم الهرولة نحو أمهات وآباء المصادر والمراجع. عرفته ذواقا للشعر الجيد.ذواقا للسرد البهي. ثم عرفته رجلا فاره المزايا،سامق الخلال،جميل الحضور،أنيق الحديث. في كل حالاته – هذه وتلك – يكون عبد القادر الغزاوي دائما كما الظن به. يرد التحية بضعفها. يشرع شخصيته على الأبعدين والأقربين. يجعل التواضع الوارف ظله الذي لا يسابقه ولا يتأخر عنه. 3 – من رحم الإعجاب: عن وعي جمالي اختار عبد القادر الغزاوي أن تكون باكورة إصداراته حول عراب الشعر العربي نزار قباني. من رحم الإعجاب ولد كتاب عبد القادر الغزاوي: أيظن وأخواتها. هو كتاب طراز وحده. جمع فيه صاحبه روائع القصائد المغناة لنزار: من: أيظن أني لعبة بين يديه. إلى: قارئة الفنجان. ثم: إغضب كما تشاء. كان كامل الشناوي يقول: يظل الإنسان عاقلا إلى أن يصدر كتابا..!! بيد أن صديقنا الأعز عبد القادر الغزاوي كان في كامل قواه الإبداعية وهو يتحفنا بهذا الكتاب. وكان في كامل التحدي حين أكد – على عكس الشاعر المصري كامل الشناوي – مقولة مناقضة فحواها: يظل الإنسان مجنونا إلى أن يصدر كتابا..!! 4 – في هوى الكتب: عبد القادر الغزاوي هذا الآتي من جبلة القصر الكبير: يعشق رائحة الورق. يذوب في هوى الكتب. لا يبايع إلا سلطان الحرف المكتوب. من هنا لن أفشي سرا،إذا قلت إن عبد القادر الغزاوي – اللهم لا حسد..!! – يملك مكتبة زاخرة جدا تزهو بما تحتويه من آطايب الكلام. مكتبة تزدهي بصاحبها الذي جمع شتاتها من كل المظان.باذلا في ذلك جهدا يذكر فيشكر.وباذلا على ذلك مالا ووقتا وحده يدرك وفرتهما ومداهما. لذلك أحب أن أردد في قرارة نفسي،كلما ضبطته يلهث وراء كتاب نادر: الآخرون يراكمون الأرصدة. بينما هو يراكم المعرفة. فهل يستوي الذين يلمعون برنين النقود،مع الذين يلمعون بالذهب الذي يبقى: الكتاب وما يسطرون..؟! 5 – موفور الوداد: لذلك نحن نحب ونكتب عن عبد القادر الغزاوي. وما بين المحبة الموفورة له،والكتابة العبقة بأنسامه: يتراكم عبد القادر الغزاوي في قلوبنا،مثل تراكم الكتب بخزانة بيته العامر في الرباط. 6 – ما أحلى الرجوع إليه: حين أقرأ له: تستوقفني اقتباساته القرآنية التي تمارس الانزياح على العبارة اللغوية،وتجعلها تتزيا بدلالات مغايرة بل مغموسة في ألق هو من يجعلنا ننسى الحمولة الأصلية للعبارة.ونتذكر فقط التعبير المجازي الذي ضمنها الكاتب فيها بحس يجمع بين بهاء المهارة وعنفوان البراعة. من شواهد ذلك،قوله: – فلا تحسبن الذين لحنوا في سبيل الأغنية المغربية نسيانا،بل أحياء عند عشاقهم يسمعون. ثم قوله: – إنا لشعره – يقصد نزار قباني – وإنا إليه راجعون.فما أحلى الرجوع إليه. 7 – صمت العارفين: الذي يدعو الإعجاب إلى صديقي عبد القادر،الذي يجعله محط تقدير كبير،كونه يكتب ويبدع في صمت تام،بعيدا عن البهرجة والضجيج..!! إنه صمت الراسخين في المعرفة. صمت الضالعين في العطاء الذي لا ينتظر المقابل. 8 – لبنات الصرح الشمالي: عبد القادر الغزاوي يتحمل ما لا يطيق من مصاريف وتكاليف فقط من أجل الإسهام في رقي المشهد الثقافي بمنطقة شمال المغرب.ووضع لبنة في هذا الصرح. ولعل أسفاره العلمية المتعددة،التي لا تتوقف،بحثا عن المراجع في المكتبات،وبحثا عن رجالات لهم ذاكرة في هذه المدينة أو تلك،على طول الجغرافية المغربية،أكبر دليل على طبيعة هذا الباحث المتميز،وعلى أمانته العلمية. 9 – قاموس المعرفة: نجلس معا.نتحدث بالساعات. تبهرني ثقافته الشمولية،التي تستند دائما إلى بساطة عفوية وتواضع جم.مع قدرة على الإصغاء والتفاعل مع الآخر. لذلك لن أبالغ إذا أطلقت على عبد القادر الغزاوي لقب: قاموس المعرفة الذي يمشي على قدمين. 10 – حب وحرف وذاكرة: سي عبد القادر: أكتب عنك بحب.وأحبك بالكتابة. في الأمرين: – أنت في القلب. – أنت في الذاكرة. وشاي الله للقصر الكبير التي أنجبتك..!! شاي الله للرباط التي أقمت فيها..!!