كانت لافتا أن نجد صورة عبد العزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، على الفايسبوك وهو يلحس ما تبقى من طبسيل البيصارة في مطعم شعبي تماما كما يفعل أي شخص بسيط ركله الزمن المغربي إلى الهامش.. الصورة، وإن كانت تعود لسنتين مضت، فإنها اليوم جديرة بالتأمل وتفكيك إشاراتها القوية.. نعم فحتى البيصارة يمكن أن تقول كلمتها في هذه التحولات السياسية التي يعرفها المغرب. الحمد لله الذي مكننا أن نرى شخصا يجلس بكبوطه بجوارنا في المطعم الشعبي ويطلب زلافة من البيصارة بقيمة جوج دراهم و” ينزل” عليها بكسرة خبزه.. ثم نراه بعد ذلك يتحدث في التلفزة بصفته مسؤولا عن وزارة فيها “بيصارة” من الكريمات والفلوس و الصفقات والمشاريع !! في زمن ما كان المغاربة يعتقدون أن وزراءهم ليسوا من فصيلتهم.. هم أناس يولدون ملفوفين في الحرير ويتربون في النعيم و عندما يكبرون يهديهم آباؤهم حقيبة وزارية لكي “يفوحوا” بها على أقرانهم.. كان نادرا فيما مضى أن يخرج شاب ولد في بيت أبيه المتهالك وعاش وسط إخوته العشرة ودرس حيث ندرس ولعب حيث نلعب ولبس ما نلبس وأكل ما نأكل.. ثم في الأخير يصبح وزيرا.. هذا يسمونه الحاماق!! اليوم تشتكي بعض الرؤوس الكبيرة في الدولة من ظاهرة عزوف الناس عن السياسة وعدم ثقتهم في مسؤوليهم.. طبعا لا يذكرون الأسباب، ولو ذكروها سنكتشف حتما سببا واحدا مقنعا من بين أسباب عديدة.. فعموم المغاربة يرون أن معظم مسؤوليهم متكبرون ولا يحاولون النزول إلى واقعهم والإنصات إليهم في غير مواسم الصناديق.. يقول المغربي دائما “كيف لمن عاش في السانك إيطوال أن يحس بمعاناة الجالسين أسفل الزنك والقطرة”.. الإنسان البسيط يحبك أكثر عندما تتواضع معه.. ويكرهك إن حاولت أن تستصغره و”تعلق عليه العشرة”.. طبعا خصلة التواضع والإحساس بالبسطاء في المسؤول لا تكفي لوحدها.. لكن يجب أن تقترن بالكفاءة والنزاهة حتى يفيد البلاد والعباد.. وطبعا لا نريد أن يأكل معنا عزيز الرباح البيصارة ويذهب في الكونكو إلى الوزارة.. ثم يستبدلها بعد ذلك بالأودي ويتجه رأسا إلى المامونية ليأكل البسطيلة.. وينسانا!!!